١٤ أكتوبر قصة كفاح شعب وتطلعات نحو مستقبل مشرق
قبل 2 دقيقة
يظل الرابع عشر من أكتوبر محفورًا في ذاكرة كل يمني يومًا تجسدت فيه معاني التضحية والفداء يومًا أشرقت فيه شمس الحرية على عدن إيذانًا بانتهاء حقبة الاستعمار البريطاني البغيض وبداية فصل جديد من النضال الوطني نحو تحقيق النصر إنه اليوم الذي انطلقت فيه شرارة الثورة من جبال ردفان الشماء لتشعل جذوة المقاومة في قلوب اليمنيين في الجنوب وتلهمهم لمواجهة قوى الظلام والاستبداد والدفاع عن حقهم في أرضهم وثرواتهم ومستقبل أجيالهم.
لم يكن الرابع عشر من أكتوبر مجرد تاريخ عابر في سجل الأحداث بل كان نقطة تحول مفصلية في تاريخ اليمن الحديث فبعد سنوات طويلة من الاستعمار والسيطرة الأجنبية وبعد معاناة مريرة من الظلم والاستغلال والقهر قرر أبناء عدن والجنوب اليمني أن ينتفضوا في وجه المستعمر وأن يرفعوا صوتهم عاليًا مطالبين بالحرية والاستقلال لم تكن المهمة سهلة فقد واجه الثوار اليمنيون قوة عسكرية مدججة بالسلاح وإمكانيات هائلة ولكنهم كانوا يمتلكون سلاحًا أقوى سلاح الإيمان بعدالة قضيتهم والإصرار على تحقيق أهدافهم والتضحية بكل غال ونفيس في سبيل الوطن.
لقد سطر ثوار الرابع عشر من أكتوبر ملاحم بطولية وقدموا تضحيات جسيمة ورووا بدمائهم الزكية أرض الجنوب فمن ردفان إلى عدن ومن لحج إلى أبين ومن شبوة إلى حضرموت انتشرت خلايا المقاومة وتصاعدت العمليات الفدائية وتلاحمت جهود الوطنيين حتى تحقق النصر المؤزر وتم جلاء آخر جندي بريطاني عن أرض الجنوب في الثلاثين من نوفمبر عام 1967 لتبدأ مرحلة جديدة من البناء والتنمية والتطلع نحو تحقيق الوحدة اليمنية الشاملة.
لم يكن الاستقلال نهاية المطاف بل كان بداية لمرحلة جديدة من التحديات والصعوبات فقد واجه الجنوب اليمني المستقل حديثًا العديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية نتيجة سنوات طويلة من الاستعمار والتهميش بالإضافة إلى التدخلات الخارجية التي سعت إلى عرقلة مسيرة التنمية والاستقرار ومع ذلك فقد بذل أبناء الجنوب جهودًا مضنية من أجل بناء دولتهم الحديثة وتحقيق التنمية المستدامة وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين ولكن الطموح الأكبر ظل هو تحقيق الوحدة اليمنية مع الشمال وإنهاء حالة الانقسام والتشتت التي عانى منها الوطن لسنوات طويلة.
وفي الثاني والعشرين من مايو عام 1990 تحقق الحلم الذي طال انتظاره وأعلنت الوحدة اليمنية بين الجمهورية العربية اليمنية (الشمال) وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (الجنوب)، ليولد وطن واحد موحد تحت راية واحدة، وشعار واحد وهدف واحد هو بناء يمن قوي مزدهر ينعم فيه جميع أبنائه بالحرية والعدالة والمساواة لقد كانت الوحدة اليمنية حدثًا تاريخيًا بكل المقاييس فقد أنهت عقودًا من الصراع والانقسام وفتحت آفاقًا جديدة للتنمية والازدهار ووحدت طاقات وإمكانيات أبناء الشعب اليمني في الشمال والجنوب.
لقد كان للوحدة اليمنية آثار إيجابية كبيرة على المواطنين في الشمال والجنوب، فقد أتاحت لهم حرية التنقل والإقامة والعمل في أي مكان في الوطن، وساهمت في توحيد المؤسسات والتشريعات والقوانين وعززت الأمن والاستقرار ووفرت فرصًا جديدة للاستثمار والتجارة ورفعت مستوى المعيشة وحسنت الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والمياه والكهرباء كما ساهمت الوحدة في تعزيز الهوية الوطنية وتعميق الشعور بالانتماء إلى الوطن وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات والصعوبات المشتركة.
ولكن، وعلى الرغم من الإيجابيات الكبيرة التي تحققت نتيجة الوحدة اليمنية إلا أنها لم تخل من بعض المشاكل والتحديات فقد ظهرت بعض الخلافات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين أبناء الشمال والجنوب نتيجة تراكمات الماضي وعدم معالجة بعض القضايا بشكل عادل ومنصف مما أدى إلى نشوب بعض الصراعات والأزمات التي كادت أن تهدد الوحدة الوطنية ومع ذلك فقد استطاع الشعب اليمني بقيادته الحكيمة تجاوز هذه الصعوبات والحفاظ على وحدتهم الوطنية والتأكيد على أن الوحدة هي الخيار الاستراتيجي الذي لا رجعة فيه.
إن الاحتفال بذكرى الرابع عشر من أكتوبر، وذكرى الوحدة اليمنية هو مناسبة عظيمة لاستلهام الدروس والعبر من الماضي والتأكيد على أهمية الوحدة الوطنية وضرورة الحفاظ عليها وتعزيزها ومواجهة جميع التحديات والصعوبات التي تواجه الوطن كما أنها فرصة للتأكيد على أهمية التسامح والمصالحة الوطنية ونبذ العنف والكراهية والعمل بروح الفريق الواحد من أجل بناء يمن قوي مزدهر ينعم فيه جميع أبنائه بالحرية والعدالة والمساواة.
إن اليمن اليوم يمر بمرحلة حرجة من تاريخه نتيجة الصراعات والحروب التي مزقت أوصال الوطن وأدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية ولكننا على ثقة بأن الشعب اليمني بوحدته وإيمانه وإصراره قادر على تجاوز هذه المحنة وبناء مستقبل أفضل لأجياله القادمة إننا نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى التمسك بالوحدة الوطنية ونبذ الفرقة والخلاف والعمل بروح الفريق الواحد من أجل تحقيق السلام والاستقرار والتنمية المستدامة في اليمن.
فلنجعل من ذكرى الرابع عشر من أكتوبر وذكرى الوحدة اليمنية مناسبة للتأكيد على عزمنا وإصرارنا على بناء يمن جديد يمن موحد قوي مزدهر ينعم فيه جميع أبنائه بالحرية والعدالة والمساواة يمن يسوده الأمن والسلام والاستقرار يمن يليق بتضحيات الشهداء وتطلعات الأجيال القادمة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news