في تحليل مطول، حذّر الكاتب والسياسي اليمني ووزير النقل السابق صالح الجبواني من أن التطورات العسكرية المتسارعة في وادي حضرموت وصحراء المهرة ليست مجرد حدث عابر، بل تمثل "المشهد الأخير في مسلسل طويل من الانهيار التدريجي" لسلطة الحكومة الشرعية اليمنية، معتبراً أن هذه التطورات تضع كيان الدولة اليمنية برمته أمام خطر وجودي.
انهيار السلطة وفراغ القوة
يرى الجبواني في تحليله أن ما جرى هو نتاج طبيعي لتراجع هيبة الحكومة المعترف بها دولياً، والتي خسرت تدريجياً مواقعها وقراراتها، مما فتح الباب على مصراعيه لملء الفراغ من قبل مختلف المليشيات المسلحة. ويشير إلى أن هذه المليشيات باتت تتصرف كـ"دولة فعلية" على الأرض، فيما تتراجع الحكومة الشرعية إلى دور الضيف الثقيل في وطنها.
ويؤكد الكاتب أن هذا المسار كان متوقعاً، وأن التحذيرات التي أُطلقت في الماضي من مغبة ترك الساحة للمسلحين قوبلت بالتجاهل، مما قاد البلاد إلى حافة الانهيار الكامل والتقسيم الذي "لا يبقي ولا يذر".
المجلس الانتقالي أمام "امتحان الدولة"
وبحسب التحليل، فإن المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي سيطر على مناطق واسعة في شرق البلاد، قد استنفذ كل حججه وذرائعه، ولم يعد يملك عذراً للتخلي عن مسؤولياته.
ويضيف الجبواني أن المجلس يجد نفسه اليوم أمام "مأزق وجودي"، حيث سقطت كل الشعارات والأعذار، ولم يبق سوى الامتحان الحقيقي:
امتحان بناء الدولة
.
ويوضح التحليل أن بناء الدولة يتجاوز السيطرة العسكرية، ويستلزم توفر عناصر حيوية مثل: الشرعية الدولية، والاعتراف الإقليمي، والمؤسسات الفاعلة، والاقتصاد القادر على الاستدامة، وقبل كل شيء، الوحدة الوطنية التي يغيب أثرها اليوم حتى داخل الجنوب نفسه. ويرى الكاتب أن المجلس الانتقالي دخل مرحلة جديدة تماماً، لم يعد يُحكم فيها بالسلاح، بل بالحسابات الإقليمية والدولية المعقدة والضغوط التي قد لا يكون مستعداً لها.
رسالة مباشرة للرياض: تحذير من تبعات التقسيم
وجّه الجبواني رسالة صريحة إلى القيادة السعودية، مؤكداً أنه تم تحذيرها مراراً من أن "الإمارات تمضي باتجاه تقسيم اليمن بخطوات متتابعة"، وأن أي تهاون أو غض نظر سيشجع على الذهاب إلى نهاية الطريق.
ويشير التحليل إلى أن "البيروقراطية السعودية" أدت إلى تأخر في التعامل مع الأزمة، حيث كانت الردود تأتي متأخرة بعد أن تكون الوقائع قد استقرت والموازين قد اختلت.
ويحذر الجبواني من أن استمرار هذا الوضع سيحول "تحالف دعم الشرعية" إلى تحالف بلا هدف أو شرعية، وستجد المملكة نفسها "مسئولة مسئولية مباشرة" عن تفكك كيان الدولة اليمنية.
تداعيات إقليمية وأمل في "الحكمة السعودية"
يختتم الجبواني تحليله بالتأكيد على أن تداعيات تقسيم اليمن لن تتوقف عند حدوده، بل ستترك أثراً عميقاً على الأمن والاستقرار في الإقليم بأسره.
ومع ذلك، يعوّل الجبواني على "حكمة القيادة السعودية" التي يصفها بالعامل الأهم في تصحيح المسار الحالي، وتعزيز استقرار اليمن، ومنع تفاقم وضعٍ باتت مخاطره تتجاوز الجغرافيا اليمنية.
ويأتي هذا التحليل في ظل حالة من القلق المتزايد في الأوساط السياسية اليمنية والإقليمية إزاء التغيرات الديموغرافية والعسكرية في شرق البلاد، وما قد تمهّد له من مراحل جديدة في الصراع اليمني المعقد.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news