تشهد محافظة شبوة جنوب اليمن، توترًا كبيرًا وموجة استنكار واسعة عقب واقعة إعدام خارج نطاق القانون، تم توثيقها ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما وضع السلطات المحلية والقبائل في مواجهة حقيقية لاحتواء تداعياتها التي تهدد بإشعال فتنة قبلية واسعة.
تفاصيل الواقعة وملابساتها الصادمة
بدأت القصة عندما أقدم شاب يدعى "أمين ناصر باحاج" على قتل شخص آخر يدعى "باسل المرواح البابكري" في مديرية حبان.
وبحسب العرف القبلي السائد في المنطقة، سلمت قبيلة الجاني (آل باحاج) ابن عمها إلى أسرة المجني عليه (آل بابكر) ضمن عملية "تحكيم" قبلي، (تهدف إلى) تسوية النزاع ومنع اندلاع حلقات الثأر المفرغة.
ولكن، وعكس التوقعات، قامت أسرة القتيل فور تسلمها بالشاب بإعدامه ميدانيًا بشكل فوري، وقام أفرادها بتصوير العملية ونشر الفيديو، الذي انتشر كالنار في الهشيم أمس الاثنين، محولاً الحادثة من قضية ثأر قبلي إلى جريمة مثيرة للرأي العام ومسألة تتعلق بسيادة القانون.
تحركات قبلية عاجلة لدرء المخاطر
وإدراكًا لخطورة الوضع وتداعياته المحتملة، شهدت المحافظة اليوم الثلاثاء تحركات قبلية مكثفة. مصادر محلية أكدت وصول وفد قبلي رفيع المستوى إلى مديرية حبان، يترأسه الشيخ علي بن حسن بن دوشل النسي، رئيس حلف أبناء وقبائل شبوة، بهدف تسليم وثيقة "التحكيم" التي أقرتها قبائل "آل لسود" (فرع من قبيلة الجاني) و"آل بابكر" (قبيلة المجني عليه بشكل عام) تحكيمًا لقبيلة باحاج، في خطوة رمزية تهدف إلى طمأنة قبيلة الجاني وتأكيد أن ما قامت به عائلة القتيل هو عمل منفرد لا يمثل موقف القبيلة ككل.
وضم الوفد، الذي وصل إلى حبان، عددًا من كبار وجهاء ومشايخ شبوة، من بينهم الشيخ عوض ذيبان، والشيخ بن عديو، وناصر محمد القميشي، وباعوضة، مما يعكس حجم القلق القبلي من انزلاق الموقف إلى صراع أوسع.
سلطات شبوة الأمنية تتوعد بالردع
على الصعيد الرسمي، تحركت السلطات الأمنية في شبوة بسرعة.
وأكد مصدر أمني مسؤول، في تصريح لمركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية، أن شرطة المحافظة ستتعامل مع القضية "بحزم كامل" وستتخذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة "دون تهاون"، لضمان "حماية الحق العام وترسيخ هيبة الدولة وسيادة القانون".
وكشف المصدر أن الأجهزة الأمنية باشرت عملها فور علمها بالواقعة، وحاولت التدخل لتطويق الموقف، لكنها واجهت ما وصفه بـ "عدم التعاون" من بعض الأطراف، التي استخدمت ذريعة "إطفاء الفتنة" لمنع القانون من أخذ مجراه، مما يضع السلطة في تحدٍ مباشر مع العرف القبلي.
تحذير حقوقي من تفشي "دولة القبيلة"
لم تكن ردود الفعل محلية فقط، بل امتدت إلى المنظمات الحقوقية.
ففي بيان له، حذر المركز الأمريكي للعدالة من أن هذه الحادثة ليست معزولة، بل هي "تأتي في سياق انتشار مقلق لظاهرة الثأر وتنفيذ العقوبات بوسائل قبلية" في شبوة ومناطق يمنية أخرى.
واعتبر المركز أن ما جرى يمثل "انتهاكًا مباشرًا لمبدأ سيادة القانون واحتكار الدولة لسلطة العقاب"، وهو مبدأ دستوري منصوص عليه في القوانين اليمنية التي تفرد القضاء وحده بالفصل في الجرائم وفرض العقوبات.
وحذر البيان من أن تكرار مثل هذه الحوادث يقوض مؤسسات الدولة ويعزز من نفوذ القوانين البديلة، مما يهدد استقرار المجتمع اليمني الهش بالفعل.
تظل محافظة شبوة عند مفترق طرق، حيث يتوقف مستقبل الأزمة على مدى نجاح الوساطات القبلية في احتواء الغضب، ومدى جدية السلطات الأمنية في ملاحقة مرتكبي الجريمة، لإرسال رسالة واضحة بأن القانون هو المرجعية الوحيدة للعدالة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news