آ
آ
في خضم التعقيدات التي يعيشها المشهد اليمني، يبرز المجلس الانتقالي الجنوبي كأحد أكثر الفاعلين إثارة للجدل، ليس فقط بسبب خطابه السياسي الانفصالي، بل بسبب ممارساته الميدانية التي وضعت علامات استفهام كبيرة حول موقعه من مشروع الدولة ومسار الانتقال السياسي.
آ
وبينما يتساءل البعض عمّا إذا كان المجلس يسير على نهج الجماعات الإرهابية، فإن القراءة القانونية والسياسية الدقيقة تفضي إلى توصيف مختلف، لكنه لا يقل خطورة.
الفارق بين “الإرهاب†وâ€التمرد المسلحâ€
وفقاً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، لا يُصنّف أي كيان كتنظيم إرهابي إلا بتوافر معايير محددة، أبرزها: استهداف المدنيين بشكل ممنهج، امتلاك أيديولوجيا عنيفة عابرة للحدود، وتهديد السلم والأمن الدوليين.
آ
وبناءً على هذه المعايير، لا يُصنَّف المجلس الانتقالي الجنوبي كجماعة إرهابية بالمعنى القانوني الدولي. غير أن هذا لا يمنحه صفة الفاعل السياسي الطبيعي داخل الدولة.
آ
كيان مسلح خارج إطار الدولة
آ
على أرض الواقع، تصرّف المجلس الانتقالي كـ فاعل مسلح غير دولتي، من خلال:
السيطرة بالقوة على مؤسسات الدولة في العاصمة المؤقتة عدن ومحافظات أخرى.
إنشاء تشكيلات عسكرية وأمنية موازية لمؤسسات وزارتي الدفاع والداخلية.
تعطيل عمل الحكومة المعترف بها دولياً ومنعها من ممارسة صلاحياتها.
فرض أمر واقع سياسي وأمني بقوة السلاح.
آ
هذه الممارسات تتقاطع مع سلوك المليشيات المسلحة، وتتناقض مع أي مسار حقيقي لبناء الدولة أو استعادة مؤسساتها.
المجلس الانتقالي وعرقلة نقل السلطة
تعطل تنفيذ الاتفاقات السياسية.
تستخدم القوة لتحقيق مكاسب سياسية.
تقوض وحدة المؤسسات الشرعية.
ترفض الاحتكام للمسار السياسي والقانوني.
وانطلاقاً من هذا التعريف، فإن المجلس الانتقالي الجنوبي يقترب بشكل متزايد من خانة الأطراف المعرقلة، خاصة في ظل تعثر تنفيذ اتفاق الرياض، واستمرار الازدواج الأمني والعسكري، والتصعيد في محافظات مثل حضرموت، ورفض أي ترتيبات لا تحقق أجندته الأحادية ويمكن أن تطاله عدة عقوبات دولية.
لماذا يتجنب المجتمع الدولي التصنيف؟
عدم اتخاذ موقف دولي حازم حتى الآن لا يعود إلى غياب المخالفات، بل إلى اعتبارات سياسية، من بينها:
وجود دعم إقليمي مباشر.
خشية المجتمع الدولي من تفجير صراع داخلي جديد في معسكر مناهضي الحوثي.
إدماج المجلس شكلياً في مجلس القيادة الرئاسي كآلية احتواء مؤقتة.
غير أن التجارب الدولية تؤكد أن هذا النوع من الاحتواء لا يدوم، وأن أي فاعل مسلح يتحول إلى عبء على الاستقرار سرعان ما يُعاد توصيفه والتعامل معه بصرامة.
الخلاصة
يمكن القول بوضوح إن: المجلس الانتقالي الجنوبي ليس تنظيماً إرهابياً دولياً.
آ
لكنه كيان مسلح خارج منطق الدولة, وممارساته تجعله مرشحاً لتوصيفه كطرف معرقل لمسار نقل السلطة. وهو توصيف قد يفتح الباب أمام ضغوط دولية، أو عقوبات فردية، أو تقليص الدعم الخارجي عنه وإدراجه في تقارير مجلس الأمن,
إن أخطر ما يهدد اليمن اليوم ليس فقط انقلاب الحوثيين، بل تعدد مراكز القوة المسلحة التي تتقاسم الجغرافيا والقرار، وتُفرغ مفهوم الشرعية من مضمونه.
وأي مشروع سياسي لا يمر عبر الدولة ومؤسساتها، سيبقى – مهما كانت شعاراته – جزءاً من الأزمة لا من الحل.
آ
وأتس أب
طباعة
تويتر
فيس بوك
جوجل بلاس
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news