أعد التقرير لـ”يمن ديلي نيوز” إسحاق الحميري:
رأى خبراء اقتصاد أن إعلان السعودية عن تقديم دعم جديد للحكومة اليمنية يمثل خطوة محورية لوقف تدهور الاقتصاد الوطني، غير أن أثره يبقى مرهونًا بقدرة الحكومة على مواجهة الفساد وضبط الموارد المالية.
وأوضحوا في تعليقات لـ”يمن ديلي نيوز” أن الدعم السعودي جاء نتيجة للتعافي الجزئي للعملة الوطنية، ما شجع الرياض على الاستجابة، معتبرين أن الخطوة تحمل أيضًا رسالة سياسية تؤكد التزام المملكة بأمن اليمن واستقراره على المدى الطويل.
وكانت المملكة العربية السعودية قد أعلنت، يوم أمس، عن تقديم دعم اقتصادي وتنموي جديد للجمهورية اليمنية بقيمة مليار و380 مليونًا و250 ألف ريال سعودي، عبر “البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن”.
ويأتي هذا الدعم بالتزامن مع الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة اليمنية برئاسة سالم بن بريك، والتي نجحت في تحسين سعر صرف الريال أمام العملات الأجنبية بعد أن شهد أسوأ تراجع في تاريخه.
حول العوامل التي دفعت السعودية لتقديم الدعم، وانعكاساته المتوقعة على الاقتصاد الوطني، والسبل الكفيلة بضمان الاستفادة المثلى منه، ناقش “يمن ديلي نيوز” هذه المحاور مع كل من الدكتور محمد قحطان والخبير الاقتصادي عبد الحميد المساجدي.
نجاح الحكومة
البداية مع أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، الدكتور محمد قحطان، حيث أرجع “قحطان” قيام السعودية بتقديم الدعم إلى نجاح الحكومة في تحقيق قدر من التعافي للريال اليمني بطبعته الجديدة بعد أن كانت تعيش أزمة مالية تهدد بانهيار الشرعية، هذا ما يمكن اعتباره السبب لاستجابة السعودية لتقديم الدعم.
وقال في تعليق لـ”يمن ديلي نيوز” إن انعكاس الدعم على الوضع الاقتصادي يتوقف على نجاح الحكومة في مواجهة الفساد في الأوعية الايرادية للدولة والسيطرة على الموارد المالية للدولة وتوجيهها لخزينة الدولة.
ونصح قحطان الحكومة للاستفادة من الدعم، بالاستمرار في مواجهة الفساد بإرادة صلبة، وإيقاف الإنفاق على الرواتب والإعاشات والمساعدات بالعملات الأجنبية لمنتسبي الدولة في الخارج، وتخفيض الإنفاق الخارجي، ووقف استيراد السلع الكمالية.
كما نصح الحكومة بالتسريع بإصلاح مصافي تكرير النفط في عدن واستعادة طاقتها الإنتاجية لتغطية حاجة السوق اليمنية بالمشتقات النفطية من المصفاة والتوقف عن استيراد المشتقات النفطية من الخارج.
ودعا إلى مساعدة البنك المركزي على الاستمرار بسياسة تعافي العملة الوطنية من خلال جملة من السياسات المالية والنقدية والاستمرار في سياسة التثبيت لسعر الصرف والتخفيض التدريجي لسعر صرف الريال السعودي مقابل الريال اليمني.
ونصح دكتور الاقتصاد في جامعة تعز الحكومة بالعمل على إعادة بناء الوحدات الاقتصادية للدولة ، بحيث تواجه الحكومة تلاعب التجار بأسعار السلع والخدمات.
عدة أبعاد
من ناحيته المحلل الاقتصادي “عبدالحميد المساجدي قال بأن إعلان المملكة العربية السعودية عن تقديم دعم للحكومة اليمنية عبر “برنامج إعمار اليمن” خطوة بالغة الأهمية من عدة أبعاد.
وأوضح في تعليق لـ”يمن ديلي نيوز” أهمية الدعم تأتي في سياق تأكيد السعودية أنها لم تتخلَّ يوماً عن اليمن، لكنها اختارت أن يكون تدخلها ودعمها في هذه المرحلة أكثر تنظيماً عبر قنوات مؤسسية، بما يضمن أن تصل المساعدات إلى أهدافها الحقيقية.
وأضاف: الفترة السابقة من التحفظ السعودي لم تكن سلباً بقدر ما كانت تفكيراً استراتيجياً، حيث رغبت المملكة في أن يتم وضع إطار شامل وشفاف لإدارة الدعم، حتى لا يتحول إلى مجرد حلول إسعافية عابرة.
وأردف: اليوم، ومع التحديات الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعيشها اليمن، جاء الإعلان السعودي ليؤكد مرة أخرى أن المملكة ترى في استقرار اليمن جزءاً أساسياً من استقرارها الإقليمي، وأنها تتحمل مسؤوليتها الأخوية والسياسية تجاه الشعب اليمني.
وشدد على أن “هذه الخطوة ليست مجرد مساعدة مالية، بل رسالة سياسية قوية بأن السعودية ماضية في دعم اليمن على المدى الطويل، وبما يعزز أمنه واستقراره”.
أهمية الدعم
وواصل في حديثه لـ”يمن ديلي نيوز”: على الصعيد الاقتصادي، يمكن القول إن هذا الدعم السعودي يمثل شريان حياة للاقتصاد اليمني في هذه الظروف الحرجة. فمن الناحية المباشرة، سيسهم في دعم البنك المركزي وتعزيز احتياطاته من النقد الأجنبي، ما يساعد على تثبيت سعر صرف العملة وتخفيف الضغوط التضخمية.
وقال: هذا الأمر سينعكس إيجابياً على أسعار السلع الأساسية والخدمات، وبالتالي سيخفف من المعاناة اليومية للمواطنين. لكن الأثر الأهم يكمن في طبيعة الدعم السعودي، إذ إنه ليس دعماً آنياً قصير الأجل فقط، وإنما جزء من برنامج إعمار شامل يستهدف تحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والصحة والتعليم.
وأردف: هذا يعني أن الدعم سيولد حركة اقتصادية محلية، ويوفر فرص عمل، ويعيد تنشيط دورة الإنتاج. كما أن مجرد دخول المملكة على هذا الخط بحزم سيعيد ثقة المستثمرين والقطاع الخاص، ويعطي رسالة للمجتمع الدولي أن اليمن ما يزال يحظى بظهير قوي قادر على مساعدته في تجاوز أزماته.
فرصة استراتيجية
وواصل الاقتصادي “المساجدي” حديثه لـ”يمن ديلي نيوز” تحدث أنه لكي تحقق الحكومة اليمنية الاستفادة الحقيقية من الدعم السعودي فإن عليها أن تدرك أنه ليس مجرد منحة مالية عابرة، بل فرصة استراتيجية لإعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطن.
وقال: المطلوب أولاً هو وضع آليات شفافة وواضحة لإدارة الأموال والمشاريع، بعيداً عن الهدر والفساد.
أما الأمر الثاني – وفق المساجدي – فيجب أن توجه الموارد إلى الأولويات التي تمس حياة الناس بشكل مباشر، وعلى رأسها الكهرباء، التي تمثل عصب النشاط الاقتصادي، إضافة إلى قطاعات الصحة والتعليم التي يحتاجها المواطن بشكل يومي.
وأضاف: الأمر الثالث، من المهم أن تعمل الحكومة في شراكة وثيقة مع “برنامج إعمار اليمن”، لأن المملكة لديها خبرة ورؤية في إدارة المشاريع الكبرى، والاستفادة من هذه الخبرة سيضاعف الأثر الإيجابي.
ودعا “المساجدي” الحكومة لأن تنظر إلى هذا الدعم كبداية لشراكة استراتيجية طويلة المدى مع المملكة، وليس مجرد تدخل مؤقت.
وقال إن نجاح هذا الدعم في إحداث أثر ملموس على الأرض سيشجع المملكة على مزيد من المبادرات، وسيجعل المجتمع الدولي أكثر استعداداً للدخول في خطط دعم مشابهة.
مرتبط
الوسوم
منحة سعودية
الاقتصاد اليمني
الحكومة اليمنية
تعافي الريال اليمني
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news