يزعم المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن (STC) أن قواته باتت تسيطر حاليًا على المحافظات الجنوبية الثماني كافة، وأنها على استعداد للقيام بدور الشريك الأمامي لواشنطن في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، إضافة إلى فروع تنظيم القاعدة وفصائل جماعة الإخوان المسلمين.
وفي مقابلة حصرية مع موقع فوكس نيوز ديجيتال، قال أحمد عاطف، ممثل المجلس الانتقالي الجنوبي لدى الولايات المتحدة والأمم المتحدة، إن المجلس يتطلع إلى توسيع نطاق التعاون مع واشنطن على المستويات العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية. وأضاف: «جميع أشكال الدعم مرحّب بها. الرئيس ترامب يتمتع بشجاعة كبيرة وقوة حقيقية، ونحن نتطلع بجدية إلى دعمه».
وقد برز المجلس الانتقالي الجنوبي باعتباره القوة المهيمنة في جنوب اليمن، وسط تقارير تفيد بحصوله على دعم مالي وعسكري كبير من دولة الإمارات العربية المتحدة. ويعود تأسيس المجلس إلى أبريل/نيسان 2017، إذ يضم قوى تسعى إلى إعادة إقامة دولة جنوب اليمن المستقلة، إحياءً للدولة التي كانت قائمة بين عامي 1967 و1990 قبل تحقيق الوحدة.
وفي الأسبوع الماضي، دعا رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا المجلس الانتقالي الجنوبي إلى الانسحاب من المناطق التي سيطر عليها مؤخرًا في جنوب شرق البلاد، وفق ما نقلته وكالة أسوشيتد برس.
وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، يوم الأربعاء، من أن اليمن يواجه تصعيدًا خطيرًا جديدًا في أعقاب التقدّمات الأخيرة التي حققتها قوات مرتبطة بالمجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة شرقي البلاد. وأكد غوتيريش أن مثل هذه التحركات الأحادية تنطوي على مخاطر تعميق الانقسامات، وتصلّب المواقف، وتسريع وتيرة التفكك، مع ما قد يترتب على ذلك من تداعيات عابرة للحدود على الأمن الإقليمي، بما يشمل البحر الأحمر وخليج عدن والقرن الأفريقي.
ومن جهتها، قالت بريجيت تومي، الباحثة في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)، في تصريح لموقع فوكس نيوز ديجيتال، إن دعم الولايات المتحدة لانفصال الجنوب سيكون «على تعارض مع السياسة المعلنة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، والتي تقوم حاليًا على مبدأ يمن واحد». وأوضحت أن الولايات المتحدة تدعم تلك الحكومة، لكنها أضافت أن دعم المجلس الانتقالي الجنوبي كشريك في مهام مكافحة الإرهاب والقتال ضد الحوثيين «لا يتعارض بالضرورة مع الحكومة»، ولا سيما أن المجلس الانتقالي وقيادته جزء من الإطار الحاكم القائم حاليًا.
•
بلد منقسم إلى شطرين
لقد أدّت الحرب في اليمن، على مدى سنوات، إلى انقسام البلاد بعمق. ففي الشمال، يسيطر الحوثيون على صنعاء ومعظم مناطق غرب اليمن، بدعم من إيران وبعلاقات وثيقة مع حزب الله. أما في الجنوب، فتفرض القوات المتحالفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي نفوذها على عدن، العاصمة المؤقتة، وعلى نطاق واسع من المناطق الداخلية والساحلية، بما يشمل لحج وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة.
وتتخذ الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، التي تواصل الولايات المتحدة دعمها، من عدن مقرًا رسميًا لها، إلا أنها لا تزال تعاني حالة من التشرذم والانقسام الداخلي. ويُعد مجلس القيادة الرئاسي، المدعوم من السعودية، السلطة المعترف بها دوليًا، وقد اعتمد بشكل كبير على ائتلاف من الفصائل المتنافسة، من بينها المجلس الانتقالي الجنوبي، لإدارة شؤون الحكم ومواجهة الحوثيين والحفاظ على السيطرة الميدانية.
وقالت بريجيت تومي إن «الحكومة واجهت تحديات جسيمة على المستويات الاقتصادية والرقابية والقدرات المؤسسية، وعانت صعوبة في تقديم الخدمات الأساسية، وهي أوضاع تفاقمت بفعل استمرار القتال ضد الحوثيين واتساع نطاق الأزمة الإنسانية في اليمن».
غير أن هذا الاعتماد أثار انتقادات واسعة. فقد اتهمت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي بتنفيذ هجمات دامية في حضرموت، محذّرة من أن التوسع الأخير للمجلس قد يؤدي إلى إشعال صراع بين الفصائل المتنافسة داخل المعسكر المناهض للحوثيين. وذكرت وكالة أسوشيتد برس أن مسؤولين يمنيين دعوا المجلس الانتقالي إلى الانسحاب من المناطق التي سيطر عليها في شرق البلاد، محذرين من أن التحركات الأحادية قد تقوّض المسار السياسي وتزعزع توازنًا هشًا في الجنوب.
وفي المقابل، رفض أحمد عاطف هذا التوصيف، واصفًا عملية حضرموت بأنها نجاح كبير أظهر قدرة المجلس الانتقالي الجنوبي على مواجهة ما وصفه بالقوى المعادية التي تعمل بتنسيق مع الحوثيين. واتهم تلك القوى بالتعاون مع «إرهابيي الحوثي»، مؤكدًا أن تحركات المجلس عززت الأمن والاستقرار بدلًا من تقويضهما.
•
الحوثيون يشكّلون تهديدًا «إقليميًا وعالميًا»
وصف أحمد عاطف جماعة الحوثي بأنها قوة مزعزِعة للاستقرار تتجاوز تهديداتها حدود اليمن.
وقال: «يرفعون شعار: الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، وهو أمر مرفوض تمامًا». وحذّر من أنه ما دام الحوثيون يواصلون السيطرة على صنعاء، فإنهم سيستمرون في تهديد حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، واستهداف الجنوب اليمني والمملكة العربية السعودية، فضلًا عن تهديد دولة الإمارات ومنطقة الخليج.
كما اتهم عاطف فصائل حوثية بالتعاون مع جماعات متطرفة خارجية، من بينها حركة الشباب الصومالية، وبالحصول على تدريب ودعم من إيران وحزب الله.
وأضاف أن رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، تعهّد بتقديم الدعم للقوات اليمنية في الشمال الساعية إلى «إعادة تحرير صنعاء»، مستبعدًا في الوقت ذاته فرص التوصل إلى تسوية سياسية تفاوضية. وقال في هذا السياق: «هذا أمر مستحيل. سنتحدث باللغة التي يفهمها الحوثيون».
•
الانفصاليون يسعون لشراكة أعمق مع واشنطن
قدّم عاطف في عدة مناسبات المجلس الانتقالي الجنوبي (STC) كشريك طبيعي للولايات المتحدة في مجالات مكافحة الإرهاب والاستقرار الإقليمي. وأشاد بالرئيس دونالد ترامب لتصنيفه الحوثيين منظمةً إرهابية أجنبية، ولجهوده في استهداف فروع جماعة الإخوان المسلمين.
وقال عاطف: «في اليمن لدينا جماعة الإخوان المسلمين. نحن نعتبرهم إرهابيين، ونعتقد أنهم يرعون الإرهاب»، مضيفًا أنه دعم مشروع قانون حديثًا لتصنيف بعض فروع جماعة الإخوان في الخارج ككيانات إرهابية، لكنه أوضح أن الجماعة «متطرفة في كل مكان، حتى في الولايات المتحدة، وليس فقط في هذه الفروع».
وأضاف عاطف أن المجلس الانتقالي يعتزم فتح قطاعات النفط والزراعة ومصائد الأسماك والسياحة في جنوب اليمن أمام الشركات الأمريكية، باعتبار ذلك مسارًا نحو الاكتفاء الذاتي طويل الأمد. وقال: «ندعو الشركات الأمريكية إلى المجيء واستكشاف حقول النفط ومساعدتنا في تحقيق الإيرادات لتطوير شعبنا».
•
جبهة جديدة في توازن القوى الإقليمي
أكد عاطف أن الهدف النهائي للمجلس الانتقالي الجنوبي (STC) هو قيام جنوب يمني مستقل ومؤيد للغرب، قادر على تأمين أراضيه والمساهمة في مواجهة النفوذ الإيراني الإقليمي.
وقال: «بمجرد أن يتم تعزيز هذه الجبهة ضد الحوثيين وتمكينها بدعم المجتمع الدولي والولايات المتحدة، فإن ذلك سيساعدنا بشكل كبير على الأرض لمواصلة نضالنا وتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news