المصدر: (أ ف ب)
على وقع استعداداتها لانطلاق عملية عسكرية محلية مرتقبة، مدعومة دوليا، أجرت ، في المناطق الخاضعة لسيطرتها، شمالي اليمن، تغييرات أمنية واسعة على نحو غير مسبوق، في سياق تعزيز قبضتها وسطوتها الأمنية، وسط مخاوف من حدوث اختراقات.
وكشفت وثائق مسرّبة، عن "قرارات غير معلنة" أصدرها ما يسمى بـ"وزير الداخلية" في حكومة الحوثيين، عبدالكريم أمير الدين الحوثي، عمّ زعيم الميليشيا عبدالملك الحوثي، منتصف الأسبوع الماضي، تطيح بجميع مديري الإدارات الأمنية في مختلف مديريات المحافظات الخاضعة لسيطرتهم، دفعة واحدة.
وقالت مصادر في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، لـ"إرم نيوز"، إن ميليشيا الحوثي أقالت قرابة 200 ضابط أمني، من مناصبهم في قيادة أقسام الشرطة في 11 محافظة واقعة تحت سيطرتهم كليا وجزئيا، وعيّنت وكلفت بدلاء عنهم من عناصرها.
وذكرت المصادر، أن تعيينات الحوثيين استبدلت العشرات من ضباط الشرطة المؤهلين، بآخرين من عناصر الميليشيا وفق أسس طائفية وأيديولوجية، ضمن توجهاتها الرامية إلى التفرد الكامل بالسلطة، التي بدأت بإقصاء شركائها في الانقلاب على الدولة، واستيلائها على السلطة القضائية من خلال التعديلات القانونية المخلّة بالدستور، وصولا إلى فرض عناصرها حتى على مستوى أقسام الشرط في المديريات.
وتأتي التعيينات الأمنية الواسعة، في ظل تحشيدات عسكرية وتحضيرات واسعة يقوم بها الحوثيون، في المناطق الجنوبية الغربية من محافظة الحديدة الساحلية غربي البلاد، للتصدّي لعملية "عسكرية أمريكية محتملة" بمشاركة قوات الحكومة الشرعية، تهدف إلى إنهاء وجود الحوثيين قرب سواحل البحر الأحمر، ووقف تهديداتهم على ممرات الملاحة الدولية.
ويرى المحلل السياسي خالد سلمان، أن "الحوثيين يديرون سلطتهم بعدم الثقة وبسياسة الارتياب، والتدرج بالسيطرة بعد الاستفادة من جهاز الدولة السابق، وتحديدا الأجهزة الأمنية، إلى توجه مواز ببناء مؤسساتهم الخالصة على قاعدة الولاء والثقة مع قليل من الكفاءة".
وقال سلمان لـ"إرم نيوز"، إن "ما يحدث من تغييرات أمنية، لا يخرج عن سياق تحويث كل هيئات الحكم السياسية والخدمية والأمنية والموارد".
وبين أن "سياسة الإفقار والفشل في إدارة الدولة التي يعمل بها الحوثيون، يجعلهم يواجهون تحديات عديدة، أخطرها الافتكاك من حول شعاراته، وتوفر بيئة حاضنة لتفكيك مؤسساته من الداخل، عبر المقاومة السلمية وبوساطة هبّات اجتماعية تبدأ بالمطالب المعيشية وتنتهي بالسياسية".
وأشار إلى أن "التغييرات في الوقت الراهن، تأتي في ظل حالة الإرباك التي تعيشها ميليشيا الحوثي، جراء توسيع الضربات العسكرية ضد منشآتها، وتعاظم الشكوك من حراك داخلي يزعزع أمنها، ويضعف قبضتها البوليسية القمعية".
وذكر أن "ما يحدث في لبنان من تصفيات لحزب الله، يرمي بظلال الارتياب بين قيادات الصف الأول، ويوسع مساحة الشك بالاختراقات، ويجبر الحوثيين على إعادة هيكلة أمنهم بوصفات ومسميات مذهبية خالصة".
خسارة الحديدة
ومن جهته، قال مدير مكتب وزارة الإعلام لدى الحكومة اليمنية في محافظة الحديدة، علي الأهدل، إن "الحوثيين فرضوا 26 شخصية بصفة مديري أمن مديريات المحافظة، جميعهم من الدائرة الضيقة المرتبطة بالمخابرات الإيرانية مباشرة، وهم من أبناء صعدة وعمران وحجة وصنعاء، ممن تدربوا في قمّ بإيران تحت إشراف قيادات أمنية إيرانية".
وأضاف الأهدل أن "هذه الخطوة تبرز بوضوح الرعب الحقيقي الذي تعيشه إيران من فقدان سيطرتها على سواحل البحر الأحمر، وتشير إلى فقدان الثقة تماما بأدواتها السابقة، وتظهر خشيتها من الانشقاقات وتصدع الوضع الداخلي في الحديدة، خاصة مع ارتباك الأوضاع العسكرية المتدهورة".
وأشار في تدوينة على منصة "إكس"، إلى أن "فقدان الثقة بمديري الأمن السابقين، واستبدالهم بشخصيات تدين بالولاء المباشر لإيران، يعكس نيتهم إنهاء دور الشخصيات الاجتماعية المحلية التي تورطت بالولاء للحوثيين، ويهدف إلى مراقبتهم عن كثب لمنع أي تعاون مع القوات الحكومية المشتركة".
ويقول الخبير العسكري، العميد محمد عبد الله الكميم، إن "هناك حالة من الغضب والسخط الكبيرين في أوساط ضباط وخريجي كلية الشرطة وأصحاب الخبرة الأمنية والإدارية، بسبب قرارات الحوثي، التي أزاحتهم من أعمالهم ووظائفهم".
وأكد أن "جميع من عُيّنوا من قبل الحوثيين، ليسوا عسكريين إطلاقا، وينتحل بعضهم صفة الضباط ويوصف بعضهم بالأخ في القرارات الصادرة، بينما هم من خريجي الضاحية الجنوبية وقمّ، ولا يحملون أدنى مستويات من الكفاءة".
.
//
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news