دشنت السعودية أول سريّة من منظومة “ثاد” للدفاع الجوي الصاروخي، في إطار مشروع يعزز جاهزية قوات الدفاع الجوي بالمملكة، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)،
وهي خطوة يرى مراقبون أنها تأتي في سياق تطوير القدرات الدفاعية للمملكة في وقت يتعاظم فيه خطر الصواريخ في صراعات المنطقة، وهو ما كشف عنه التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران.
ويقول مراقبون إن توطين منظومة “ثاد” هو خيار إستراتيجي بقطع النظر عن الحرب الأخيرة، لكن الحرب زادت من أهمية الخطوة السعودية لتكون المملكة قادرة على حماية أمنها القومي من الخطر مهما كان مأتاه.
وليس بالضرورة أن يأتي الخطر من دول بعينها في ظل نجاح السعودية في بناء الثقة مع المحيط الإقليمي بما في ذلك إيران، فهناك خطر أكبر لا يحتكم إلى منطق هو خطر الميليشيات المنفلتة والتي باتت تمتلك صواريخ متطورة مثل الحوثيين في اليمن أو بعض ميليشيات الحشد الشعبي في العراق.
ويسابق السعوديون الوقت لإرساء هذه السريّة من منظومة “ثاد” وتسريع بقية الخطوات الدفاعية وفي أذهانهم الهجمات التي جرت على المنشآت النفطية في أبقيق في سبتمبر 2019 وتسببت في اندلاع حرائق وإلحاق أضرار مادية بالمنشآت. ولم تفلح وقتها الدفاعات السعودية في كشف المسيّرات والصواريخ الحوثية والتصدي لها.
ولا شك أن تركيز منظومة “ثاد” هو أحد نتائج تلك الهجمات وطريقة تعامل الأميركيين مع الوضعية واكتفائهم بالمراقبة بالرغم من وجود اتفاقيات سابقة مع السعودية وغيرها من دول الخليج.
وسيكون الرهان على توطين منظومة “ثاد”، بعد استكمال عمليات اختبار وفحص وتشغيل المنظومة والتدرب عليها، جزءا من خيارات الاعتماد على الذات في مواجهة الخطر وحماية الأمن القومي السعودي.
ويُعد نظام “ثاد” من أكثر أنظمة الدفاع الجوي تطورًا على مستوى العالم، حيث يتيح اعتراض الصواريخ الباليستية في طبقات الجو العليا، ما يرفع مستوى الحماية ضد التهديدات الإستراتيجية المتقدمة.
وتُستخدم المنصة المتنقلة لحماية الصواريخ ونقلها وإطلاقها، كما أنها تتميز بنظام إعادة تحميل سريع. أما الصواريخ الاعتراضية فتتألف من معزّز من مرحلة واحدة وجزء مدمّر حركيًا يعتمد على التصادم المباشر لتدمير الأهداف.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) مساء الأربعاء أن قائد مجموعة الدفاع الجوي الأولى سلّم خلال حفل أقيم في معهد قوات الدفاع الجوي بمحافظة جدة، علم السريّة إلى قائد مجموعة الدفاع الجوي الأولى، إيذانًا بدخولها الخدمة الرسمية ضمن منظومات قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي.
ولفتت “واس” إلى أن قوات الدفاع الجوي خرّجت في وقت سابق السريّتين الأولى والثانية من نظام “ثاد”، وذلك بعد إتمام منسوبيها دورات التدريب الفردي المتخصص في قاعدة فورت بليس بولاية تكساس الأميركية.
وفي عام 2017 وقّعت الرياض اتفاقية دفاعية مع واشنطن للحصول على سبع بطاريات من نظام “ثاد” للدفاع الصاروخي، تشمل 44 منصة إطلاق، و360 صاروخاً اعتراضياً، إضافة إلى 7 رادارات متطورة من طراز AN/TPY-2، و16 وحدة متنقلة لمكافحة الحرائق، وذلك بقيمة إجمالية تصل إلى 15 مليار دولار.
وتحتاج بطارية “ثاد” عادة إلى حوالي 100 جندي لتشغيلها. وتحتوي على ست منصات إطلاق محمولة على شاحنات مع ثمانية صواريخ اعتراضية على كل منصة ورادار قوي.
وقبل نحو شهرين، أعلنت شركة “لوكهيد مارتن” الأميركية المصنعة للنظام الصاروخي، عن إنتاج أول دفعة من مكونات منصة إطلاق منظومة “ثاد”، وذلك بالتعاون مع الشركة العربية الدولية للإنشاءات الحديدية في السعودية، ما يعزز من توطين الصناعات العسكرية داخل المملكة.
وقال محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية أحمد العوهلي، في تصريحات سابقة، إن السعودية تسعى لتوطين الإنفاق العسكري بما لا يقل عن 50 في المئة بحلول عام 2030.
وأضاف العوهلي “بدأنا فعلا في توطين الذخائر، العربات والتجهيزات، الذخائر الذكية.” متابعا أن “شركتين سعوديتين واحدة حكومية وأخرى خاصة بدأتا في إنتاج الطائرات المسيّرة. فهذه خطوة أولى وسنعمل معهم في تطوير هذه الطائرات لمستوى إستراتيجي.”
وأفاد “تم التوقيع مع شركة ‘رايثيون’ المشاركة الصناعية لمنظومة باتريوت قبل 2 – 3 سنوات تقريبًا وقد بدأ تصنيع أجزاء الباتريوت في المملكة الآن.
لن تخدم المكونات التي سيتم تصنيعها في السعودية منظومات باتريوت السعودية فحسب بل حتى تلك التي خارج المملكة. ستكون المملكة منطقة لوجيستية لخدمة منظومات الباتريوت عالميًا.”
وقال العوهلي إن السعودية لا تزال في بداية الطريق للمشاركة في توطين منظومة مقاتلة جوية وهناك خطط موجودة على قائمة الهيئة العامة للصناعات العسكرية ووزارة الدفاع السعودية وهناك عمل جار الآن. كما أعلن عن خطط المملكة للدخول في تطوير طائرة مقاتلة من الجيل السادس.
ويدعم رادار “ثاد” وظائف المراقبة وتتبع الأهداف والسيطرة على الإطلاق، كما يوفّر وصلة اتصالات مع الصواريخ الاعتراضية أثناء تحليقها.
ويتراوح مدى الصاروخ الاعتراضي ما بين 150 و200 كم. أما رادار AN/TPY‑2 فيستطيع كشف وتتبع الصواريخ في مدى يتراوح بين 870 و3000 كم.
ويشتمل على رادار وصاروخ اعتراضي أحادي المرحلة قادر على إصابة الهدف وتدميره، لردع الصواريخ الباليستية داخل الغلاف الجوي أو خارجه، ويشغل طبقة متوسطة في نظام الدفاع الصاروخي الباليستي الأميركي، إذ يغطي منطقة دفاعية أكبر من نظام “باتريوت”.
وقد أثبت قدرته على مواجهة الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news