"قاسم عباس".. حوثي فتح جامعة صنعاء لإيران وأفقدها حضورها العربي

بعد نحو ست سنوات اتسمت بالفساد والفوضى، يغادر القيادي الحوثي "قاسم عباس شرف الدين" رئاسة جامعة صنعاء، بعدما نكّل بجميع أساتذة الجامعة، وصادر حقوقهم المشروعة، ومنح العشرات من عناصر الجماعة شققًا وأراضي تابعة للجامعة.

بالأمس، تسرّب إلى وسائل الإعلام خبر إقالة "قاسم عباس" وتعيين عميد كلية الهندسة "محمد البخيتي" رئيسًا جديدًا للجامعة، لتتضح الحقيقة صباح اليوم الخميس، حيث سارع "البخيتي" إلى تسلُّم مكتبه بقرار لم تنشره وسائل إعلام الجماعة، كما جرت العادة خلال السنوات الماضية.

مصدر أكاديمي قال لـ"العاصمة أونلاين" إن قرار إقالة "قاسم شرف الدين" يأتي في إطار صراع حوثي - حوثي على الأموال الطائلة والنفوذ داخل مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء.

وفي عام 2019، أصدر القيادي الحوثي "مهدي المشاط" قرارًا قضى بتعيين "قاسم عباس" رئيسًا لجامعة صنعاء، لتشهد الجامعة بعد ذلك عبثًا غير مسبوق، وتغيرات أفقدتها أهليتها وحضورها الكبير بين الجامعات العربية.

فتح الباب لإيران

عمل قاسم عباس على فتح قسم للغة الفارسية بجامعة صنعاء – كبرى الجامعات اليمنية – في خطوة تأتي ضمن مخطط إيراني تنفذه ميليشيا الحوثي، لأهداف وصفت بأنها بالغة الخطورة، تبدأ من تطييف المجتمع وتجريف الهوية الوطنية.

وأشرف "قاسم عباس" على تخرج الدفعة الأولى من قسم اللغة الفارسية، وبتنسيق مع السفارة الإيرانية، تم منح البارزين من عناصر الجماعة فرصًا للدراسة في طهران.

وفاة 100 دكتور

خلال فترة رئاسته للجامعة، تحولت صفحة نقابة هيئة التدريس بجامعة صنعاء إلى ما يشبه "المقبرة الجماعية" نتيجة التعازي المستمرة، حيث فقدت الجامعة في عهد قاسم عباس نحو 100 دكتور وأستاذ في مختلف الأقسام، جلهم توفوا نتيجة جلطات دماغية.

وعمل الرجل، بالتعاون مع جماعته، على اقتطاع رواتب أعضاء هيئة التدريس، ولصق تهم التخابر بهم، ما دفع المئات منهم إلى البحث عن فرص عمل خارج أسوار الجامعة، وقد شوهد عدد من الدكاترة وهم يعملون في بيع القات والبناء وغيرها من المهن.

دورات إجبارية

"قاسم عباس"، وبأسلوبه المبتز، أجبر أعضاء هيئة التدريس في الجامعة على حضور دورات طائفية وعسكرية، رغم كبر سن الأغلبية، لكن ذلك لم يشفع لهم.

وقال مصدر في الجامعة لـ"العاصمة أونلاين" إن الدورات الحوثية تطورت من الطائفية إلى تنظيم دورات عسكرية مكثفة لمعظم دكاترة الجامعة الذين عجزوا عن مغادرة البلاد، مؤكدًا أن حضور تلك الدورات يتم بالإكراه والتهديد بالفصل من الجامعة.

إغلاق الأقسام

عمل "قاسم عباس" خلال العامين الماضيين، وبإيعاز من جماعته، على إغلاق عدة أقسام دراسية في جامعة صنعاء، أبرزها: اللغة الفرنسية، اللغة العربية، التاريخ، العلاقات الدولية، الجغرافيا، الفلسفة، الآثار والسياحة، وعلم المعلومات، بحجة ضعف الإيرادات الناتج عن تراجع عدد الطلاب المقيدين فيها.

كما أصدر "عباس" قرارًا بفصل قسمين من كلية الطب، في مسعى لإنشاء كلية جديدة تحت مسمى “العلوم الصحية” لتعزيز موارد الجامعة.

وقد أثارت هذه القرارات سخط الطلاب، الذين خرجوا في مظاهرات كبيرة رافضة لقرارات قاسم عباس، والتي وصفوها بـ"العبثية".

نهب أراضي الجامعة

ومنح "قاسم عباس" عناصر الجماعة فرصًا للاستثمار داخل الجامعة، وبناء محلات على سورها الموازي لشارع القاهرة والدوّار. لكن الفساد الأكبر وقع في أغسطس الماضي، حين تسببت واقعة منح أراضٍ تابعة للجامعة إلى مستثمرين موالين للجماعة بحالة من الغضب المجتمعي.

وأظهرت وثيقة توجيهًا من القيادي الحوثي مهدي المشاط بمنح 10 آلاف لبنة (وحدة محلية تساوي 44.44 متر مربع) من أراضي الجامعة لشخص مجهول يُدعى عبده علي هادي، لتنفيذ مشاريع طبية. كما شمل التوجيه منح الشخص ذاته 40 ألف لبنة أخرى في منطقة بني مطر غرب صنعاء.

الكويت تلغي الاعتراف

وفي فبراير الماضي، ألغت دولة الكويت اعترافها بشهادة جامعة صنعاء، ومنعت التحاق طلابها بالجامعة، بعد منح "قاسم عباس" درجة الماجستير للقيادي الحوثي مهدي المشاط.

وأعلنت وزارة التعليم العالي الكويتية، في الجريدة الرسمية، منع الالتحاق بجميع البرامج الدراسية في جامعة صنعاء، مرجعة القرار إلى تدهور مستوى التعليم، وعسكرة الجامعة، وإدخال مواد طائفية إلى المناهج.

وكانت كلية التجارة بجامعة صنعاء قد منحت المشاط درجة الماجستير في "العلوم السياسية – نظم سياسية" بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف.

واعتبر أكاديميون وسياسيون يمنيون منح المشاط هذه الدرجة تأكيدًا جديدًا على العبث الحاصل في قطاع التعليم العالي، وسيطرة الميليشيا على الجامعات وبرامج الدراسات العليا.