عدن حرة
كشف تحقيق جديد عن حملة تضليلٍ ممنهجة شنتها جماعة الحوثي ضد منظمات الأمم المتحدة والموظفين الإنسانيين، تضاعدت وتيرتها عقب الضربات الجوية الإسرائيلية التي طالت قيادات في حكومتها غير المعترف بها، رغم غياب أي أدلة تدعم الرواية التي روّج لها زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي.
ففي السادس عشر من أكتوبر 2025، اتهم الحوثي في خطابٍ متلفز، منظمات الأمم المتحدة بصنعاء، بـ"القيام بأعمال تجسسيّة تحت الغطاء الإنساني"، مدعيًّا أنها كانت سببًا في استهداف حكومته ورئيسها.
التحقيق الذي أعده الصحفي "شهاب العفيف" لموقع المشاهد نت، يوضح أن حملة الحوثيين ضد المنظمات الأممية والدولية والعاملين فيها بمناطق سيطرتهم ليست وليدة اللحظة، ولا تتصل مباشرة بالقصف الإسرائيلي، بل تعود جذورها إلى نحو خمس سنواتٍ، ووفق التحقيق فقد بلغ عدد موظفي الأمم المتحدة الذين اعتقلتهم الجماعة 54 موظفًا منذ عام 2021.
وأشار التحقيق إلى أن تلك الاعتقالات تُستخدم كورقةٍ ضغط في مناورةٍ سياسية، عبر توجيه اتهاماتٍ جاهزة مثل “التجسس”؛ لتبرير ممارساتها أو للتغطية على اختراقاتٍ أمنية داخل صفوفها.
ويوضح التحقيق أن طبيعة عمل الأمم المتحدة في اليمن لا تتجاوز جمع البيانات المتعلقة بالاحتياجات الإنسانية وأسماء وأرقام النازحين والمستفيدين من المساعدات، ولا يمت بصلةٍ إلى أي أنشطة تجسسٍ أو أعمال اختراق.
كما أن جماعة الحوثي - وفقًا للتحقيق- لم تقدم حتى الآن أي أدلةٍ مستقلة أو وثائق تقنية تثبت صحة مزاعمها، في وقتٍ باتت فيه تقنيات التجسس الحديثة متاحة لبعض الدول والأنظمة عبر الأقمار الصناعية والبرمجيات المتقدمة يفوق قدرات المنظمات، ما يفقد اتهامات الجماعة أي مهنيةٍ أو واقعية.
كما يلفت التحقيق إلى أن اتهامات زعيم الجماعة لموظفي المنظمات والأمم المتحدة والدبلوماسيين لم يكن طارئًا في أكتوبر الماضي، بل سبق وأن وجّه لهم اتهاماتٍ علنيةً في إحدى خطاباته المتلفزة، وقد أعقب الخطاب الأخير حملة تضليل واسعة عبر وسائل إعلام موالية للحوثيين وحسابات على منصات التواصل، نشرت محتوى منسقًا يتضمن معلومات مضللة وادعاءات غير مثبته تتهم العاملين الإنسانيين بالتجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل.
وتتجاوز آثار هذه الحملات حدود الاعتقال والملاحقة، إذ وثّق التحقيق وفاة موظف يعمل لصالح برنامج الغذاء العالمي أثناء احتجازه تعسفيًا لدى جماعة الحوثي في محافظة صعدة في فبراير 2025، بالإضافة إلى موظف آخر وهو هشام الحكيمي أحد العاملين في منظمة رعاية الأطفال، والذي توفي في أكتوبر 2023 بينما كان معتقل قسرا في سجون الحوثيين بصنعاء.
ويخلص التحقيق إلى أن الاتهامات التي أطلقها زعيم الجماعة جاءت في سياق محاولة استثمار الضربات الإسرائيلية سياسيًا وإعلاميًا، عبر خلق رواية تربط العمل الإنساني بأنشطة تجسس، وتوفير غطاء لتوسيع حملة القمع ضد المنظمات الأممية وموظفيها في مناطق سيطرتهم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news