في خطوة استراتيجية نحو تعزيز التغطية الإعلامية للقضايا البيئية الملحة في اليمن، اختتمت، في مدينة عدن، فعاليات ورشة العمل المتخصصة لبناء القدرات الإعلامية حول "التغير المناخي والطاقة المتجددة". الورشة التي نظمتها مؤسسة الصحافة الإنسانية (hjf) بالشراكة مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية (FES) – مكتب اليمن، مثلت جسراً بين المعرفة العلمية والمهارات الصحفية، بهدف تزويد الإعلاميين بالأدوات اللازمة لـ "أنسنة" قضايا المناخ.
استمرت الورشة لثلاثة أيام متتالية، خلال الفترة من 10 إلى 12 نوفمبر 2025، واستهدفت نخبة من 20 صحفياً وصحفية يمثلون مختلف وسائل الإعلام (تلفزيون، إذاعة، صحافة إلكترونية)، إلى جانب أكاديميين وطلاب من كلية الإعلام بجامعة عدن. وقد ركز البرنامج التدريبي على تزويد المشاركين بالمهارات والأدوات اللازمة لتغطية قضايا التغيير المناخي والبيئة والطاقة المتجددة بعمق وتأثير، عبر خبراء في الصحافة العلمية وصحافة المناخ والبيئة.
غطى البرنامج التدريبي، الذي قدمه نخبة من الأكاديميين والخبراء، محاور متعددة جمعت بين المعرفة العلمية المتقدمة والمهارات الصحفية العملية. انطلقت فعاليات اليوم الأول (10 نوفمبر) بالتسجيل والافتتاح الرسمي بمشاركة بسام القاضي، رئيس مؤسسة الصحافة الإنسانية، ومحمود قياح، مدير البرامج بمؤسسة فريدريش إيبرت.
كانت المحاضرة المحورية للبروفيسورة ندى السيد حسن، أستاذة علوم الحياة والأرض، والتي تناولت التغيرات المناخية من حيث الأسباب والآثار وآليات التكيف (Adaptation)، مع تحليل معمق لتأثيرها على اليمن، متطرقة إلى مفاهيم دقيقة مثل "القولنة".
تضمنت الجلسات اللاحقة مقدمة في صحافة البيئة، وأساليب البحث عن زوايا ومواضيع جديدة في الكتابة العلمية، إضافة إلى تقنيات المقابلة الصحفية في مجال المياه والبيئة. واختتم اليوم بجلسة تفاعلية هامة قادها بسام القاضي حول "أنسنة التغطيات المناخية"، وكيفية ربط البيانات العلمية بالقصص الإنسانية المؤثرة.
تم تخصيص اليوم الثاني (11 نوفمبر) للبحث في حلول الطاقة، حيث قدم المهندس علي حكمة، باحث وخبير في الطاقة المتجددة، محاضرة شاملة حول هذا القطاع الحيوي، مستعرضاً الفرص والتحديات المتعلقة بتطبيقها في اليمن. ولإثراء الجانب العملي، استُضيف مراسل وكالة رويترز في اليمن، الصحفي محمد الغباري، الذي يعمل لدى الوكالة العالمية منذ أكثر من عقدين، ليتحدث عن تجاربه الميدانية. بعد ذلك، استكمل المدرب الجلسات حول كتابة تقارير معمقة عن الطاقة المتجددة، والكتابة عن العلوم والبيئة، وصولاً إلى جلسة تطبيقية لبسام القاضي حول "الكتابة الإنسانية الإبداعية والسرد القصصي الرقمي" لقضايا الطاقة النظيفة.
في اليوم الختامي (12 نوفمبر)، بدأت الجلسات بمراجعة ومناقشة التكليفات التي قام بها المشاركون بإشراف المدرب، وهو ما أتاح فرصة لتقييم المهارات المكتسبة. كما استضافت الورشة الدكتور جمال باوزير، خبير البيئة والتنمية المستدامة والباحث في مركز علوم البحار، الذي قدم محاضرة متخصصة حول "محميات الأراضي الرطبة في عدن وعلوم البحار"، ما ربط التحدي المناخي بالبيئة المحلية. واختتم التدريب بمناقشات حول إعداد تقارير فردية حول قضايا مثل النفايات الإلكترونية، والأخلاقيات في الكتابة العلمية، إضافة إلى شرح "تقنيات وأدوات مفتوحة المصدر لتغطية قضايا المناخ والبيئة".
وفي ختام الورشة، جرى حفل توزيع الشهادات على الصحفيين المشاركين الذين أتموا بنجاح الدورة التدريبية، بحضور رئيس الهيئة العامة لحماية البيئة فرع عدن المهندس نيازي مصطفى محمود، إلى جانب مدير برامج مؤسسة فريدريش إيبرت محمود قياح، ورئيس مؤسسة الصحافة الإنسانية بسام القاضي.
وفي كلمته، أكد القاضي نجاح الورشة في تزويد الصحفيين بالمهارات اللازمة لإنتاج تحقيقات معمقة تخدم قضايا الاستدامة البيئية والطاقة النظيفة، مشيراً إلى أن "طموح المؤسسة هو إعلام مهني محترف وأكثر إنسانية". كما جدد شكره لمؤسسة فريدريش إيبرت على دعمها الاستراتيجي المستمر. من جانبهم، أشار المشاركون إلى أن الورشة شكلت إضافة نوعية لخبراتهم. وقال أحد المشاركين: "الآن أصبح لدينا الأدوات ليس فقط لكتابة الخبر، بل لربط التغير المناخي بحياة الناس اليومية وتوجيه السياسات العامة نحو الطاقة المستدامة."
يذكر أن مؤسسة الصحافة الإنسانية (hjf) هي منظمة مجتمع مدني مستقلة وغير حكومية وغير ربحية، تأسست في عدن عام 2019. وتُعدّ من أبرز وأكبر المنظمات المتخصصة في اليمن في مجال العمل المناخي والبيئي، وتطوير وأنسنة الإعلام، وهو ما يفسر تركيزها على ربط التنمية المستدامة بالإعلام المهني.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news