الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح... دروس اللحظة الأخيرة وشهادة التاريخ

     
المنتصف نت             عدد المشاهدات : 137 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح... دروس اللحظة الأخيرة وشهادة التاريخ

الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح... دروس اللحظة الأخيرة وشهادة التاريخ

قبل 1 دقيقة

لا شك أن الكتابة عن الزعيم الشهيد البطل علي عبدالله صالح، وعن لحظته الأخيرة، لا تزال تثير ردود فعل متباينة، تنطلق في الغالب من مواقف انفعالية مسبقة، إما تمجيدًا مطلقًا أو خصومة سياسية مشحونة، فيما يغيب التحليل الهادئ والمقاربة الموضوعية

.

والكتابة في هذا المجال لا تسعى إلى إثارة الاصطفاف أو تحريك العواطف، بل تهدف إلى تقديم قراءة متماسكة ـ قدر الإمكان ـ لمسار رجل شكّل جزءًا جوهريًا من التجربة السياسية اليمنية الحديثة، وكان أحد أبرز الفاعلين في بناء الدولة وحماية الجمهورية، وتحمل بشجاعة مسؤولية صون الوطن في وجه الرياح العاتية، في زمنٍ تعرض فيه اليمن لمشاريع تفكيك وتآمر غير مسبوقة.

وفي هذا السياق، يصبح من الضروري التمييز بين التحليل السياسي والموقف السياسي؛ فالتحليل لا يفترض التماهي مع الشخص أو خصومه، بل يُبنى على قراءة الوقائع، وفهم العوامل الداخلية والإقليمية التي أفضت إلى لحظة السقوط، كما لحظة الصعود. أما الموقف السياسي، فهو شأنٌ آخر، يرتبط بما يختاره كل فاعل من موقعه الأخلاقي أو الإيديولوجي.

وانطلاقًا من هذا التمييز، يمكن القول إن كثيرًا مما يُكتب عن الزعيم صالح يتسم بالاختزال. ففي بعض النصوص، يُقدَّم وكأنه مجرد زعيم ماهر في المناورة، لكن هذا التوصيف يتجاهل حقيقة أعمق: أن الرجل كان رجل دولة، وركنًا من أركان الجمهورية، وباني اليمن الحديث، وخاض المعارك الكبرى دفاعًا عن السيادة والوحدة والاستقلال.

أما ميليشيا الحوثي، التي يُشار إليها أحيانًا كنتاج لتكتيكاته، فهي في الحقيقة ثمرة فراغ سياسي صنعته قوى المعارضة التي خرجت عليه عام 2011 تحت لافتة "الثورة"، وهي من فتحت الطريق للاختراق الإيراني وأسهمت ـ عن قصد أو دون قصد ـ في ضرب أسس الدولة الوطنية.

إن تحميل الزعيم صالح مسؤولية صعود الحوثيين يُعد تجاهلًا صارخًا للوقائع؛ فقد كان أول من واجه هذه الجماعة منذ تمردها الأول، وقدم آلاف الشهداء في معارك الدفاع عن الدولة. وإذا حدث تقاطع ميداني لاحقًا، فقد كان نتيجة لضرورات وطنية وإكراهات سياسية، بعد أن تخلت النخب المعارضة عن مسؤولياتها، وانكشفت أجندات بعض القوى أمام مشاريع خارجية.

كذلك، يُختزل أحيانًا تاريخه باتهامات مبسطة، وكأنه المسؤول عن انزلاق البلاد نحو الفوضى، بينما الحقيقة أن الرجل وقف مرارًا في وجه الانهيار، وحافظ على بنية الدولة في أقسى الظروف. لم يكن صالح هو من تمرد على الشرعية الدستورية، بل أولئك الذين قادوا موجة الخروج العشوائي عام 2011، ثم سلّموا مؤسسات الدولة لقوى لا تؤمن بالجمهورية.

يقول أحدهم إن علي عبدالله صالح درّب الأفعى التي التهمته، في إشارة إلى ميليشيا الحوثي، لكنه يتناسى أن صالح خاض ضد هذه الجماعة ست حروب، وقدم آلاف الشهداء من رجال الجيش دفاعًا عن الجمهورية.

والواقع أن الحوثي لم يكن صنيعة صالح، بل خرج من رحم فراغ سياسي صنعه الانقضاض على الدولة عام 2011، حين تم إسقاط النظام الجمهوري، ومُهّدت الأرض أمام التدخل الإيراني.

كما يتجاهل هذا الطرح أن صالح سلّم السلطة طواعية، وغادر المشهد السياسي بإرادته، ثم تآمر عليه الداخل والخارج، في حين أن من جاؤوا بعده تصارعوا على فتات سلطة، وسهّلوا للحوثي اجتياح مؤسسات الدولة. فكيف يُصبح الرجل الذي واجه المشروع الإمامي هو المتهم بتمكينه؟ إن الحقائق لا تتبدل بالبلاغة، وصالح لم يكن حليفًا للحوثي، بل خصمًا شرسًا له منذ اليوم الأول.

يُقال إنه أجاد اللعب حتى أودت به اللعبة، لكنه في ذات النص يُوصف بـ"الشجاع" و"الشهم"، ويقال إنه واجه التنين وحده، فأي من الروايتين نُصدّق؟ وهل يموت "مناور" في قلب المعركة، حاملًا سلاحه، أم "قائد" أدرك أن لا خيار سوى المواجهة؟

يغيب عن هذا السرد أن الزعيم قرر نقل المعركة من منزله إلى موقع آخر، تفاديًا لسقوط ضحايا مدنيين من قذائف الحوثي التي كانت تمطر الحي، ولم يهرب، بل غيّر مسار المعركة حفاظًا على الأبرياء. ولو أراد النجاة، لاختبأ أو غادر قبل الانفجار، لكنه خرج إلى الناس، ودعاهم علنًا إلى الانتفاضة، وقاد بنفسه لحظة الكرامة الأخيرة.

ثم يقول البعض إن اليمن بعد صالح بلا قائد، وهو بذلك يُصيب دون أن يدري.

نعم، اليمن بلا قائد منذ استشهاده. لم يأتِ بعده من يحفظ القرار، ولا من يحمل مشروع دولة.

فهل يُدان الرجل الذي رحل بشرف؟ أم يُسأل الذين بقوا بلا مشروع ولا وجهة؟

من المؤلم أن رحيل الزعيم كشف هشاشة الواقع السياسي من بعده؛ فهو لم يكن مجرد رئيس سابق، بل القائد الأخير الذي جمع شتات اليمنيين. لم تستطع أي شخصية أن تملأ الفراغ الذي تركه، لا رمزيًا ولا فعليًا.

الدولة من بعده تشظّت، وتحولت السلطة إلى كيانات مرتهنة، وتصارعت الولاءات بين عواصم الخارج.

إن الذين يتصدرون المشهد اليوم لا يحملون مشروعًا، ولا يمتلكون كاريزما الزعامة أو عبء المسؤولية التاريخية. ولهذا، يقف اليمن اليوم على مفترق طرق، وسط صراعات تتغذى على غياب الدولة، وانهيار التوازن، وتغلغل المشاريع الإقليمية التي وُلدت من رحم الفراغ الذي تركه صالح.

ما نعيشه اليوم ليس سوى نتيجة طبيعية لغياب الزعيم، فاليمن من بعده بلا قرار، وبلا مشروع وطني جامع.

أما هو، فقد اختار أن يموت في قلب المعركة، لا على هامشها، وأن يكون القائد الشهيد، لا الرئيس التائه.

لا يمكن إنصاف الرجل إلا بقراءته في سياقه الكامل، لا من خلال قصاصات إعلامية أو أحكام متعجلة.

لقد استُشهد علي عبدالله صالح واقفًا، وترك خلفه أسئلة كبرى لا تزال تبحث عن إجابات:

كيف يُبنى الوطن؟

من يملأ فراغ القائد؟

وكيف نحمي جمهوريتنا من طغيان المليشيات؟

ختامًا:

الكتابة عن الزعيم الشهيد البطل علي عبدالله صالح ليست مجرد استعادة لماضٍ مضى، بل مسؤولية وطنية لفهم حاضر مأزوم.

لقد اختار الرجل أن يواجه، وأن يموت شجاعًا على أن يحيا خانعًا.

كانت معركته الأخيرة وفاءً لوطن، وصرخة استنهاض لأمة، وحين خرج من منزله، كان يعلم أنه ذاهب إلى الشهادة، لكنه أراد أن تكون شهادته بحجم الوطن.

فهل بقي من اليمنيين من يجرؤ على السير في درب صالح؟، في درب الجمهورية والسيادة والكرامة؟!.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

محافظ البنك يحسم الأمر: الريال سيتعافى ويصل إلى هذا المستوى والأيام القادمة تحمل تباشير للمواطن

نافذة اليمن | 857 قراءة 

اول تحرك لصنعاء بشان تحسن الصرف في عدن

كريتر سكاي | 833 قراءة 

قرار رسمي يطيح بمسؤول كبير من منصبه بسبب فضيحة مدوية

المرصد برس | 642 قراءة 

قنبلة البنك المركزي تهز الأسواق.. تعميم عاجل سيصدر إلى الصرافين خلال الساعات القادمة

نافذة اليمن | 586 قراءة 

ارتفاع مفاجئ بسعر الصرف(اخر تحديث)

كريتر سكاي | 426 قراءة 

عدن بعد الانخفاض: كم أصبح سعر دبة البنزين الحقيقي؟

نيوز لاين | 363 قراءة 

فتحي بن لزرق يُعلن عن بشرى تُسعد اليمنيين: تفاصيل واعدة تنتظر المواطنين

نيوز لاين | 360 قراءة 

هامور صرف يعبث بالريال باتصال واحد ويقلب حياة الملايين.. هكذا يتحكمون بأسعار الدولار السعودي؟

نافذة اليمن | 321 قراءة 

عدن : مستجدات كهرباء عدن حتى صباح الاثنين 4 أغسطس 2025م

عدن تايم | 296 قراءة 

محامي صالح يكشف خيانة قيادي مؤتمري بارز في انتفاضة 2 ديسمبر

صوت العاصمة | 270 قراءة