قصة حب السفير السعودي لليمن

     
البلاد الآن             عدد المشاهدات : 122 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
قصة حب السفير السعودي لليمن

سعيد الجعفري

بدت مشاعر الفرحة واضحة على سعادة السفير السعودي في اليمن، محمد آل جابر، عقب التوقيع على اتفاقية الدعم السعودي الأخير المقدم لليمن، والذي شمل العديد من المجالات التنموية والإنسانية. وجاء حديثه لوسائل الإعلام، وهو يزف البشرى للشعب اليمني، بإحساس صادق اعتدنا نحن في اليمن على ملامسة تلك المشاعر، حتى مع حالة عدم الحديث أو الإعلان عنها، لأن الأعمال على الأرض تتحدث عن نفسها.

لقد عرفناه محبًا لليمن، وفيًا لبلده وقيادتها مَلِكًا وولي عهد. يعمل بكل إخلاص للوفاء بمهامه الكبيرة في بلد يحظى بكل الدعم والاهتمام، انطلاقًا من تاريخ طويل في العلاقات الوطيدة بين البلدين الجارين، اللذين يتقاسمان التاريخ والجغرافيا والدين واللغة والعادات والتقاليد والمصير المشترك.

قال لي ذات يوم: “فتحت عيني منذ الصغر على حب اليمن الشقيق، ووجدت نفسي منخرطًا في العمل فيه، وتعزز لديَّ الشعور بحب اليمن أكثر من خلال قيادة بلدي التي وجدتها مهتمة وحريصة على تحقيق الاستقرار والسلام والنماء والازدهار فيه، وظلت على الدوام تؤكد لي ذلك، من خلال التوجيهات السامية لبذل المزيد من الجهد والعمل من أجل اليمن وشعبه”. وتجسد ذلك في مستوى الدعم الكبير الذي تقدمه المملكة لليمن، وحجم ما تحقق على أرض الواقع من مشاريع استراتيجية وتنموية.

سألته مستغربًا: “لماذا تقدمون الكثير من الدعم مع القليل من الإعلام؟”

فتفاجأت من إجابته العميقة:”السعودية حين تقدم الدعم لليمن، لا تريد معه الشعور بالمنة، وترى في ذلك واجبًا تجاه إخوة لنا، فما حاجتنا إذن للكثير من الإعلام؟!”

وعلى مدى سنوات طويلة، فتحنا أعيننا في اليمن أيضًا على حب المملكة، وعلى رسائل الآباء والأقرباء المحملة بالهدايا والحقائب والأدوات المدرسية والألعاب والملابس. ومعها ظل هذا الحب يكبر في قلوبنا يومًا بعد آخر، حتى غدا يسكننا، نتنفسه صباحًا ومساءً، تمامًا كما نحب اليمن.

وشخصيًا، حين عاد والدي من المملكة برفقة صديقه السعودي، ملأت السعادة قلبي، وفي الصباح كنت أشعر بالزهو وهو يطلب مني أن أدعو أطفال القرية للحضور إليه لأنه يريد أن يتعرف عليهم. وكان ينشر الفرحة في أوساطهم وهو يخصهم بالهدايا. وكنت طفلاً صغيرًا برفقة والدي وصديقه السعودي، وعلى أصوات أبو بكر سالم وطلال مداح ومحمد عبده، تقطع السيارة بنا المسافات الطويلة بين المحافظات في زيارة الكثير من البلدات والمناطق اليمنية.

وللمرة الأولى في سن السادسة من عمري، لبست الثوب والعقال، وأمسكت بالقلم لأكتب أول حروف الأبجدية (أ، ب، ت… إلخ)، ورحت أتهجأ كتابة “سمن” و”سمك” وكتبت الكثير من الكلمات. وحين كانت ترتعش يدي، تعلمت كيف أمسك القلم بشكل صحيح، وعندما تتخطى الحروف سطر الدفتر الأنيق، تعيدها إلى الخط المستقيم يد صديق والدي السعودي، الذي قضى معنا أسابيع قليلة مرت بسرعة، كنت قد بدأت القراءة والكتابة وتمنيت لو أنها امتدت لسنوات.

وبقدر السعادة التي حملها قدومه إلينا برفقة والدي، جاء الحزن كبيرًا بذات القدر وهو يودعنا عائدًا إلى مدينة أبها السعودية، لكنه ترك في قلبي الكثير من الحب للمملكة، باعتبارها بلد صديق والدي الوفي، عبد العزيز البخاري.

وفي ذلك الوقت، كان هناك في المدرسة الثانوية “مدرسة الأنوار” ثلاثة مدرسين سعوديين يعملون بإخلاص لتعليم طلاب الثانوية. عمت سمعتهم الطيبة كل أرجاء المنطقة.

لا أدري لماذا لم يستمروا طويلاً حتى نلتحق بالمدرسة الثانوية، لكن يبدو أن وقتًا طويلاً كان قد انقضى منذ ذلك الحين، فقد كانت فترة ابتعاثهم للتدريس قد انتهت منذ سنوات. لكن سيرتهم الطيبة لا يزال حتى يومنا هذا يتردد صداها في وجدان الطلاب وعموم الأهالي، كجزء من الذكريات الجميلة التي لا تُروى حتى اللحظة، في مدرسة ظلت جدرانها تحمل المخطوطات واللوحات التي رسمتها أيادي المدرسين السعوديين الثلاثة.

في المملكة العربية السعودية، يتعلم الناس حب اليمن بشكل طبيعي وتلقائي، كجزء من ثقافة الناس وشعب المملكة، الذين لا يخفون هذا الحب، وكأن ذلك درس من دروس الوطنية التي يتعلمون فيها حب بلدهم المملكة، فيغدو معه حب اليمن جزءًا أصيلًا من ثقافة الشعب السعودي، ويدعو للفخر والاعتزاز.

وإن كنت سعوديًا، لا أحد سيلومك على هذا الحب أو يغمز من خلفك. تلك هي مشاعرهم الحقيقية والواضحة، في مزيج مشترك من ثقافة وعادات البلدين السعودية واليمن، وعلاقات الجوار والقرابة والصلة التي تربط الشعبين.

وحين وضع صاحب السمو الأمير خالد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي، علم اليمن على صدره، بدا الأمر مفهومًا وطبيعيًا لدى شعب المملكة. ووجدت نفسي أتساءل: ماذا لو أن الرئيس هادي حينها، وهو المقيم على أرض المملكة، يمارس السيادة من خلالها وكافة صلاحياته الدستورية، هو من وضع علم المملكة على صدره؟ ماذا كانت ستكتب الجرائد والصحف اليمنية عنه؟

الحقيقة أن الكثير من الحبر سيُسيل، وتُفرد الصفحات للتحليل والكتابة، وتُخصص القنوات الفضائية الممولة من الخارج ساعاتها الإخبارية لـ”دلالات وما وراء وضع العلم السعودي على صدر الرئيس”. سيرافق تلك التغطيات الكثير من التشكيك والحملات المضللة والدعاية الزائفة.

وسوف يتجاهل الإعلام الممول من قوى خارجية، في أغلبه، الحقيقة عن مواقف المملكة ودعمها المستمر لليمن وقيادتها المعبرة عن قيمها الأصيلة، وشعبها الطيب الصادق المحب لليمن كجزء أصيل وراسخ من قيم المملكة وحبهم لبلدهم السعودية.

يقابل كل ذلك في اليمن شعب وفي يبادلهم المحبة، ويحمل لهم مشاعر الوفاء، لكنه يقع تحت تأثير حملات إعلامية مغرضة ومؤثرات خارجية، لمكونات تكرس لغة المؤامرة وتغلب المصالح الذاتية على مصالح شعب يشاهد كل يوم على أرض الواقع الحقائق التي تصنعها السعودية، في دعم لا يتوقف، يشمل مختلف المجالات.

ويحضر معها سفير خادم الحرمين الشريفين محمد آل جابر في الإشراف على تنفيذ المشاريع، ومواصلة الدعم، حاملاً رسالة المحبة والسلام من قيادة بلده السعودية مَلِكًا وولي عهد، وفي تقديم صورة حية عن تلك القيم التي تسكن في وجدانه، وتترجمها سلوكه وتصرفاته ومشاعره في حب اليمن، وتثمر إنجازًا وواقعًا يشاهده الناس حقائق واضحة.

لهذا لا نستغرب كل ملامح الفرح والسعادة التي تبدو في ملامح سعادة السفير السعودي، مع كل إعلان عن حزمة مشاريع تنموية جديدة في غمرة دعم أساسًا لم يتوقف ولا يزال مستمرًا، هو وحده من يبقي اليمن حيًا وصامدًا خلال سنوات الحرب الحوثية على اليمن، التي كادت أن تعصف باليمن إلى سحيق المجاعة والانهيار الشامل.

وستبقى في مخيلتي للأبد تلك الدموع المتساقطة من عيني أحد العائدين من المملكة، وهو يشهد مراسيم التوقيع وحديث السفير.. بعد أن أنهى عمله فيها، وقضى فيها معظم سنوات العمر، باستثناء أسابيع إجازة يعود فيها لزيارة الأهل كل سنتين، حسب ما قال لي. ولعله – بذلك – كان يعبر عن الحنين لبلد عاد منه للتو، ومع ذلك صار يشتاق إليه. وبدا أكثر الجميع من بين من تجمعوا في أحد المقاهي لمتابعة مراسيم التوقيع على اتفاقية حزمة الدعم السعودي الأخير، قراءة لمشاعر الفرحة التي بدت مع إعلان السفير محمد آل جابر وحديثه لوسائل الإعلام عنها، والتي جاءت في توقيت صعب جدًّا يمر به الشعب في اليمن. وستبقى في الوجدان حقيقة عصية على النسيان.

تعليقات الفيس بوك

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

مصادر: محافظ حضرموت الجديد يوجه بإخراج القوات القادمة من خارج المحافظة واستعادة المواقع النفطية من قوات حلف القبائل

بران برس | 1238 قراءة 

طارق صالح يحدد موقفه من قوات عمرو بن حبريش

المشهد الدولي | 844 قراءة 

تقرير | مخاوف من تكرار سيناريوهات صنعاء وعدن.. ما تداعيات صمت الرئاسة اليمنية تجاه ما يجري في حضرموت؟

بران برس | 808 قراءة 

“العسكرية الثانية” تعلن حشد عدد من الألوية لاستعادة المواقع النفطية من قوات حلف قبائل حضرموت

بران برس | 768 قراءة 

رئيس مجلس النواب وعدد من القيادات السياسية يصلون المخا لإحياء ذكرى ثورة 2 ديسمبر

حشد نت | 754 قراءة 

عاجل:اشتباكات عنيفة الآن وسماع دوي انفجارات

كريتر سكاي | 754 قراءة 

بن سلمان يعلق على أحداث حضرموت

كريتر سكاي | 535 قراءة 

كشف اخر تطورات الأوضاع والاشتباكات بحضرموت

كريتر سكاي | 467 قراءة 

الخنبشي يخاطب الزبيدي والعليمي:

موقع الجنوب اليمني | 438 قراءة 

محافظ حضرموت يوجه بالهجوم على مواقع حماية الشركات النفطية وطرد قوات بن حبريش

بوابتي | 383 قراءة