بران برس - خاص:
من وسط ركام الحرب، وُلدت جامعة إقليم سبأ في مدينة مأرب (شمال شرقي اليمن)، في العام 2016. ميلاد لم يكن عاديًا، بل تحدٍ قاسٍ لظروف استثنائية، إذ آثرت أن تشق طريقها في زمن الانكسار، لتصبح اليوم إحدى قصص النجاح البارزة في اليمن.
الجامعة نشأت رسميًا في 11 أكتوبر 2016 بقرار من رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، رقم 145 لسنة 2016، لكنها كانت مشروع وحلم لعضو مجلس القيادة الرئاسي محافظ مأرب اللواء سلطان العرادة، بدأ بوضع خطته في العام 2013، ووضع حجر الأساس للمبنى الذي لا يزال يحتضن نازحين حتى اليوم.
جامعة إقليم سبأ بدأت بخطوات متواضعة، وإمكانيات محدودة، لكنها سرعان ما أثبتت قدرتها على النمو والتطور، فقاعاتها التي احتضنت المئات، باتت اليوم تستقبل الآلاف، فيما حوّل طاقمها الأكاديمي التحدي إلى إنجاز، لتثبت أن التعليم يمكن أن ينتصر حتى في زمن الحروب.
رحلة الجامعة لم تكن سهلة، لكنها حافلة بالإصرار، من تأسيس الكليات، إلى فتح مسارات بحثية وعلمية، لتتحول مأرب من مدينة حرب، إلى مدينة علم تستقبل أبناء اليمن من مختلف المحافظات.
لتسليط الضوء على هذا الإنجاز الكبير، ولمعرفة تفاصيل هذه الرحلة، والصعوبات التي واجهتها الجامعة وكيف تجاوزتها، ووضع الجامعة حاليًا وخططها المستقبلية، استضفنا في حلقتنا الجديدة من برنامج "حوار برّان"، رئيس الجامعة الدكتور محمد القدسي، الذي فتح لنا أبواب الحكاية كاملة، لقصة نجاح كُتبت بحبر الصمود، لتقول للعالم إن الإرادة قادرة على النجاح مهما كانت قسوة الحرب.
نص الحوار:
**أهلًا وسهلًا دكتور محمد، وشرفتنا في هذه الحلقة الجديدة من "حوار برّان"؟
حياكم الله، وأهلًا وسهلًا بكم في جامعة إقليم سبأ. وإن شاء الله تكون هذه الحلقة بداية لحلقات قادمة.
**جامعة إقليم سبأ نشأت في ظروف صعبة، وسط الحرب والحصار الذي شهدته مأرب عام 2015.. كيف تشكل هذا الصرح العلمي في تلك المرحلة الحرجة؟
أكرر الترحيب بكم. رغم ظروف الحرب، هناك عوامل ساعدت على تأسيس الجامعة. فقد نشأت رسميًا في 11 أكتوبر 2016 بقرار من رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، رقم 145 لسنة 2016.
قبل ذلك، كانت هناك كلية تأسست في نوفمبر 2006، بقرار من الرئيس حينها، أعتقد أنه عبد القادر باجمال، وكانت تضم 15 برنامجًا موزعة على ثلاثة تخصصات: العلوم، والآداب، والتربية. هذه الكلية كانت فرعًا لجامعة صنعاء، وساعدتنا كثيرًا في الانطلاق.
العامل الثاني هو مشروع الأخ اللواء سلطان العرادة، الذي بدأ منذ عام 2013 بخطة لإنشاء الجامعة، ووضع حجر الأساس للمبنى الذي لا يزال يحتضن نازحين حتى اليوم.
أما العامل الثالث، فهو الاحتياج المجتمعي الملح لوجود حاضنة علمية تستوعب أبناء مأرب والإقليم، وكذلك الطلاب النازحين من المحافظات التي سيطر عليها الحوثيون. في أول سنة، استقبلنا عشرات، بل مئات الطلاب الذين تعثرت دراستهم في صنعاء وذمار وعمران وغيرها.
اليوم، لدينا أكثر من 19,362 طالبًا وطالبة، وهو رقم يعكس الضغط السكاني الكبير الذي استوعبته الجامعة.
**كيف تضمنون جودة المخرجات الأكاديمية في ظل هذا العدد الكبير، ومع ضعف الإمكانيات؟
بالفعل، الضغط يمثل تحديًا كبيرًا، لكننا اجتهدنا. الجامعة لديها موقعان: الحالي، والجديد في منطقة الميل. واجهنا خيارين: إما بناء كليات مستقلة كما ينص القانون، أو إنشاء قاعات ومعامل بمواصفات متوسطة. فاخترنا الخيار الثاني، نظرًا للظروف الاقتصادية والحرب.
منذ 2016 وحتى بداية 2024، بلغت ميزانية الجامعة من الدولة 972 مليون ريال فقط. لذلك ركزنا على تحسين الموجود، بدعم من السلطة المحلية التي أنشأت قاعات من الهناجر، ثم دورين إضافيين في كلية العلوم الإدارية، ثم كلية الطب، واستكملنا ثلاثة أدوار فيها.
البرنامج السعودي بنى 16 قاعة، والسلطة المحلية أضافت 18 قاعة أخرى. أنشأنا مكتب الجودة عام 2018، وأنجزنا 46 وثيقة برنامج دراسي للبكالوريوس والماجستير والدبلوم. ونحن مستعدون لاستقبال مركز الاعتماد الأكاديمي، ونثق بجودة ما أنجزناه.
نعمل حاليًا على مشروع توصيف المقررات، ونهدف لإنجاز 70% منه بحلول أكتوبر 2025.
**ما مدى تحقق طموحاتك في الجامعة؟ وهل وصلت إلى ما كنت تطمح إليه؟
بدأنا بتخطيط واضح، وليس بعشوائية. رؤيتنا أن تتحول الجامعة إلى مدينة جامعية متكاملة، تشمل الكليات، وسكن أعضاء هيئة التدريس، والإداريين، والطلبة.
أعددنا خطة استراتيجية لمدة خمس سنوات (2021–2025)، بدأت بـ66 مشروعًا، ثم قلصناها إلى 38 مشروعًا بقيمة إجمالية 25 مليار ريال. نهدف لإنجاز بنية تحتية لثلاث كليات: الحاسوب، الطب، والعلوم الإدارية.
أنجزنا كلية الحاسوب، وتأخر افتتاحها بسبب التمويل، ونتوقع افتتاحها في أكتوبر أو نوفمبر. أما كلية الطب، فقد وُضع حجر الأساس لها في أكتوبر 2024، ونأمل من البرنامج السعودي الإسراع في تنفيذها.
الكلية الثالثة، العلوم الإدارية، تم توقيع اتفاقية بنائها مع مؤسسة الوصول الإنساني، ونتطلع لإنجازها قريبًا.
**ما الجهات التي ساهمت في إنجاز هذه المشاريع؟
الإنجاز تم عبر ثلاث جهات رئيسية: ميزانية الجامعة التشغيلية، السلطة المحلية، وجهات داعمة أخرى. البرنامج السعودي بنى 16 قاعة، والندوة العالمية للشباب الإسلامي أنشأت مركز البحوث، وجمعية رعاية طالب العلم بنت الوحدة الصحية.
في الجامعة الجديدة، مؤسسة الوصول الإنساني، بدعم من الكويت، بنت كلية تكنولوجيا المعلومات وعلوم الحاسوب، ووقّعنا معهم أيضًا على كلية العلوم الإدارية.
**هل هناك إنشاءات جارية في مبنى الجامعة الجديد؟
نعم، هناك أعمال إنشائية قائمة حاليًا. المقاولون يعملون على مشروعين، وسيبدأ المشروع الثالث يوم السبت القادم بإذن الله. المشروع الأول هو كلية الحاسوب، وقد اكتمل بنسبة 98% حسب تقديري.
أما المشروع الثاني، فهو مبنيان سكنيان لأعضاء هيئة التدريس، بتمويل من السلطة المحلية بقيمة تقارب 1.6 مليون دولار. المقاولون يعملون عليهما حاليًا، وقد تم صب الدور الأول في أحد المبنيين، بينما يستعد الآخر لصب الدور ذاته. كل مبنى يتكون من خمسة أدوار، وكل دور يحتوي على ست شقق، ليكون المجموع 60 شقة.
هذه المباني تقع على الطريق الممتد من بوابة الجامعة إلى مبنى الكلية، وفقًا لمخطط "المستر بلان"، ويشمل شارعًا مسفلتًا بعرض 40 مترًا حتى الدوار، ثم 20 مترًا وصولًا إلى الكلية. كما انتهينا من إعداد المخطط العام للجامعة الجديدة، وسيبدأ المشروع الرابع في الأرضية الجديدة يوم السبت.
**هل ستكون كلية الطب ضمن مباني الجامعة الجديدة؟
لا، كلية الطب تم وضع حجر الأساس لها بجوار مستشفى الهيئة، غرب المستشفى. وقد أعلن اللواء سلطان العرادة عن المدينة الطبية، التي ستضم كلية الطب، والمستشفى التعليمي، ومركز القلب، ومركز العلاج الطبيعي، ومركز الكلى.
**كيف تعاملت الجامعة مع الطلاب النازحين من المحافظات الأخرى؟
الجامعة كانت حاضنة تربوية وعلمية للشباب النازحين، الذين تركوا مقاعد الدراسة بسبب الحرب. لو لم تكن الجامعة موجودة، لكان هؤلاء الشباب عرضة للاستقطاب من قبل جهات مثل جماعة الحوثي.
ركزنا في اختيار البرامج الأكاديمية على التخصصات الأكثر طلبًا واحتياجًا للمجتمع. أنشأنا كلية العلوم الإدارية منذ اليوم الأول، وبدأنا بقسمين، واليوم لدينا خمسة أقسام، وهي أكبر كلية في الجامعة، ويبلغ عدد طلابها أكثر من 4800 طالب، وتجاوز عدد الخريجين هذا العام 340 طالبًا.
كما بدأنا كلية الحاسوب بقسم واحد، واليوم لدينا أربعة أقسام، آخرها قسم الأمن السيبراني، ونأمل العام القادم افتتاح قسم الذكاء الاصطناعي.
**هل تمتلك الجامعة الكادر الأكاديمي المؤهل لتدريس الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي؟
نعم، لدينا الأساس الأكاديمي لهذه التخصصات. قمنا بتوظيف أكثر من 11 دكتورًا متخصصًا في الحاسوب، والذكاء الاصطناعي، والاتصالات. وقد عرضت أسماءهم وتخصصاتهم على وزير التعليم العالي خلال لقاء جمعنا مؤخرًا.
نحن نمتلك الكادر، ونعمل على استكمال تجهيز المعامل. هذا العام، ستطلق وزارة التعليم العالي النسخة الثانية من التصنيف الوطني للجامعات، وقد سمحوا بمشاركة الجامعات التي خرّجت دفعتين على الأقل. نحن خرّجنا خمس دفعات منذ عام 2019، وسننافس بقوة في هذا التصنيف.
**هناك لغط حول آلية القبول، خاصة فيما يتعلق بأبناء مأرب. كيف تردون على ذلك؟
هذه إشكالية متكررة، لكنها مفهومة. في البداية، كانت نسبة أبناء مأرب في الجامعة 38%، واليوم تقلصت إلى أقل من 25% بسبب توسع التخصصات وزيادة الإقبال من المحافظات الأخرى.
نحن نمنح أبناء مأرب نسبة قبول خاصة، ليس مجاملة، بل لأن الجامعة أُنشئت لتنمية المحافظة. في كلية الطب، خصصنا 50% من المقاعد لأبناء مأرب ومحافظات الإقليم، و50% لبقية المحافظات. هذا قرار مدروس، ويهدف لتحقيق العدالة التنموية.
في هذا العام، تقدم 26 طالبًا من أبناء مأرب لكلية الطب، نجح منهم 23، وقمنا بقبولهم جميعًا. كما قبلنا طلابًا من الجوف والبيضاء فوق الطاقة الاستيعابية، لأننا نؤمن بأن الجامعة يجب أن تكون حاضنة للجميع.
**ماذا عن التوظيف الأكاديمي والإداري؟ هل هناك تمييز؟
أعلنا عن وظائف في أربع مراحل، آخرها كان في 2022، وشملت 46 درجة وظيفية. للأسف، لم يتقدم من أبناء مأرب إلا أربعة أشخاص في تخصصات محدودة، ولم يكن لديهم درجات في تخصصاتهم.
لدينا درجتان في التفسير والفقه، وعممنا على الكليات أن كل من يتقدم يأخذ حقه. في بعض الحالات، وظفنا أبناء مأرب رغم أنهم لم يحصلوا على الدرجة الأولى، لأننا نؤمن بحقهم في المشاركة في التنمية.
نحن لا نمارس تمييزًا، بل نفتح الباب للجميع، ونؤمن بأن أبناء مأرب لهم الحق في أن يكونوا جزءًا من هذا المشروع التنموي.
**هل فُصّلت الدرجات الوظيفية في الجامعة بطريقة لا تنطبق على جهة معينة دون أخرى؟ وهل كانت هناك شفافية في التوظيف؟ وهل شكّلت الخبرة عائقًا أمام أبناء مأرب؟
لم تكن الخبرة يومًا عائقًا، لا في التوظيف ولا في الوصول إلى المراكز القيادية داخل الجامعة. منذ تأسيس الجامعة، لم نضع شرط الخبرة كعائق أمام أبناء مأرب أو غيرهم. لدينا في الكادر الأكاديمي من أبناء مأرب من لم يعمل في أي جامعة حكومية من قبل، ومع ذلك يشغلون مناصب مثل عميد كلية أو نائب عميد أو رئيس قسم.
لو اشترطنا الخبرة، لاضطررنا إلى الاستغناء عن معظم الكادر الجامعي واستقدام أساتذة من جامعات أخرى مثل صنعاء أو تعز أو حضرموت. لكننا لم نفعل ذلك، بل حرصنا على أن يكون التوظيف متاحًا للجميع، ومن يُوظّف في اليوم الأول، يتسلم منصبه في اليوم الثاني. هذا ما حرصنا على توضيحه، حتى لا تتحول الإشاعات إلى حقائق.
**كم عدد كليات جامعة إقليم سبأ حاليًا؟
لدينا اليوم سبع كليات:
1. كلية الطب (متخصصة في الطب البشري فقط، وليست كلية طب وعلوم صحية).
▪️ قبلنا هذا العام الدفعة السادسة، وفي العام الدراسي 2026–2027 ستتخرج أول دفعة مكونة من 120 طالبًا.
▪️ الطلاب في السنة الخامسة حاليًا يبلغ عددهم 48 طالبًا.
▪️ يتلقى طلاب الطب 244 ساعة تدريبية وسريرية ونظرية، مقارنة بـ132 ساعة في الكليات الأخرى.
2. كلية الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات، وتضم أربعة أقسام: الحاسوب، تقنية المعلومات، الاتصالات، والأمن السيبراني.
3. كلية العلوم الإدارية والمالية، وتضم خمسة برامج.
4. كلية الشريعة والقانون.
5. كلية الآداب والعلوم الإنسانية.
6. كلية التربية والعلوم.
7. كلية التربية والعلوم الإنسانية والتطبيقية، تأسست عام 2017 في مدينة الحزم بمحافظة الجوف، واستمرت حتى عام 2020، ثم نُقلت إلى المركز الرئيسي للجامعة بسبب عودة الحوثيين إلى المدينة. لا تزال الكلية قائمة، وتضم نحو 360 طالبًا.
بذلك، يبلغ عدد برامج البكالوريوس 33 برنامجًا، إضافة إلى 18 برنامجًا للدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه) موزعة على كليات الجامعة.
**كم عدد الطلاب المسجلين في برامج الدراسات العليا؟
لدينا 504 طالبًا وطالبة مسجلين في برامج الماجستير والدكتوراه، موزعين على 18 برنامجًا في أربع كليات: الشريعة، الحاسوب، الآداب، والتربية.
كليات التربية والآداب والحاسوب لها امتداد منذ عام 2006، أما كلية الشريعة فهي الكلية الجديدة. وقد التزمنا بنظام الدراسات العليا المعتمد من وزارة التعليم العالي، والذي يشترط وجود أساتذة و3 دفعات متخرجة لفتح البرامج.
**هل الجامعة معتمدة رسميًا؟ وما وضع البرامج الجديدة؟
نعم، الجامعة معتمدة بقرار من رئيس الجمهورية كجامعة حكومية. جميع البرامج، باستثناء البرامج الحديثة، تم اعتمادها من وزارة التعليم العالي في العاصمة المؤقتة عدن.
أما البرامج الجديدة التي أُنشئت العام الماضي، فاعتمادها إجرائي ويخضع للمجلس الأعلى للتعليم العالي، الذي يعاني من عدم انتظام جلساته. هذا التأخير ليس بسببنا، بل بسبب الظروف العامة.
عندما قدمنا برامجنا في عام 2020، كان رئيس الوزراء حينها الدكتور معين عبد الملك، وكنت شخصيًا مستاءً من تأخر الاعتماد، خاصة أن المجلس لم يجتمع إلا مرة واحدة في عهد الدكتور حسين باكرامة. ومع ذلك، اعتمدت كل البرامج التي قدمناها.
**ماذا عن الاعتماد الأكاديمي للبرامج؟
للأسف، لا يوجد أي برنامج أكاديمي معتمد رسميًا في الجمهورية اليمنية، سواء داخليًا أو خارجيًا، وهذه ثغرة تعاني منها جميع الجامعات الحكومية.
لكن نشكر الدكتور خالد، وزير التعليم العالي، الذي أعاد تفعيل مجلس الاعتماد الأكاديمي. شاركنا في فعاليات المجلس في شهر يوليو، وأرسلنا وفدين من الجامعة. نحن الآن مقدمون على اعتماد برامجي لتسعة برامج، وسنبدأ بتنفيذ الخطوات اللازمة للاعتماد المحلي.
بالطبع! إليك تنسيقًا احترافيًا للمحتوى كمقابلة صحفية صالحة للنشر في موقع إخباري، مع مراجعة لغوية وإملائية دقيقة، وتنسيق الأسئلة والأجوبة بأسلوب صحفي واضح:
**هل هناك شراكات مع جامعات عربية ودولية؟
نعم، لدينا شراكات مع جامعات مغربية ومصرية وماليزية وسعودية، بالإضافة إلى جامعات سودانية ويمنية. وقد وقّعنا اتفاقيات تعاون معها، وهي اتفاقيات نمطية تتركز غالبًا في مجالين: البحث العلمي وتبادل الخبرات.
نحن نسعى لتطبيق مبدأ "خذ وأعطِ"، مثلًا: كم طالب ستقبل لي؟ كم طالب سأبتعث لك؟ قد يبتعثون لنا عشرة طلاب، ونحن نتحمل اثنين. هذه الاتفاقيات قائمة على تبادل المصالح، ولا توجد فيها إشكالات، رغم ظروف اليمن الصعبة.
**هل لدى الجامعة ميزانية خاصة بابتعاث المعيدين والمدرسين؟
للأسف، لا توجد لدينا ميزانية معتمدة للابتعاث، سواء للمدرسين أو المعيدين. وزارة المالية موجودة، لكن لم تُخصص لنا ميزانية لهذا الغرض. الجامعات التي تأسست قبل عام 2016 كانت لديها آلية للتدوير والابتعاث، أما نحن فواجهنا صعوبات.
وقّعنا اتفاقية مع الدكتور عبد الحكيم الشرجبي، وتم تحديد استقطاع 11 مقعدًا من جامعة صنعاء لصالح جامعة إقليم سبأ، وتفاعل معنا أيضًا الدكتور حسين باسلامة، لكن الإجراءات توقفت عند وزارة الخدمة المدنية والمالية.
ومع ذلك، نشكر وزير التعليم العالي الدكتور خالد الوصابي، الذي تعاون معنا وخصص لنا مقاعد على حساب الوزارة، وليس على حساب ميزانية الجامعة. لدينا الآن:
• 7 مبتعثين في المغرب
• 13 في مصر
• 1 في روسيا
• 1 في باكستان (أنهى دراسته)
• 1 في الصين
• 4 في الهند
وهذا جهد مشكور، ونأمل أن يزداد العدد، خاصة أن لدينا 221 معيدًا و39 مدرسًا.
**هناك من يقول إن الجامعة تعتمد على خريجي مدرسة واحدة علمية أو حزبية.. ما ردكم؟
هذا الكلام غير صحيح إطلاقًا. الجامعة لا تتبع مدرسة حزبية أو علمية واحدة. لدينا أعضاء هيئة تدريس من 17 دولة، منها: المغرب، الجزائر، مصر، السودان، الأردن، سوريا، العراق، السعودية، اليمن، الهند، تركيا، باكستان، فرنسا، وروسيا.
لدينا تخصصات متنوعة مثل الحاسوب، الأحياء، والجيولوجيا، ولا تقتصر الجامعة على اللغة العربية أو الدراسات الإسلامية. ملفات القبول والتوظيف لدينا تثبت هذا التنوع، ولا يوجد أي تمييز. من يدّعي وجود تمييز، فليتفضل ويثبت ذلك.
نحن نُعطي أبناء المحافظة حقهم، لكن لا نُقدّمهم على غيرهم دون مبرر. نحرص على العدالة والشفافية في التوظيف والقبول.
**ما إسهامات الجامعة في خدمة المجتمع؟ وهل ترون أن لها أثرًا ملموسًا؟
بصراحة، لست راضيًا تمامًا عن مستوى خدمة المجتمع حتى الآن، لأننا لا زلنا في طور التأسيس. أبرز ما نقدمه هو احتضان الطلاب وتلبية احتياجات سوق العمل بالخريجين.
لكن هناك جهود أخرى، فزملاؤنا من أعضاء هيئة التدريس يشاركون في اللجان التخصصية، ويعملون في المنظمات والبنوك والقطاعات المختلفة. أما في مجال البحوث المجتمعية، فقد بدأ مركز الدراسات والبحوث خطوات مهمة، منها عقد ورشتين مجتمعيتين، وإعداد عشرة عناوين بحثية، أُنجز منها ثلاثة حتى الآن.
نأمل أن تكون السنة الأكاديمية 2025–2026 مخصصة لخدمة البحث المجتمعي بشكل أوسع.
**هل لدى الجامعة إصدارات علمية؟ وهل تُطبع وتُتاح للطلاب؟
نعم، لدينا مجلة علمية محكّمة، أصدرنا منها 8 مجلدات، وكل مجلد يحتوي على إصدارين، أي ما مجموعه 16 إصدارًا في تخصصات: الطب، الإدارة، العلوم التطبيقية، الإنسانية، والتربوية. تُنشر المجلة ورقيًا وإلكترونيًا.
البحث العلمي يُرسل إلى ثلاثة محكّمين، ويتم تقييمه وفقًا للمعايير المعروفة: قبول كلي، قبول مشروط بالتعديل، أو رفض.
كما لدينا مجلة ثانية باسم "مجلة المعرفة"، تصدر عن مركز الدراسات والبحوث، والعدد الأخير منها قيد النشر. وهناك مجلة ثالثة متخصصة في الشريعة والقانون، صدر منها مجلد واحد، وسنواصل إصدار باقي المجلدات.
**ماذا عن توثيق مناقشات الدراسات العليا؟
لدينا لائحة تنظم هذا الأمر. نُوثّق المناقشات، ونُعلن عنها للطلاب والمجتمع، ونحتفظ بنسختين: واحدة للمكتبة، وأخرى لقسم الدراسات العليا.
أتوقع أن تُناقش أول رسالة دكتوراه في الجامعة عام 2026–2027، وسندعوكم للحضور. أول رسالة ماجستير نوقشت في الجامعة كانت لطالب في اللغة العربية، وحضرها اللواء سلطان العرادة عام 2020.
**هل شاركت الجامعة في مؤتمرات علمية؟ وهل هناك مؤتمرات قادمة؟
نعم، نفذنا مؤتمرين علميين، أحدهما طبي، وكان الأول من نوعه في اليمن، وسبقت به الجامعة مؤسسات أخرى. كما شاركنا في مؤتمر علمي في تعز، وآخر في مدينة أخرى.
نُحضّر حاليًا لمؤتمر خاص بالإعلام، ونتمنى أن تكونوا أنتم العمود الفقري فيه. كما نُعد لمؤتمر ثالث في كلية التربية والعلوم التربوية.
ونعمل أيضًا على إنشاء مجلة جديدة متخصصة في العلوم التطبيقية، والطب، والهندسة، والتنمية، والرياضيات، والحاسوب. بالإضافة إلى مجلة أخرى تُعنى بالعلوم الإدارية، والتربوية، والإنسانية.
**هل هناك اتحادات طلابية داخل الجامعة؟ البعض يتحدث عن منع الجامعة لهذه الاتحادات؟
اللائحة التنظيمية تنص على وجود ثلاثة مكونات طلابية: عشائر الجوالة، الجمعيات العلمية، واتحاد الطلاب. بالنسبة للجوالة والجمعيات العلمية، فالمسؤول عنها هو نيابة شؤون الطلاب والكليات، وقد أنشأناها بالفعل في الجامعة. عشائر الجوالة تشارك في الفعاليات الوطنية، مثل احتفالات 26 سبتمبر، والجمعيات العلمية يتم تجديد انتخاباتها كل سنتين.
أما اتحاد الطلاب، فالمعني بإنشائه هو اتحاد طلاب اليمن، وليس الجامعة. نحن نستقبلهم ونتفاعل معهم، لكن الاتحاد العام لم يلتئم حتى الآن، وهو الجهة المخولة بإنشاء الاتحادات في الجامعات. نحن لسنا ضد أي مكون طلابي، لكن يجب أن يكون وفق النظام الأساسي المعتمد.
** في ظل الحرب وصعوبة التواصل، هل هناك حلول بديلة؟
نعم، قدمنا حلولًا بديلة لأبنائنا الطلاب. اعتمدنا لائحة الكيانات الطلابية المتعلقة بالنوادي، وأعتقد أننا أول جامعة تعتمدها. كما دعمنا الأنشطة الطلابية بمبلغ 25 مليون ريال سنويًا. لكن في العام القادم، قد لا نستطيع تقديم الدعم بسبب قرار رئيس الوزراء الذي اعتبر رسوم القيد غير مخصصة للأنشطة، مما سيجعل الطلاب يبحثون عن مصادر تمويل أخرى.
**هل تعتبرون اتحاد الطلاب مصدر إزعاج للجامعة؟
إطلاقًا، لا نعتبره مصدر إزعاج. بل نراه رديفًا لنا في التنبيه إلى احتياجات الطلاب، سواء في الأنشطة أو في العملية التعليمية. المشكلة فقط عندما يتحول الاتحاد إلى أداة سياسية، حينها يخرج عن وظيفته الأساسية.
**هل توجد نقابات لأعضاء هيئة التدريس أو الإداريين؟
لا توجد نقابات رسمية، لكننا شكلنا لجنة نقابية لأعضاء هيئة التدريس، ولجنة ثقافية للكادر الأكاديمي، تتواصل معنا في شؤونهم. وقد صدر أول بيان عن اللجنة النقابية في الجامعة، ونحن ملتزمون بالسياسة العامة المتبعة في المحافظة.
**ما وضع الطالبات في المديريات التي سقطت مثل حريب والجوبة؟ هل توقفن عن التعليم؟
الجامعة سيّرت 14 باصًا لنقل الطلاب والطالبات، منها 4 للجوبة و6 لحريب. بعد سقوط بعض المناطق، لم نعد قادرين على الوصول إليها، لكن 8 باصات لا تزال تعمل وتجمع الطالبات من مختلف المناطق، خاصة طالبات كلية الطب، وتستمر الخدمة حتى الساعة الرابعة عصرًا.
الباصات مقدمة من جهات متعددة: شركة صافر، البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، السلطة المحلية، والهلال الأحمر الإماراتي.
**كيف تصفون علاقة الجامعة بالإعلام المحلي؟
علاقتنا بالإعلام ممتازة. طلاب الإعلام يتدربون في إذاعة مأرب الاتحادية، وإذاعة الجوف، وقناة اليمن وعدن. نحن بصدد إنشاء مركز إعلامي متكامل يشمل إذاعة وتلفزيون، ليكون منصة لنقل رسائل الجامعة إلى المجتمع.
**هل هناك أنشطة رياضية وثقافية للطلاب؟
نعم، لدينا إدارة عامة للأنشطة الطلابية تنظم فعاليات رياضية وثقافية على مدار العام، منها بطولات في الشطرنج، كرة القدم، كرة السلة، ومسابقات في الشعر، الإلقاء، القصة، والنثر. نحن نشجع مشاركة الطلاب في جميع الأنشطة، خاصة في الحفلات الرسمية.
**كم تبلغ نسبة الطالبات في الجامعة؟ وما أكثر الكليات استقطابًا لهن؟
نسبة الطالبات تبلغ 28% من إجمالي طلاب الجامعة، أي نحو 4600 طالبة. أكثر الكليات استقطابًا لهن هي كلية التربية، تليها كلية الطب بنسبة تصل إلى 60% في بعض السنوات، ثم كلية الآداب، فالحاسوب، فالإدارية، وأخيرًا الشريعة.
**هل الكليات الحالية تلبي احتياجات سوق العمل؟
نعم، الكليات والأقسام التي افتتحناها ملامسة لاحتياجات المجتمع وسوق العمل. التوزيع يعكس الثقافة المجتمعية ورغبة أولياء الأمور، إضافة إلى توفر الكادر الأكاديمي.
**كم عدد الأكاديميين والموظفات في الجامعة؟
عدد حملة الدكتوراه قليل، نحو 3 فقط، لكننا أضفنا 5 دكاترة مؤخرًا. عدد الموظفات الإداريات يكاد يساوي عدد الموظفين الذكور، ولدينا أكثر من 65 موظفة في مختلف الأقسام والإدارات.
**هل لدى الجامعة خطة استراتيجية مستقبلية؟
نعم، أنهينا مؤخرًا تقييم الخطة الخمسية الأولى (2021–2025)، وشكلنا لجان إعداد الخطة الثانية (2026–2030)، التي ستُعلن نهاية ديسمبر أو بداية يناير. سنعمل على تجاوز الصعوبات، ونؤكد أن الدعم الذي قدمه المحافظ سلطان العرادة للجامعة خلال السنوات الماضية لا مثيل له، ونعتبره رائد التعليم العالي في مأرب.
ختامًا، نشكر الدكتور محمد القدسي، رئيس جامعة إقليم سبأ، على هذا الحوار الشامل، وعلى حسن الاستقبال في هذا الصرح العلمي الشامخ. إلى لقاء قريب في برنامج "الحوار".
جامعة إقليم سبأ
محمد القدسي
مأرب
التنمية في مأرب
حوار برّان
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news