الناجي الوحيد من عواصف النسيان

     
عدن حرة             عدد المشاهدات : 28 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الناجي الوحيد من عواصف النسيان

بقلم / هديل لطفي جعفر أمان

الناجي الوحيد من عواصف النسيان

في عام 1944، دعى العم "سعيد قاسم" لطفي أمان لقضاء العطلة في منزله الكائن في المدينه الساحليه بورتسودان، و قد قبل لطفي الدعوة عندما اتيحت إجازة للطلبه من جامعة الخرطوم في ايامها المضطربه.

كانت محطة الخرطوم للقطارات تعج بالحياة كأنها قلب نابض يتنفس من الدخان ذلك الحنين الى لقاء الاهل والأصدقاء. كان القطار المتجه إلى المدينه الساحليه يقف على الرصيف بتحفر و توثب ، يطلق صفيره الحاد ، يدعو المسافرين للركوب ويهمس ليهم بوعود اللقاء و المغامرة .

جلس لطفي على المقعد الخشبي للقطار بالقرب من النافذة، يحتضن حقيبة جلدية قديمة تحمل بصمات الزمن على سطحها. كان بداخلها، ملابس و لوازم شخصية بسيطة، دفتر صغير، قلم، وصورة قديمة لا بيه الحاج "جعفر علي امان". كان بها أيضاً اربعة كتب كان هو مؤلفها قبل سنوات، و كانت الكتب ملفوفة بعناية في قطعة قماش. كان لطفي يضع الحقيبه بجانبه كما لو كانت بها أسراراً لا يمكن أن تباح لاحد في هذا العالم.

انطلق القطار من المحطة يهزّ القضبان، ومع كل دفعة منه، كانت تتدفق بقوة ذكرياتُ غابره في ذهن لطفي ، و كأنها شريط باهت الوضوح يعرض على مسرح الذاكرة. عاد به الزمن إلى عام 1940، حين كان صبياً في الثانية عشرة من عمره. يتذكر بيتهم الحجري القديم في "حافة القاضي" في كريتر عدن، حيث كان يجلس ويقرا في أمهات الكتب العربية في احد زوايا البيت الكبير. يتذكر أيضاً بانه كان يمكث لساعات طوال في "مكتبه البحيره" والتي سميت "بمكتبه مسوط"، لاحقاً و شُيدت منذ أكثر من قرن من الزمان.

و كان لطفي يجلس احياناً عديدة تحت شجرة اللوز الهندي او "شجرة الديمن" العتيقة في حديقة مدينه كريتر الصغيرة والمعروفة باسم "البجيشه"، ويقرأ ما تيسر له من الكتب العربيه القديمه و الحديثه و الكتب الانجليزيه المترجمه، ويستمع إلى حكايات الشيوخ الكبار عن القوافل اليمنيه التي كانت تعبر الصحراء، وتتسلق الجبال، وعن رجال يمنيون شجعان، تحدوا الزمن والنار والرمال بالإرادة الحرة وبدون سلاح.

كان لطفي يعشق معلقات الشعر الجاهلي عشقاً عظيماً، يحفظها عن بكره ابيها و يرددها كثيرا في نفسه ويلحن بعضاً منها وينشد أبياتها عند تسلقه الجبال الشامخه، و الترحال في سهول اليمن الواسعه وسواحلها الممتده على لمح البصر، فقد كان عضواً في فريق الكشافة حينها و كانت الرحلات الداخليه تنُظم الى مناطق اليمن الجميله. و ساهمت تلك الانشطه الكشفيه المتنوعه بشكل واضح في تشكيل ملامح شخصية لطفي أمان الجريئة والمستقلة و التي تعتمد اعتماداً كاملا على قدرة الفرد على الصمود و البقاء في ظروفٍ تكاد ان تكون شاقة ووعره على الفتيان في تلك الأعمار المبكره من حياتهم.

لقد كانت اللغة العربية هي شغفه الأكبر والذي ظل يرافقه طوال حياته القصيرة. كان يعبرعن أفكاره وخواطره بطريقة تحاكي صوت قبائل البدو الرّحل الذين ينشدون الأهازيج الحزينه في صحاري اليمن الفسيحه و جبالها العاليه و مروجها الخضراء.

كان لطفي على وعي بمقدرته الاستثنائية في حفظ النصوص الادبية و تمكنه الشديد من استيعاب وفهم النصوص التي يقرأها بسهولة ويسر، فكانت هذه الخصال تجعل منه حافظاً متميزاً للنصوص الشعرية و هو في بدايات حياته.

كان يستطيع تخزين كميات كبيرة من المعلومات في ذاكرته بدون جهد ، مما جعله يتمتع بمكانة خاصة بين أقرانه. هذه القدرة لم تكن مجرد حفظ للكلمات، بل كان يفهم ويعرف زوايا و اسرار وخبايا اللغة العربية ويحلل محتوى الكتب والقصائد، مما يعزز من قدرة الحفظ لديه في اولى سنين حياته الادبيه.

لطفي كان شخصًا يتمتع بشغف عميق للقراءة وخاصة تذوق الشعر الرومنسي منذ نعومة أظافره، كانت الأبيات العاطفية هي ملاذه ومصدر إلهامه في حياته اليومية حيث كان يستعير الكتب الرومانسيه و يقرأها حتي ساعات متأخر من الليل، أو في ابكار الصباح .

و تحت ضوء القمر الفضي، يغوص لطفي في أعماق قصائد الحب الرومانسيه و يبدو وكأنه مسافر عبر الزمن، يتجول في حدائق المشاعر التي نسجها الشعراء الرومانسيين عبر العصور .

كان يقرأ قصائد الحب و العشق و الهيام و اللقاءات السرّيه بين العشاق، كلمات تلامس الروح، تعبر عن مشاعر جياشة وأحاسيس عميقة. تتنوع القصائد بين القديمة والحديثة، بين الشرقية والغربية المترجمه، لترسم لوحة فنية متكاملة للحب.

كان يشعر بالتواصل مع الشعراء على مر العصور، وكأنه يعيش لحظات من حياتهم من خلال كلمات قصائدهم . كان يعتقد أن الشعر الرومنسي يخلّد الحب عبر الزمن، وكانت كلمات الشعراء تعطيه الإيمان بأن الحب هو المفتاح السحري لكل مشكلة في الحياة. كان يقرأ القصائد الرومنسية ليذكر نفسه بأن الحياة تستحق العيش حتى في اصعب لحظاتها.

ومن خلال هذه الصورة لشريط ذكرياته، بدأت ملامح المدرسة الرومانسية تتشكل في داخله، وكأنها كانت كامنة في أعماقه تنتظر اللحظة المناسبة لتظهر. كان لطفي يميل إلى تلك المفاهيم و القيم الرومانسيه، وكان يشعر وكأنه ينتمي إلى هذه المدرسة فقد اكتشف في نفسه ميولًا رومانسية وبدأ ينظر إلى العالم بمنظور جديد.

وبدأ رحلة البحث عن الحب والعاطفة في حياته القصيره. كانت الرومانسية جزءًا من شخصية لطفي، ولكنها كانت مخبأة في أعماقه و كان يشعر وكأنها تخرج من داخله رويداً رويدا وتتجسد تلقائيا و بشفافية واضحه الملامح في كلماته وأفعاله. في تلك الفتره من حياته يكتشف لطفي ذاته وليلة ميلاده الادبي، فقد ولد لطفي كرومانسي حقيقي وكان يشعر وكأن قلبه ينبض بالحب و الحياة لأول مره.

وصل القطار الي بورتسودان، تمَّ استقبال الشاب لطفي و تشريفه في منزل العم "سعيد قاسم". كانت مدينه بورتسودان مدينه ساحليه هادئه، ( لا تتحرك روحها الا بفتور ، كما قال لطفي في رسالته) يوجد بها مقهى اغريقي بين الشوارع الهادئه يذهب اليه العم سعيد قاسم مصطحباً لطفي معه للتحادث في شؤن الحياة و احتساء فنجانين من القهوه المفضله لديهما.

وفي ليلة من اليالي حيث تتراقص النجوم على خيوط السماء، وتعم الجو رائحة زهر الياسمين، كتب لطفي أمان الى أخيه الأكبر "عبد الله جعفر أمان" رسالةً رقيقه بتاريخ الثامن عشر من ديسمبر عام 1944، يطمئن فيها عليه، و يحدثه عن احوال الجامعه الغير مستقره حينها، ويخبره بفخر عن إنجازاته الأدبية و يشكرة بانه قد اعجب بقصيدة "انا حامي الضمير" و التي سنستعرضها في مقال آخر.

ثم ذكر لطفي في رسالته سراً أدبياً يكشف الستار عنه لأول مره.

ذكر لطفي بانه قد ألفّ خمسة كتب و( ليست اربعه)، لانه قد كتب كتاباً جديداً اسمه "حلمٌ لم يعد" في مدة اقامته في بورتسودان، وان بعض تلك الكتب جاهز للنشر والبعض الاخر يوشك على الانتهاء .

وقد اسرد لطفي تفصيلاً لهذه الكتب الخمسه نوجزه فيما يلي:

الكتاب الاول : ديوان شعر بعنوان ” تغريدة"

تحت أشعة شمس طفولته، في عام 1940، كتب لطفي أول مجموعة من الأشعار. كانت المجوعة باسم “تغريدة"، ديواناً يحمل في طياته الأحلام البعيدة لفتىً لم يتجاوز عمره الثانية عشرة. كانت كلماته البليغه تترنم بالحب والأمل، وترسم صوراً لعالم يتحدى الواقع بمخيلة بريئة و باستشعار لرجولة مبكرة.

كان هناك تخطيط لنشر هذا الديوان في مصر في يناير 1945،و لكن القدر لم يسمح بذلك.

الكتاب الثاني: كتاب نثري بعنوان” مُرَّ بي"

في عام 1944، تكاثفت أفكار لطفي وتحولت إلى كتاب نثري يحمل اسم "مرَّ بي". كان هذا الكتاب عبارة عن خواطر وافكار يروي فيه تجاربه ورؤاه للعالم من خلال عينيه الفتيتين. و نعتقد ان بدايات الفلسفة الوجودية و النظر الى مشاكل الانسان اليمني قد بدأت تظهر في ذلك الكتاب.

الكتاب الثالث: ديوان شعر بعنوان” بقايا نغم"

في نفس العام من 1944، انتهى لطفي من كتابة ديوانه المشهور "بقايا نغم"، ديوان شعرٍ رومانسي جريء يتجاوز الزمن بسنين عديده، وفيه بذور التطور والحداثة في الشعر اليمني الجديد. كانت كلماته تحكي عن الحب والشوق في صفحات تنبض بألق الحياة و بهجتها. هذا الديوان، هو الوحيد الذي بقي من تلك الأيام الماضيه.

انتهى لطفي من الديوان و هو في عمر السادسة عشر ربيعا كما ذكر في الرساله المرفقه و المؤرخه في عام 1944، و نشر الديوان في عام 1948 وكان عمر لطفي في ذلك الوقت عشرين عامًا.

الكتاب الرابع: قصه أدبية بعنوان” هَمسة":

بداء لطفي في تأليف كتاب” هَمسة" و قد كان يكتب عن الناس والمشكلات التي تعاني منها مدينة عدن، يهمس بأسرار الحياة بصوت منخفض و يدفع القراء الى التفكر في أمور حياتهم و اتخاد قرارات بها . كانت هذه الهمسة صوتاً لمن لا صوت لهم، تحكي عن الأحلام المفقودة وأمل اليوم الجديد..

الكتاب الخامس: قصه ادبيه بعنوان ”حلم لم يعد":

الفها لطفي عندما كان في بورسودان في فترة ثمانية عشر يومًا فقط.

وتُعبّر القصةً عن الرغبة في محاولة لفهم الأخلاق والجنس في عالم يتغير بسرعة و كانت القصة ستقدم الى الطباعة بمدينة مصر في بداية عام 1945.

ولكن كالأحلام البعيدة، ضلت فكره طباعة تلك الأعمال معلقة بين الواقع والخيال و انتهى بها المسار الى ان تلك الكتب فقدت الئ الابد،و لم ينجو الا ديوان "بقايآ نغم".

يُعبرّ هذا الكشف في رسالة لطفي المؤرخة في عام 1944 عن حجم إنتاجه الأدبي الضخم آنذاك و هو مازال في سن السادسه عشر من عمرة. و هو سرٌّ أدبي لأنه يُظهر مدى التزام لطفي ومثابرته في العمل على ما كان يُرى كأنه مشاريع أدبيه تبدو طويلة الأمد، يمكننا أن نرى في هذا العمل علامات نضج فنّي وفكري، حيث يتجاوز الشاعر الفتي مرحلة الشباب الطامح إلى مرحلة رجل يمتلك وعيًا عميقًا وحكمة تمكّنه من استكشاف أعماق التجربة الإنسانية.

كلماته تعكس قدرة على التقاط التفاصيل الدقيقة للحياة وتحويلها إلى نغم شعري يتردد في أذهان القرّاء. هذا التطور قد يكون نتيجة تجارب شخصية ونضوج طبيعي و رجولة مبكره، مما يمنح أعماله بُعدًا جديدًا يتسم بالمسؤولية والرؤية الثاقبة.

وهناك.. في أعماق غابات الزمن، حيث تتشابك أغصان الخيال وتتساقط أوراق الحكايات كنجومٍ متوهجة، كانت الأعمال الأدبية المفقودة تتربع على عرشٍ من نورٍ وسحر. كانت كزهرةٍ متوهجة تتفتح في ظلام الليل، تنثر عطرًا يسكر الأرواح ويأسر العقول.

ولكن، كما تتلاشى الأحلام في وهن الفجر، تلاشت تلك الكنوز، وغابت تلك الكتب إلى الأبد. انطفأت الشموع الساحرة، تاركةً وراءها ظلامًا دامساً، وريحًا باردة تهمس بأنين الفقد. كانت تلك الكتب نافذةً على عوالم ساحرة، ومصدرًا لإلهام لا ينضب. ومع فقدانها، فقدنا جزءًا كان يضيء درباً نسلكه في عتمة الحياة. لم يعد هناك نور يدفئ قلوبنا، ولا كلمات تسكن وحشتنا.

لم يبقَ من ذلك العالم المسحور سوى ديوان "بقايا نغم"، كأنه آخر قطرة عطرٍ تتساقط من قارورةٍ كريستالية محطمة، يحمل في طياته أصداء ألحانٍ منسية وأنفاس كلماتٍ ترفض أن تُدفن.

تلك الأعمال الاربعه المفقوده كانت كانها بواباتٍ تُفضي إلى عوالمٍ مجهولة، حيث يتراقص فكر لطفي امان الادبي على إيقاع اللغة العربيه، وتتحدث نجوم الالهام عنده بلغة البشر.

كل صفحةٍ منها ربما كانت لوحةً رسمها فنانٌ مبدع، يمزج بين ألوان الحزن والفرح، وكل سطرٍ كان كأنه خيطاً من حريرٍ ينسج عباءةً تُلبس الروح دفئًا ورهبة و عظمة.

و لكن، ربما نسأل: ما القيمه الفنيه و الادبيه لهذه الكتب المفقودة؟

نجيب فنقول إنها في ظننا تجربة فريده وكأنها سحرٌ ينبع من قلب فتى عاشق يخوض غمار الحب لأول مرة، و ان ديوان "بقايا نغم" باسلوبه الجميل و بلاغته الفذّه يدلنا على قيمتها الادبيه و الفنيه، وهذا بحد ذاته يبرز قدرة لطفي وإحساسه العميق على نقل المشاعر العاطفية بصدق وشفافية تسحر القراء وتلهمهم، فكأن كلماته أوتارٌ تهتز بنبض الروح، ترسم لوحاتٍ من الأحاسيس تتجاوز حدود اللغة. كان عاشقًا مراهقاً ينسج من خيوط الحياة أنغامًا تتسلل إلى القلوب، فتوقظها من سباتها. إنه الإبداع الذي لا يُقيد بالزمن، بل يظل يتردد كصدىً عذبٍ في أروقة الأدب، و يمنح كل قارئٍ لحظةَ انسجامٍ كاملٍ مع كل كلمة.

فديوان"بقايا نغم" يمثل تجربة حسية وروحية متكاملة تعكس لنا على أن الكتب المقوده هي بنفس القيمه الادبيه و الفنيه التي يمثلها الديوان. هي تلك المشاعر التي تجعل القلب يرتجف كأنه يسمع همسة عاشقٍ لأول مرة، أو تجعل العين ترى ما وراء الحياة، كأنها تطل من نافذةٍ على الخلود.

كانت تلك الكتب أشبه بمخلوقاتٍ حية، تنبض وتتنفس، تتسلل إلى أحلامنا وأرواح باسمه تحمل معها أسرار الوجود. انها تعبر عن الشعور المرهف و الإحساس الفتي لذلك الفتى المراهق العاشق الفنان، لطفي أمان، شعور لن نعرفه و لكن ربما نحس بحرارته و بعنفوانه.

ولكن الكلمات، أيها السادة، لا تعرف قيود القبور!

إنها كالطيور الخرافية التي تحترق ثم تعود للحياة من رمادها، كطائر الفينيق الخرافي الذي ينبعث من ألسنة اللهب.

قد تُمزق الأوراق، قد تُحرق الكتب و المخطوطات، وقد تدمر المكتبات الكبري العظيمه، لكن أرواح تلك الكلمات تظل ترفرف في سماء الخيال، تنتظر من يصغي إلى غنائها.

ديوان "بقايا نغم" ليس مجرد الناجي الوحيد من عاصفة النسيان، بل هو ساحرٌ وسيم القسمات يروي لنا حكاياتٍ عن مملكةٍ سقطت، ومع ذلك لا تزال قلاعها الشفافة تقاوم الزوال في قلوبنا. إنه المفتاح الأخير لكنزٍ مدفون، يذكرنا بأن الأدب هو تعويذةٌ تُلقى على الأجيال لتبقى مسحورة بحقيقة وجودها إلى الأبد.

عندما نتخيل باننا نقراء تلك الكتب المفقوده، نشعر باننا نطلق سراح جنيٍّ من قمقمٍ قديم. يتصاعد العبير المسحور منه ليملأ الروح، وتتسرب الأنغام الخفية لتعزف على أوتارٍ لم نعلم بوجودها في انفسنا. إنها رقصةٌ مع ارواح و اشباح رحلوا عنا، لكنهم تركوا خلفهم مرايا تعكس أرواحنا و افعالنا.

تلك الأعمال المفقودة نظنّ بانها لم تفقد تماماً، بل تحوّلت إلى غبارٍ سحري يتناثر في الهواء، ينتظر من يستنشقه ليعيش الحكاية من جديد.

ففي كل همسةٍ منها ، هناك عالمٌ يولد، وفي كل حرفٍ هناك وعدٌ بخلود الكلمه. إنها دعوةٌ لنغوص في عالمٍ مسحور، لنبحث عن ذلك الضياء المنير الذي ظلّ يحوم بعيداً كنجمةٍ في اقصى الكون تنير لنا ظلمة الطريق بضوء باهت إلى ما هو أعظم من الحياة نفسها.

لقد خلق لطفي روحًا من الحماس ضد القيود، رافضًا الخضوع والاستسلام. كانت قصائده بمثابة مرآة تعكس آمال وطموحات الجماهير اليمنية، التي كانت تتوق إلى التحرر من أغلال الماضي. لقد وجد الناس في كلماته تجسيدًا لأحلامهم بالعدالة والمساواة، وإيمانًا بقدرتهم على تغيير واقعهم المرير.

لم يكتف لطفي بتأجيج المشاعر، بل إنه استخدم شعره كسلاحٍ فعال لتوعية الجماهير وتحفيزهم على العمل. لقد دعا إلى كسر القيود والخرافات والمعتقدات البالية التي كانت تعيق تقدم المجتمع. لقد كان يؤمن بأن الحرية لا تتحقق إلا بتحرير العقول من الجهل والتخلف.

لقد كان شعر لطفي بمثابة شرارة أشعلت ثورةً في النفوس، وألهمت الناس للوقوف في وجه الظلم والطغيان. لقد كان صوتًا للحق والعدالة، ورمزًا للحرية والكرامة. لقد زرع في قلوب الجماهير بذور الأمل والتغيير، وكانت كلماته بمثابة وقودٍ للثورة التي غيرت وجه اليمن الجنوبي من الاستعمار البريطاني.

لقد كان لطفي شاعرًا رومنسياً و ثوريًا بامتياز، استطاع بكلماته أن يصنع فارقًا في حياة الناس. لقد كان يؤمن بأن الشعر هو كسر كل القيود و الخرافات و المعتقدات ، و تحطيمٌ اغلال الجهل و التخلف اللذين يعطلان الطاقات والإبداعات، ويمنعان من تحقيق الطموحات والآمال ، و بان الشعر و كلماته الحره تخلق جسوراٍ قويةً نحو آفاق الوعي و الحريه الفكريه لتي تمكننا من فهم أنفسنا والعالم من حولنا، وتقدير قيمنا ومبادئنا، واحترام حقوق الآخرين وحرياتهم و التي تجعلنا قادرين على مواجهة التحديات والصعوبات، والتغلب على العقبات والمخاطر، وتحقيق النجاح والتقدم.

بقلم / هديل لطفي آمان

١) صوره في منتهى الندرة للشاعر الكبير لطفي جعفر أمان و هو في سن السادسة عشر ، التقطت في عام 1944م، و تنشر لأول مره.

٢) محتوى الرسالة الأصلية التي بعث بها لطفي أمان لأخيه عبد الله جعفر أمان عندما كان في بورتسودان في 18 ديسمبر 1944.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

تراجع حاد وغير مسبوق لأسعار الماشية والثروة الحيوانية اليمنية.. السعر الجديد اليوم لـ"العجل الرضيع" في سوق المراوعة الشهير !

يمن برس | 677 قراءة 

تقرير أمريكي يكشف عن استعدادات حوثية لاجتياح عدن في هذا الموعد

جهينة يمن | 626 قراءة 

عاجل : المملكة العربية السعودية ترد على الهجوم الاسرائيلي في سوريا

جهينة يمن | 366 قراءة 

الأمير تركي الفيصل يعلن موعد انضمام اليمن لمجلس التعاون الخليجي

المرصد برس | 316 قراءة 

مليشيا الحوثي تهدد السعودية والإمارات ويتحدث عن خيارات للحرب القادمة

المرصد برس | 297 قراءة 

الصحفي بن سلمان يفجرها ويكشف عن نقلة خطيرة لصالح الحوثي

المرصد برس | 290 قراءة 

هل دقت الساعه.. وزير الدفاع السعودي في واشنطن يرافقه السفير السعودي لدى اليمن ؟

المرصد برس | 288 قراءة 

الريال اليمني بين الاستقرار والتفاوت.. أسعار الصرف تواصل تحركاتها في عدن

العين الثالثة | 273 قراءة 

استعدادات كبرى لتنفيذ حكم الإعدام في إب

كريتر سكاي | 243 قراءة 

رئيس الاستخبارات السعودي السابق يطالب بضم اليمن لمجلس التعاون الخليجي لهذا الأسباب الاستراتجية

المشهد اليمني | 209 قراءة