ينص القانون على تثبيت الحقوق والممتلكات الخاصة بالأفراد والجماعات، لكنه في الغالب يعجز عن إعادة تلك الحقوق والممتلكات لأصحابها وفق ما تنص وتؤكد عليه تلك القوانين وحتى الأحكام القضائية الواجبة النفاذ، لكنه بالمقابل يوفر الحماية الكاملة والوقت الكافي والفرص المناسبة للمجرمين للدفاع عن أنفسهم وتبرئتهم مما نسب إليهم من جرائم حتى وإن لزم الأمر التحايل على القوانين والتلاعب بها وسط كل البراهين والأدلة التي تدينهم.
لنا في هذه القضية الإنسانية الخاصة بالمرحوم عبدالحق عبده سيف الصلوي وأسرته – دليلاً واضحًا على عجز القانون عن إعادة الحقوق لأصحابها، وفي الغالب يكون ذلك متعمدًا بسبب نفوذ واستقواء الخصم المدان.
القضية:
رغم الأحكام القضائية التي بلغت 17 حكمًا قضائيًا صدرت عن كل المستويات القضائية بدءًا من المحكمة الابتدائية ووصولًا إلى المحكمة العليا، وبرغم أحكام وقرارات التنفيذ التي تعاقبت بعد حكم المحكمة العليا، وبرغم ما يقارب اثنين وعشرين عامًا قضاها المرحوم عبدالحق عبده سيف الصلوي في دهاليز وأروقة النيابات والمحاكم، لا تزال أسرته تبحث عن العدالة التي اكتفت بأن تثبت حقوقهم على الورق دون أن تتحقق على أرض الواقع في استعادة حقوقهم وممتلكاتهم التي أكدت عليها الأحكام القضائية وقرارات التنفيذ.
تفاصيل القضية:
بدأت معاناة المرحوم عبدالحق عبده سيف الصلوي وأسرته منذ العام 2000م، حيث اقتحمت عصابة مسلحة محله التجاري [ورشة حديد وألمنيوم] في شارع مأرب بالعاصمة صنعاء، مستغلة سفره مع أسرته لقضاء إجازة العيد في قريته بمديرية الصلو محافظة تعز، وعند عودته تفاجأ الحاج عبدالحق بسرقة كل معدات الورشة من آلات وماكينات وأدوات ومخزون، إضافة إلى مبالغ مالية ووثائق تجارية وعقود تمليك وغيرها، فقام بإبلاغ الجهات المختصة التي باشرت التحقيق في القضية وتوصلت إلى أفراد العصابة التي كان يقودها ابن صاحب العقار المؤجر للصلوي والذي ينتمي لأسرة من بيت العلماني مديرية همدان، وبعد عناء ومتابعة طويلة تم القبض على الجاني وعدد من أفراد عصابته، وأودعوا جميعًا السجن، وصارت أحكام قضائية متتابعة من المحكمة الابتدائية والاستئناف والعليا تدين العصابة وتقضي بإعادة كافة المسروقات والتعويض عن الأشياء التي تم إتلافها داخل الورشة، لكن الأمر لم يدم طويلًا حيث تم إطلاق سراح الجاني وبصورة مخالفة للقانون وبدون أي ضمانات، وبدأت بعدها مرحلة جديدة من المعاناة المرة والطويلة لأسرة الصلوي خصوصًا بعد وفاة الحاج عبدالحق الصلوي في العام 2023م.
تضاعف المعاناة:
بدأت مرحلة متابعة تنفيذ الأحكام واستعادة الحقوق الضائعة من قبل أسرة عبدالحق الصلوي، وصدرت أحكام وقرارات وجوب التنفيذ الإجباري، حيث قضت الأحكام الصادرة بتعويضهم بمبلغ 85 مليون ريال، لكن الأمور أخذت مسارات مختلفة مما تسبب في معاناة إضافية لهم، وكون الجاني بدأ بالمراوغة والتملص واستخدام نفوذه في إعاقة إجراءات التنفيذ.
وكانت إجراءات التنفيذ قد أقرت حجز العقار للبيع كون المحكوم ضده غير قادر على دفع مبلغ التعويض، وهنا بدأ الجاني بالمراوغة والتحايل حيث قام بتثمين العقار بمبلغ مبالغ فيه لتعطيل إجراءات البيع رغم نزول ثلاثة إعلانات قضائية بالصحف الرسمية لعملية بيع العقار، ولأن الجاني صاحب نفوذ قام هو بتحديد قيمة العقار وهذا يخالف نص القانون الذي يوجب على المحكمة أن تحدد هي تكلفة العقار أو تنزل العقار للبيع عبر مزاد علني كما جرت العادة.
ظلت أسرة الصلوي تتابع الجهات القضائية لاستكمال إجراءات التنفيذ لسنوات عدة دون فائدة، بعدها تقدمت للمحكمة بطلب التمليك من العقار وبما يعادل حقهم القانوني المحكوم لهم، إلا أن الجاني قام بالتأثير على المعنيين بإجراء التنفيذ فحرروا رسالة للأوقاف كون الأرض التي فيها العقار تتبع الأوقاف، وهو إجراء غير معهود البتة، كون الأمر يتعلق بتنفيذ أحكام قضائية ويخص عقارًا قائمًا، وكان متوقعًا رفض الأوقاف لهذا الطلب رغم أنه غير قانوني.
فقدان الأمل باستعادة الحقوق:
وهكذا تستمر معاناة أسرة المرحوم عبدالحق عبده سيف الصلوي في متابعة حقوقهم الضائعة في أروقة المحاكم والسلطات القضائية، رغم كل تلك الأحكام والقرارات وكل تلك السنين التي ضاعت من عمر أبناء الفقيد واستنزفت كل مدخراتهم وممتلكاتهم إلى درجة أنهم فقدوا الأمل وفقدوا ثقتهم بالقضاء والقوانين والأنظمة والأعراف وكل ما يشير إلى تنظيم الحياة والعلاقة بين الناس، وأصبحوا غير قادرين على ممارسة حياتهم الطبيعية، وقد وصل ببعضهم الأمر للتفكير حد الموت حيث أقدم أحد أبناء المرحوم عبدالحق على إحراق نفسه في الشارع وأمام أعين المارة بعد أن ضاقت به الأمور ووجد نفسه غارقًا بالديون والالتزامات المتعددة، لعل من يلين قلبه أو يؤنبه ضميره في حسم هذه القضية وتخليص الأسرة من هذه المعاناة والعذاب الذي ذاقته وهي تطالب بحقوقها الضائعة.
الخلاصة:
نحن هنا نضع هذه القضية بين يدي سلطة الأمر الواقع والجهات المعنية بالعاصمة صنعاء، لعلنا نجد من خلالهم رجلًا رشيدًا يعمل على حل هذه القضية وإنجاز مهام التنفيذ وإعادة الحقوق لأصحابها ووقف معاناتهم التي طالت وبلغت حدًا لا يطاق.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news