يصادف اليوم الثلاثاء الموافق 30 سبتمبر الذكرى الخامسة والأربعين لرحيل المناضل السياسي والمفكر التقدّمي الاشتراكي والصحفي الجنوبي الراحل أحمد سعيد باخبيرة، الذي تزخر مسيرة حياته العملية في عدن واليمن الجنوبي بالنضال والكفاح، وبوفاته فقدت اليمن والأمة العربية أحد المناضلين والمفكرين الوطنيين والمثقفين الثوريين الكلاسيكيين في اليمن والجزيرة العربية، ومن اللاعبين المنهجيين العلميين في السياسة والفكر والثقافة الحقة في اليمن ومحيطها العربي.
أحمد سعيد باخبيرة هو مناضل تقدُّمي ومن كبار السياسيين والصحفيين في الشطر الجنوبي قبل نيل الاستقلال من الاستعمار البريطاني وبعد الاستقلال وإعلان الدولة الجنوبية المستقلة آنذاك. اشترك بتأسيس الحركة الطلابية المناهضة للاستعمار البريطاني في عدن، وكان من أوائل من اعتنق الفكر الاشتراكي وروّج له، ثم أسس مع رفقاء دربه أ. عبد الله وأ. علي باذيب وأ. بدر باسنيد الاتحاد الشعبي الديمقراطي الذي أصبح عضواً في مكتبها السياسي وأحد القائمين عليه.
ثم وقف إلى جانب ثورة 14 أكتوبر من خلال نشاطه العملي والنضالي المحوري والفعّال في الأرض وكتاباته الصحفية في العديد من الصحف المحلية والعربية، لاسيما نشرات الاتحاد الشعبي الديمقراطي و"الأيام". وفي أوج عملية الكفاح المسلح أسس مع رفيق دربه عبد الله باذيب صحيفة "الأمل" وتحمّل مسؤولية تحريرها. وفي 1966 وقف إلى جانب الجبهة القومية ضد الدمج القسري، ثم تفجير مقر صحيفة "الأمل" نهاية 1966 ثم تدميره بالكامل مما أدى إلى توقفها.
وبعد الاستقلال وقف إلى جانب الجناح اليساري التقدمي (الجبهة القومية)، وكانت نشرة الاتحاد الشعبي الديمقراطي التي يتحمل رئاسة تحريرها تعكس ذلك الموقف. وفي عام 1970 عُيّن عضواً في (مجلس الشعب الأعلى)، وكان عضواً قيادياً فاعلاً ورئيساً للعديد من اللجان، وعُرف آنذاك بقربه من رفيق دربه الرئيس سالمين. وفي نوفمبر ذهب مع وفد الرئيس سالم ربيع علي إلى ليبيا للقاء مع رئيس المجلس الجمهوري في الجمهورية العربية اليمنية، بحضور ورعاية كاملة من الرئيس الليبي العقيد معمر القذافي، للترتيب لعقد اللقاء التاريخي الأول لوضع اللبنة الأولى للوحدة اليمنية، وأصبح آنذاك نائب رئيس اللجنة الدستورية المشتركة اليمنية لسن القوانين.
وفي عام 1975 في المؤتمر التوحيدي لفصائل العمل الوطني التي تشكلت منها التنظيم السياسي الموحّد للجبهة القومية، انتُخب وأصبح عضواً للجنة المركزية، واستمر في عمله كأحد أبرز السياسيين المؤثرين في البلد. ثم في عام (1978) ساهم بشكل أساسي ومحوري عن الاتحاد الشعبي الديمقراطي بتأسيس الحزب الاشتراكي اليمني وأصبح عضواً في لجنته المركزية وعضواً مرشحاً لمكتبه، ثم عُين رئيساً لتحرير صحيفة "الثوري" لسان حال الحزب الاشتراكي اليمني. اختار الله له أن يُصاب ويشتد به مرض القلب في وقت الإعداد للمؤتمر العام الاستثنائي للحزب الاشتراكي اليمني أكتوبر (1980)، وتوفي قبل انعقاده في لحظة فارقة كانت وستظل محطة مهمة في عمر الجمهورية الجنوبية آنذاك.
شُيّعت جنازة فقيد الجنوب الثائر المفكر يوم الثلاثاء 1980/9/30، وسارت المواكب والحشود الجماهيرية الهائلة إلى مقبرة الشهداء (كريتر) حيث وُوري جثمانه، وكان في مقدمة المشيعين كبار رجال الحزب والدولة والشخصيات العربية، على رأسهم الرئيس علي ناصر محمد ومناضلون من الحركات والقوميين العرب. وقد أُعلن الحداد ثلاثة أيام وتنكيس الأعلام يوماً واحداً حزناً على رحيله. وتم اختيار باخبيرة من طليعة الأدباء والكتاب اليمنيين في عموم إقليم اليمن للمؤتمر التمهيدي للأدباء والكتاب اليمنيين، فضلاً عن كونه عضواً في اللجنة التأسيسية للمؤتمر العام للأدباء والكتاب اليمنيين بجانب أشهر الأدباء في اليمن أمثال عبد الله البردوني والقاضي الأكوع ود. محمد عبده غانم ومحمد ناصر محمد ومحمد عبد الولي وأحمد قاسم دماج وجرادة والجاوي والشحاري والملاحي والصيقل.
فضلاً عن عمله أو قيامه بمسؤولية عدد من الصحف الوطنية البارزة ("النهضة" و"الجنوب" و"العربي" و"البعث" و"الفكر" و"النور" و"الأيام" و"الفجر"). وشغل باخبيرة عدة مناصب أخرى، منها نائب رئيس اتحاد الإعلاميين، وغيرها الكثير من المآثر السياسية والإعلامية خلال مرحلة حياته النضالية التي بدأت في أربعينيات القرن الماضي.
توفي المناضل أحمد سعيد باخبيرة في 30 سبتمبر من العام 1980، وظلت سيرته الكفاحية وذكراه العطرة شاهدة على شخصيته النضالية الصلبة، التي تمكنت من حفر اسمها وبصماتها في صفحات ومجلدات التاريخ التي ستخلّد مآثره ومناقبه مدى الحياة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news