“برّان برس” يسلط الضوء على مسيرة تلاحم اليمنيين للتحرر من الاستبداد والاستعمار وصولًا للوحدة الوطنية

     
بران برس             عدد المشاهدات : 1015 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
“برّان برس” يسلط الضوء على مسيرة تلاحم اليمنيين للتحرر من الاستبداد والاستعمار وصولًا للوحدة الوطنية

منذ انقلاب جماعة الحوثي المصنفة دوليًا في قوائم الإرهاب، أواخر العام 2014، تصاعدت محاولات تمزيق الهوية اليمنية الجامعة وإعادة إنتاج الانقسام وترسيخ التشظي، متجاوزة حدود الجغرافيا إلى استهداف الذاكرة الوطنية والموقف التاريخي المشترك الذي ارتكزت عليه الثورة اليمنية ضد الاستبداد شمالًا وضد الاستعمار جنوبًا.

يظهر هذا التوجه في منع الجماعة الحوثية المدعومة إيرانيًا الاحتفال بثورة 26 سبتمبر 1962 في صنعاء وبقيّة المناطق الخاضعة لسيطرتها بقوة السلاح شمالًا، حيث تتعامل مع الثورة بوصفها “انقلابًا” على حكم أسلافها الأئمّة الذين حكموا شمال اليمن طويلًا بالحديد والنار.

في المقابل، انتهج المجلس الانتقالي الجنوبي الخطوة ذاتها في مدينة عدن المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد (جنوبي اليمن) وباقي المناطق الجنوبية التي يهيمن عليها، معتبرًا ثورة 26 سبتمبر شأنًا “شماليًا” لا يعني الجنوب.

كذلك، غابت مظاهر الاحتفاء بثورة 14 أكتوبر/تشرين الأول 1962 في صنعاء وعدن في ظل سياسة تدفع نحو إعادة تفكيك الروابط الوطنية التاريخية، وتُعيد تعريف الاستبداد والاستعمار بما ينعكس نقمة على حياة اليمنيين وحرّيتهم وتطلعاتهم في المستقبل.

في هذه المادة، يسلط “برّان برس” الضوء على الجذور التاريخية للنضال اليمني المشترك، مستعرضًا شهادات تاريخية تؤكد وحدة الأهداف والغايات لدى أحرار الثورة اليمنية، سبتمبر وأكتوبر، الذين وضعوا الأسس لمشروع الوحدة الوطنية الشاملة وبناء الدولة اليمنية الحديثة.

عدن تساند صنعاء

وثّقت سجلات وشهادات الثورة موقفًا مميزًا لأبناء جنوب اليمن- أفرادًا ومكونات وحركات وطنية- تجاه ثورة 26 سبتمبر منذ لحظاتها الأولى.

المناضل عبدالله مطلق صالح، وهو أحد رموز ثورة 14 أكتوبر، يروي جانبًا من هذا الموقف قائلًا: “ما إن سمع الناس عبر أثير إذاعة صنعاء ببيان إعلان الثورة وسقوط الإمامة حتى خرج أبناء المناطق الجنوبية إلى شوارع المدينة في عدن وبقية المناطق، معبرين عن فرحتهم وسرورهم وبهجتهم بالثورة، وفق وثائق الثورة اليمنية الجزء الأول الصادر عن دائرة التوجيه المعنوي للعام 2004.

ويؤكد اللواء المناضل علي محمد الشامي، أن الفرحة تجاوزت الشعارات إلى الموقف العملي؛ فقد “رفعت أعلام الجمهورية على البيوت والسيارات في الجنوب”. مضيفًا أن مواطنين في عدن “كانوا يملكون سيارات نقل أرسلوها مجاناً للخدمة في المجهود العسكري”. كما التحق أبناء عدن في قوات الحرس الوطني للدفاع عن الثورة إلى جانب أبناء تعز وإب وريمة.

هبة الجنوب لإسناد الجمهورية

لم يقتصر الموقف على التأييد المعنوي، بل تحوّل إلى دعم عسكري ميداني، إذ توجهت جموع شعبية من مختلف مناطق الجنوب إلى ميادين القتال في الشمال دفاعًا عن الثورة الوليدة. بدأت طلائع المتطوعين بالتدفق نحو صنعاء منذ الأسبوع الأول لقيام الثورة، وخاصة من عدن ثم لحج وأبين وشبوة والضالع ويافع وحالمين والأزارق والشعيب والصبيحة وغيرها.

ووصف المناضل اللواء حمود بيدر، هذا التحرك بأنه “كالبركان” قائلًا: “هب أبناء الجنوب كالبركان، ووصلوا إلى تعز وصنعاء في زمن قياسي، مؤيدين ومباركين قيام الجمهورية”. 

وأضاف في ورقة عمل قدمها ضمن وثائق ندوة الثورة اليمنية: شكلت منهم سرايا الحرس الوطني، وتم تسليحهم وإرسالهم- مع إخوانهم من أبناء الشمال- إلى المناطق الشمالية الغربية للتصدي للهجمة الاستعمارية الرجعية الشرسة. مستعرضًا “توالى تأييد الثورة من كل أنحاء اليمن، وبالأخص من عدن المدينة الخالدة التي احتضنت الأحرار منذ الأربعينات حتى قيام ثورة 26 سبتمبر”.

ووفق المناضل والمؤرخ سعيد الجناحي، فما إن أعلن نداء الثورة الداعي للتطوّع دفاعاً عن الثورة الوليدة حتى “تدفّقت من عدن أفواجًا من المتطوّعين بلغ عددهم في الأسبوع الأول 5 آلاف وارتفع العدد إلى 20 ألفاً. كما لبّى النداء “آلاف من أبناء ريف الجنوب، وخاصة من أبناء ردفان والضالع ويافع، ومن جميع أنحاء الوطن اليمني”.

ويؤكد المناضل عبدالله مطلق صالح، أن الآلاف من أبناء المناطق الجنوبية اجتازوا “الحدود الوهمية التي وضعها الاستعمار” للدفاع عن ثورة 26 سبتمبر، مضيفًا أنهم “خاضوا أشرس المعارك جنباً إلى جنب مع إخوانهم من أبناء المناطق الشمالية وأشقائهم في الجيش المصري“.

فيما أكد المناضل محمد صالح المصلي، هو الآخر مشاركة مجاميع كبيرة من يافع في معارك حصار السبعين مع الشهيد الشيخ عبدربه العواضي، وكان ضمن المجاميع المقاتلة مدافعون جاؤوا من يافع وباكازم وبيحان والبيضاء وغيرها.

وبحسب اللواء أحمد مهدي المنتصر، أحد أبرز قادة ومناضلي ثورة 14 أكتوبر، فقد “كان لأبناء ردفان والحواشب والصبيحة ويافع والضالع وآل مفضل والعواذل ودثينة والعوالق وبيحان دور كبير في رفد ثورة 26 سبتمبر والدفاع عنها”.

ويلخص اللواء علي محمد السعيدي، وهو أحد أبرز مناضلي الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر، هذا التلاحم بقوله إن “المواطنين في شمال الوطن وجنوبه كانوا للثوار في الشطرين كالماء للسمك”. مضيفًا أن “مشاركة مناضلي الشطر الجنوبي إخوانهم في الشمال للدفاع عن الثورة أمام هجمة الإماميين كانت بلا حدود”. 

وتحدث عن خارطة انتشار المقاتلين قائلًا: شهد جبل المحابشة مرابطة أبناء ردفان وحالمين بجانب أبناء إب، وكان رموز ثورة 14 أكتوبر راجح لبوزة وآل المحلأ والشيخ مقبل قطيبي ومحمود البكري مع زملائهم في الشمال في صنعاء وبني حشيش والصمع والسد وبلاد الروس ونقيل يسلح وخولان.

قاعدة إسناد 14 أكتوبر

مثلت مشاركة أبناء الجنوب للدفاع عن ثورة 26 سبتمبر تحديًا مباشرًا للقيود التي فرضها الاستعمار البريطاني ومنها إصداره قانوناً يجرّم ذهابهم إلى صنعاء، انطلاقًا من إدراكه أن النظام الجمهوري يختلف جذرياً عن حكم الإمامة الذي تعايش مع سلطتهم، وأن الوضع الجديد يؤمن بقضية تحرير الجنوب بكل السبل المتاحة.

وطبقًا للمناضل عبدالله مطلق صالح، فإن هذه المشاركة كانت ضرورية “لأن الكل يدرك أنه من أجل طرد المستعمر لابد من وجود سند أساسي لدعم الثورة ضد الإستعمار، ولهذا كان لا بد من الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر. واعتبر أن قيام ثورة 26 سبتمبر كان له “أثراً كبيراً في قيام ثورة 14 أكتوبر لتحرير جنوب الوطن من الاستعمار”.

المناضل الجناحي، أكد أن ثورة 26 سبتمبر شكّلت “قاعدة إسناد” للحركة الوطنية في الجنوب، حيث سمحت بتواصل حركة النضال الوطني وترابط أهدافها بشكل مباشر، لتصبح ساحة الشمال “ساحة لقاءات القوى الوطنية للدفاع عن ثورة سبتمبر وخلفية لانطلاق النضال الوطني لتحرير الجنوب”.

وأضاف الجناحي، أن الجماهير في الجنوب استمدت من ثورة 26 سبتمبر “قوة معنوية هائلة تجلّت في المظاهرات الصاخبة التي خرجت تجوب شوارع عدن متحدّية الوجود الاستعماري وقواته”.

معركة وهدف واحد

المناضل الدكتور عبدالله بركات، يؤكد أن ثورة 26 سبتمبر كانت “العمق الاستراتيجي” لثورة 14 أكتوبر، حيث ساندتها سياسياً وإعلامياً وعسكرياً. مؤكدًا أن الثوار في الشمال والجنوب كانوا “يسعون لهدف واحد هو التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما... وهنا التقى الشمال والجنوب في الأهداف والتضحيات مشكلاً جسراً للنضال اليمني المشترك”.

استمر هذا التلاحم حتى بعد أكتوبر، إذ يشير اللواء السعيدي، إلى أن جيش التحرير في الجنوب وجد من إخوانه في الشمال “كل الدعم رغم ما كانوا عليه من إرهاق بسبب استمرار دفاعهم عن ثورة 26 سبتمبر، واستمر هذا التلاحم حتى بعد 30 نوفمبر”. 

كما تجسّد التلاحم في مؤسسات الدولة، حيث يوضح اللواء بيدر، أن حكومة الثورة فتحت الكليات والمدارس العسكرية المختلفة في صنعاء وتعز أمام أبناء الجنوب إلى درجة أن الكلية الحربية بصنعاء “استوعبت 50% من منتسبيها من أبناء الجنوب اليمني المحتل”، وأرسلت البعثات يمثلون مختلف المناطق اليمنية. كما أنشأت قيادة الثورة إذاعة جديدة في تعز لتلهب حماس ثوار 14 أكتوبر ضد الإستعمار وعملائه.

وميدانيًا، قال المناضل ناصر علوي السقاف، إن الأبطال عادوا من جبهات الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر لإشعال شرارة الثورة في الجنوب ومنهم الثائر راجح لبوزة الذي عاد “ومعه 100 مقاتل وقد سمع بقانون حكومة الاتحاد وبعد التشاور مع القيادة والحكومة من شماليين وجنوبيين أعلن أنه سيعود وسيقاوم”. 

كما أن “طلائع أبنا الجنوب المدافعة عن ثورة سبتمبر” اتفقت أثناء اجتماع تأسيس جبهة تحرير الجنوب المحتل في 24 فبراير 1963، وما تلاه من اجتماعات ونشاطات وطنية على “تهيئة الظروف لتسريع إعلان الثورة”.

ثورة الاستقلال

في 14 أكتوبر 1963، انطلقت الشرارة الأولى للثورة اليمنية ضد الاستعمار البريطاني في جنوب الوطن، بقيادة الشهيد راجح بن غالب لبوزة. 

وعلى مدى أربع سنوات، خاض اليمنيون معارك عنيفة على أكثر من 10 جبهات قتال مشتعلة، تكللت بالنصر والاستقلال الوطني الناجز في 30 نوفمبر 1967، لينتهي بذلك احتلال دام 129 عاماً. 

وكان من أهداف الثورة الأكتوبرية “إعادة وحدة الشعب اليمني شمالاً وجنوباً سيراً نحو وحدة عربية متحررة”، وقد تُوجت بإعادة تحقيق الوحدة الوطنية الشاملة في 22 مايو/أيار 1990، والذي كان الحلم الأكبر لكل اليمنيين شمالًا وجنوبًا.

نهر واحد

حذر شاعر اليمن وفيلسوفها عبدالعزيز المقالح، خلال الندوة الوطنية التوثيقية للثورة اليمنية- 14 أكتوبر، من “الهجمة الشرسة على الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر”، مؤكدًا أنها “تستهدف في بداية الأمر الخلط والتشويش والتفريق بين الثورتين”.

وفي رؤية فلسفية جامعة، أكد المقالح، أن المواطن اليمني يرى الثورة اليمنية “كنهر واحد بداياته سبتمبر وأكتوبر وأفقه الواسع الانتصار الأكبر في 22 مايو 1990”. داعيًا المثقفين الوطنيين في الأحزاب وخارجها إلى التركيز على هذا التلاحم بوصفه “المدخل الطبيعي إلى بناء اليمن الواحد وتحريره من مخلفات عهود التشطير والعبودية”.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

“برّان برس” يسلط الضوء على مسيرة تلاحم اليمنيين للتحرر من الاستبداد والاستعمار وصولًا للوحدة الوطنية

بران برس | 1015 قراءة 

أمير غالب: انتصرنا بالصدق والنزاهة ومحبة الناس رغم كل المؤامرات

حشد نت | 832 قراءة 

عاجل.. الرئيس يعود إلى العاصمة عدن على متن طائرة سعودية خاصة ويدلي بتصريح فور وصوله

مأرب برس | 746 قراءة 

انشقاق قائد عسكري كبير من الحو ثي بصنعاء وانضمامه الى الشرعية

كريتر سكاي | 702 قراءة 

طعنة غادرة وموجعة تنهي أحلام ” الانتقالي” بدولة جنوبية مستقلة

المشهد اليمني | 641 قراءة 

ترامب يعلن بدء المرحلة الثانية لاتفاق غزة بعد تبادل الرهائن

حشد نت | 633 قراءة 

تفاصيل مثيرة عن استقالة قائد عسكري كبير

كريتر سكاي | 612 قراءة 

مصدر: أركان حرب المنطقة العسكرية الثانية يصل عدن برفقة رئيس مجلس القيادة وسط توقعات بتعيينه في منصب رفيع

عدن تايم | 602 قراءة 

تحليل أمريكي يكشف المصدر الرئيسي للصراع داخل المجلس الرئاسي

يني يمن | 468 قراءة 

مصادر في تعز تتحدث لـ“برّان برس” عن انشقاق قيادي عسكري من صفوف الحوثيين وتروي تفاصيل خلافه مع الجماعة

بران برس | 393 قراءة