مع تصاعد التدقيق الغربي في أنشطة تنظيم الإخوان، عاد ملف ما يُعرف بـ"اقتصاد الحلال" إلى واجهة النقاش الأمني والاقتصادي، بوصفه أحد أكثر القطاعات تعقيداً وتشابكاً من حيث البنية والوظيفة.
ففي الوقت الذي يُفترض أن يقوم هذا القطاع على اعتبارات دينية وتنظيمية تتصل بسلامة الاستهلاك، تكشف تحذيرات متزايدة عن احتمالات استغلاله كواجهة مالية مرنة لتمويل أجندات متشددة.
وفي هذا السياق، قدّم الخبير في شؤون الجماعات المتشددة ماهر فرغلي قراءة تفصيلية لطبيعة هذا الاقتصاد وآليات عمله، خلال حديثه إلى غرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية، واضعاً إياه ضمن منظومة أوسع من "الاقتصاد السائل" العابر للحدود والرقابة.
اقتصاد يتجاوز اللحوم.. شبكة واسعة ومتداخلة
يؤكد فرغلي أن اختزال اقتصاد الحلال في اللحوم وحدها يُعد تبسيطاً مضللاً، إذ يمتد ليشمل مستحضرات التجميل، والمعلبات، والمطاعم، ومشتقات متعددة تدخل ضمن منظومة استهلاكية عالمية.
هذا الاتساع، وفق توصيفه، جعل من اقتصاد الحلال شبكة معقدة تتشابك فيها الأنشطة التجارية مع أدوار تنظيمية ومالية، ما يفتح المجال أمام توظيفها بعيداً عن القوالب الاقتصادية التقليدية.
"الاقتصاد السائل".. جوهر الإشكالية
في صلب تحليل فرغلي، يبرز مفهوم الاقتصاد السائل الذي يصف به نمط التمويل المرتبط بتنظيم الإخوان. فهذا الاقتصاد، على خلاف الاستثمارات الصلبة كالعقار أو الشركات المحلية الواضحة، لا يستقر في كيان واحد يمكن تتبعه أو تفكيكه بسهولة. بل يتحرك عبر محافظ مالية وإلكترونية، وشركات أوف شور، وشبكات تحويل مرنة، تجعل عملية المحاسبة أو التتبع شبه مستحيلة. ويضع فرغلي اقتصاد الحلال في قلب هذه المنظومة، باعتباره أحد أهم روافدها وأكثرها قدرة على الدوران بين الجغرافيات.
جغرافيا النفوذ.. من أوروبا إلى أميركا اللاتينية
يرسم فرغلي خريطة انتشار واضحة لمراكز اقتصاد الحلال، مشيراً إلى تمركزه في أوروبا وأميركا اللاتينية وأميركا الوسطى، مع تركيز خاص على البرازيل.
ففي هذه المنطقة، برزت شركات الحلال المرتبطة بصادرات اللحوم ومشتقاتها، لتتحول إلى محور رئيسي ضمن شبكة اقتصادية دوّارة.
ويؤكد أن هذا الانتشار لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة عمل تراكمي امتد لنحو 50 عاماً، اعتمد على "التوطين" عبر إنشاء شركات وتثبيت أفراد وشباب داخل هذا القطار
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news