مصر.. قلعة الصمود العربي ودفاعها الثابت عن القضية الفلسطينية
قبل 3 دقيقة
في خضم أعتى الأزمات التي تواجهها القضية الفلسطينية منذ نكبة عام 1948، تتعالى أصوات التشكيك والتشويه، وتُوجَّه سهام باطلة صوب من وقفوا على مدار التاريخ في خندق الدفاع عن الحق الفلسطيني. وفي مقدمة هذه الدول تقف مصر، حاملة لواء العروبة والعدالة، ومُقدِّمة من التضحيات والجهود ما لم تقدمه أية دولة أخرى، لتصبح الحارس الأمين للقضية الفلسطينية في وجه مشاريع التصفية والتهجير، ومحاولات خنق الفلسطينيين في أرضهم.
ورغم الحرب الغاشمة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، والتي أسفرت عن كارثة إنسانية غير مسبوقة، فإن بعض الأطراف اختارت أن تصوِّب سهامها نحو مصر، بادعاءات زائفة تتعلق بمعبر رفح والمساعدات الإنسانية. وهنا لا بد من التوقف، لا دفاعاً عن الدولة المصرية فحسب، بل دفاعاً عن الحقيقة، وإنصافاً لدورها القومي والإنساني.
واجزم ان الحديث و الادعاء حول معبر رفح هناك حقائق غائبة خلف الادعاءات ومعبر رفح خصوصا أحد أكثر الادعاءات المغلوطة التي يتم تداولها هي تلك التي تزعم بأن معبر رفح مغلق من الجانب المصري، أو أن مصر تتحكم فيه بشكل منفرد. والحقيقة أن معبر رفح ليس معبراً مصرياً فقط، بل يتكوَّن من بوابتين، إحداهما مصرية والأخرى فلسطينية، يفصل بينهما ممر لا يمكن اجتيازه إلا بالتنسيق بين الطرفين. ومنذ أن احتل الجيش الإسرائيلي الجانب الفلسطيني من المعبر، لم يعد هناك إمكانية لعبور الأفراد أو الشاحنات عبره. وليس ذلك فحسب، بل إن الاحتلال استهدف المعبر عسكرياً مرات عدة، ليحوّله من منفذ إنساني إلى نقطة حصار وقتل.
ورغم أن المعبر مخصص لعبور الأفراد فقط، فإن مصر — بدافع أخلاقي وإنساني — تجاوزت الأطر الرسمية، ونجحت في إدخال آلاف الشاحنات من خلاله منذ اندلاع الحرب، متحمّلة الأعباء اللوجستية والأمنية، في وقت تواصل فيه إسرائيل إحكام حصارها على القطاع من البر والبحر والجو، وتتحكم في جميع المعابر الأخرى المؤدية إلى غزة مثل معبر كرم أبو سالم، وإيرز، وصوفا، وكيسوفيم وغيرها.
يعلم الضمير العالمي ان المسؤول الحقيقي عن الكارثة و من غير المنطقي توجيه اللوم إلى مصر بينما الاحتلال الإسرائيلي هو الذي يغلق المعابر، ويمنع وصول المساعدات، ويقصف قوافل الإغاثة، ويحول دون خروج المصابين أو دخول الفرق الإنسانية. فلو كان الهدف فعلاً إنقاذ أهل غزة، لكان الأجدى توجيه الضغط واللوم إلى القوة القائمة بالاحتلال، لا إلى الدولة التي تحمّلت عبء الوساطة، والعلاج، والإيواء، والدعم السياسي والمادي.
بل إن مصر لم تكتفِ فقط بفتح ذراعيها للمصابين، إنما بادرت بوضع خطة شاملة لإعادة إعمار غزة، ونجحت في حشد دعم دولي واسع لها، وتعمل حالياً على تنظيم مؤتمر دولي لحشد التمويل اللازم، لتعيد إلى القطاع جزءاً من الحياة التي اغتالتها آلة القتل الإسرائيلية.
و العرب و الشرفاء في العالم يعلمون و مؤمنون بالدور القومي لمصر الذي يعد ركيزة لا غنى عنه في نصرة القضية الفلسطينية و دورها الانساني في الوقت الذي تتصارع فيه بعض القوى على الفضاء الإلكتروني لتسجيل مواقف استعراضية،ولمزيد من التوضيح حسب تتبعي و الشرفاء في العالم فأن مصر تعمل بصمت على خطوط النار. من استضافة قمة القاهرة للسلام في أكتوبر 2023، إلى القمة العربية الطارئة في مارس 2024، إلى مفاوضات وقف إطلاق النار المعقّدة التي نجحت فيها مصر عدة مرات، كان الحضور المصري ثابتاً، حكيماً، فاعلاً.
ولا ننسى أيضاً جهود القاهرة في إيقاف مخططات التهجير القسري، التي كانت تستهدف إفراغ غزة من سكانها، لتسهيل تنفيذ مشاريع تصفية القضية. ولو لم تكن مصر حائط الصد، لربما تحولت سيناء إلى مخيم لاجئين، وتحولت الأرض الفلسطينية إلى ورقة تُنسى في سجلات التاريخ.
ان من أكثر الادعاءات سذاجة هو القول إن مصر تمنع التضامن الشعبي مع غزة. كيف يُقال هذا عن الدولة التي نظمت زيارات تضامنية للمواطنين، وممثلي المنظمات الإنسانية، وقادة العالم، وكان أبرزهم الأمين العام للأمم المتحدة، والرئيس الفرنسي ماكرون، الذي أعلن بعد زيارته الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟ إن كل تلك الزيارات تمت وفق ضوابط أمنية مفهومة، فالمعبر والمناطق الحدودية تقع على مشارف حرب ضارية، ولا يمكن إغفال الاعتبارات الأمنية لحماية الجميع.
أما المظاهرات التي تُنظَّم أمام السفارات المصرية في الخارج بدعوى دعم فلسطين، فهي – في الواقع – تصب في صالح الاحتلال، إذ إنها تشوّه دور مصر، وتقدّم لإسرائيل فرصة ذهبية لصرف الأنظار عن جرائمها. فاستهداف القاهرة إعلامياً لا يخدم سوى أعداء القضية، ويزرع الفرقة بين الأشقاء.
الخلاصة : لا مزايدة على مصر
من السهل توزيع الاتهامات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكن من الصعب تحمُّل الأعباء الجسيمة التي تضطلع بها مصر منذ عقود. فمصر لم تُغلق بابها يوماً في وجه فلسطين، ولم تتخلَّ عن دورها القومي والإنساني، رغم التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تواجهها.
إن الدفاع عن فلسطين لا يكون عبر استهداف حلفائها، ولا بتحميلها المسؤولية عن جرائم الاحتلال، بل بالوقوف صفاً واحداً أمام الجاني الحقيقي. فمصر ستظل، رغم كل حملات التشكيك، حارس البوابة الجنوبية لفلسطين، ورمانة ميزان المنطقة، والمدافع الأول عن حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news