تشهد السواحل والحدود اليمنية تصاعداً مقلقاً في أنشطة تهريب المهاجرين غير النظاميين القادمين من القرن الأفريقي، وسط غياب شبه تام للرقابة الرسمية بفعل الحرب المستمرة، الأمر الذي حوّل اليمن إلى محطة عبور رئيسية نحو دول الخليج.

شبكات متعددة… وضبط متورطين

أعلنت السلطات الأمنية مؤخراً تفكيك شبكتين للتهريب، الأولى في محافظة المهرة شرقاً والثانية في أبين جنوباً. وكشفت التحقيقات أن شبكة المهرة يقودها رئيس الجالية الإثيوبية هناك، فيما اتُّهمت شبكة أبين بالعمل تحت إشراف مباشر من قيادات في جماعة الحوثي.

المهرة: رئيس جالية في قفص الاتهام

في مديرية شحن بالمهرة، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على رئيس الجالية الإثيوبية بعد مراقبة استمرت أشهراً، بتهمة إدارة واحدة من أنشط شبكات التهريب عبر الحدود اليمنية-العُمانية.

المتهم يواجه اتهامات بالاتجار بالبشر وابتزاز المهاجرين وتهديدهم بالإبلاغ مقابل مبالغ مالية. وقال نائب قائد الشرطة ورئيس قسم التحقيقات الجنائية، رشيد الصلاحي، إن الأدلة المتوفرة تثبت إدارة المتهم لشبكة منظمة تعرض حياة المهاجرين للخطر مقابل مكاسب مالية.

أبين: خيوط تصل إلى صعدة

في أبين، نشرت الشرطة اعترافات مصوّرة لمتهمين آخرين أكدوا أن نشاطهم كان يتم بتمويل وإشراف القيادي الحوثي صالح حرمل من صعدة.

وبحسب الإفادات، يبدأ التهريب من استقبال المهاجرين على السواحل الجنوبية، ثم نقلهم براً أو بحراً حتى صعدة التي تُعد محطة رئيسية قبل العبور إلى الخليج.

أحد المعتقلين ويدعى أحمد عبده، اعترف بتوفير معدات لوجستية بتمويل قادم عبر وسطاء وشركات صرافة في صنعاء وصعدة. واتهم آخرون كلاً من حرمل، عثمان المشير، وماجد الشيبة بالإشراف المباشر على هذه الشبكة.

شبوة: قوارب جديدة وتحذيرات رسمية

في تطور متصل، أعلنت شرطة شبوة وصول قارب يقل 120 مهاجراً غير نظامي – معظمهم إثيوبيون – إلى سواحل مديرية رضوم.

وعقب الحادثة، عقد المحافظ عوض الوزير اجتماعاً مع القيادات الأمنية والعسكرية، محذراً من مخاطر أمنية وصحية واجتماعية متفاقمة، ومنتقداً ضعف استجابة المنظمات الدولية المعنية.

هجرة محفوفة بالموت

تؤكد هذه التطورات أن اليمن، رغم أزماته الداخلية، ما زال يمثل ممراً رئيسياً لعشرات الآلاف من المهاجرين الأفارقة سنوياً. هؤلاء يواجهون مخاطر الغرق، والاستغلال، والابتزاز، إلى جانب ظروف إنسانية قاسية.

وبينما تسعى السلطات المحلية إلى ضبط بعض الشبكات، تبقى الجهود محدودة أمام نشاطات واسعة عابرة للجماعات المسلحة والمناطق، ما يجعل الظاهرة مرشحة للاستمرار ما لم تُعتمد معالجة شاملة بالتنسيق مع شركاء إقليميين ودوليين.