قال هاني البيض إن شعب الجنوب يستحق دولة تعبّر عن تضحياته وبطولاته وتاريخه المجيد، غير أن بناء الدول لا يتحقق بالاستحقاق وحده، ولا يتم بالرغبة أو عبر إعلان منفرد، خصوصًا في ظل الظروف الاستثنائية الصعبة التي تمر بها الأوضاع في الداخل والإقليم.
وأوضح البيض، في رؤية سياسية تابعتها صحيفة عدن الغد، أن مسار قيام الدولة يمثل مسؤولية كبرى تتطلب قيادة سياسية واسعة وقدرة مؤسسية حقيقية على إدارة التعقيدات الداخلية والخارجية، محذرًا من اختزال هذا الاستحقاق في قرارات أفراد تُتخذ بردود فعل آنية أو حسابات ضيقة، أو تحت ضغط اللحظة والعاطفة وتأثير الوعود مهما كان مصدرها.
وأكد أن مشروع الدولة في الجنوب يحتاج إلى متطلبات أساسية، في مقدمتها توافق جامع، ومؤسسات فاعلة، ورؤية وطنية جامعة، وإدارة قادرة على ضبط الأرض والناس، قبل الانتقال إلى مرحلة طلب الاعتراف الإقليمي والدولي، مشددًا على أن ترتيب البيت الجنوبي وبناء شراكة حقيقية بين مختلف المكونات وصياغة عقد سياسي واضح يطمئن الداخل ويقنع الخارج، يمثل الأساس الحقيقي لأي مسار ناجح.
وأشار البيض إلى أن أي مشروع دولة في الجنوب لا يمكن أن ينجح دون تنسيق جاد وموافقة صريحة من القوى الإقليمية المؤثرة، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، لافتًا إلى أن تجاوز هذه المعطيات قد يحوّل الحلم المشروع إلى مغامرة خاسرة وغير قابلة للتحقق في المدى القريب.
وأضاف أن قيام الدول مسار سياسي وقانوني معقّد، يبدأ بتوافق داخلي واسع ويستند إلى شرعية شعبية حقيقية وإطار دستوري واضح ومؤسسات قادرة على إدارة الدولة، إلى جانب الحاجة لترتيبات أمنية واقتصادية قابلة للاستدامة، واعتراف إقليمي ودولي.
وحذّر البيض من القفز إلى إعلان سياسي دون استكمال هذه المتطلبات، معتبرًا أن ذلك يمنح الخصوم فرصًا للطعن والتشكيك بدل حشد الدعم والتأييد في الداخل والخارج، مؤكدًا أن الدول لا تُعلن بالعاطفة بل تُبنى بالعقل والتدرّج وحسن إدارة التوازنات واحترام تعقيدات المرحلة الإقليمية والدولية.
وختم بالقول إن الاكتفاء بخطاب يطمئن القيادات ويُسكن الشارع يمثل في جوهره مناورة سياسية أو خداعًا للذات قبل أن يكون خداعًا للناس، داعيًا إلى تقديم الحكمة على الاندفاع وبناء المستقبل بعقل الدولة لا بعاطفة الشارع، واحتواء غضب المواطنين لا توظيفه، وطمأنتهم لا الزجّ بهم في مسارات عالية الكلفة على الجميع.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news