بينما يموت الموظفون والمعلمون جوعًا في شوارع هذا البلد المتبلد قهرًا، وقد بحت حناجرهم يصرخون منذ أشهر مطالبين براتب هزيل لا يسد رمقهم… فجأة ينفجر “كشف الإعاشة” ليكشف بوضوح قبح المشهد الموغل في الفساد: ملايين الدولارات تُنثر كل شهر على آلاف الانتهازيين، وآلاف الدولارات شهريًا لكل سافل فارغ بلا مهام، فيما المواطن اليمني الحقيقي يُسحق براتب لا يتجاوز 50 دولارًا شهريًا.
أي وقاحة هذه؟! عقد كامل وهم يتاجرون بشعار “المظلومية”، يبكون من “انقلاب” صادر ممتلكاتهم، فيما الحقيقة الصارخة تقول: شقق في العواصم، استثمارات مختلفة، أرصدة متنامية. ليسوا ضحايا كما يزعمون، بل طفيليات تعيش على جثة وطن ينهار في وضح النهار.
حتى بعد انكشاف المستور اليوم، لم يخجلوا، بل تجرأوا على القول وبكل وقاحة: “إنها استحقاقات”. استحقاقات؟! أي استحقاق هذا الذي يلتهم ما تبقى من لحم اليمن؟ أي منطق يبرر أن تتحول مأساة شعب كامل إلى كشوفات رواتب تفضح نهم اللصوص وانتهازية الساسة؟
لم يعد الوطن مدرسة تُبنى، ولا مستشفى يُجهَّز، ولا مصنع يُنجز. صار الوطن ورقة في دفتر الفساد، وصارت القضية الدفاع عن “مستحقات” لا عن الشعب. كل ادعاءاتهم مجرد أغطية للتخفي، لا أكثر.
وطن كامل يُسحق، فيما حفنة من الانتهازيين يتقاسمونه كغنيمة حرب يتمنون استمرارها لمزيد من الثراء.
فهل يُعقل أن نثق في هؤلاء، ممن يثرون من غياب الدولة ويزعمون أنهم يريدون بناءها؟
بالتأكيد لا. هؤلاء أعداء الوطن الحقيقيين، يثرون على حسابه باسم “الشرعية” و”المقاومة”، بينما لا يرون في اليمن سوى شركة صرافة لتمويل كشوف فضائحهم المكشوفة.
إنها خيانة عظمى مكتملة الأركان… وطن يُذبح من الوريد إلى الوريد، معلم يُهان، مواطن يموت من الجوع، بينما يتقاسم الساسة اللصوص “الإعاشة” بدم بارد، وعلى مرأى من موت اليمن الكبير.
باختصار، هذا البلد ملكنا جميعًا، ويجب أن تتوقف دوامة الهدر التي تستمرئ طحن عظامنا حتى تذريه الرياح!
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news