من رحم المعاناة يولد العظماء

     
عدن توداي             عدد المشاهدات : 95 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
من رحم المعاناة يولد العظماء

 

عدن توداي

كتب / محمد المسيحي

على مر التاريخ، أثبتت الحياة أنها أعظم مدرسة، لكنها ليست مدرسة تقليدية تقدم الدروس على طبق من ذهب أو تعطي الإجابات جاهزة دون تعب، إنها مدرسة صارمة، صامتة، تُلقي بتلميذها في خضم التجارب، تضعه أمام رياحها العاتية، ثم تراقب بصمتٍ كيف سيصمد، كيف سيقاتل، وكيف سيعيد بناء نفسه من الرماد.

في هذه المدرسة، لا يتخرج كل أحد، لكن أولئك الذين يتجاوزون اختبارات الحياة الصعبة، أولئك الذين تربّوا على يد المصاعب ، يصبحون شيئًا آخر؛ يصبحون قادة أنفسهم، أسياد طرقهم، وأبطال قصصهم.

حين نتحدث عن الإنسان الذي تربيه مصاعب الحياة، فإننا نتحدث عن فردٍ لم يكن له خيار سوى مواجهة الظروف القاسية بكل قوةٍ وجلد، المصاعب، على قسوتها، لا تعطي فرصة للتراجع أو الخوف، بل تدفع الإنسان إلى مواجهة ذاته أولاً، ثم مواجهة العالم من حوله، هي أشبه بمطرقةٍ تصقل الحديد لتجعل منه سيفًا لا ينكسر المصاعب لا تشرح دروسها بالكلمات، لكنها تنقشها على الروح. كل جرح هو درس، وكل سقوط هو بداية جديدة، الإنسان الذي ينهض بعد كل عثرة، الذي يتعلم من كل فشل، الذي يواجه كل ألم بابتسامة التحدي، هو إنسان لا يمكن لأحد أن يتحكم به بعد ذلك. لقد تذوّق طعم الألم، واجتاز أصعب الامتحانات، فلماذا يخشى كلمات الآخرين أو ينتظر موافقتهم؟

مقالات ذات صلة

سيتي ستار علامة تجارية رائدة في جودة محتوياته وعروض تخفيضاته وتحطيمه للأسعار

فاروق العبادي “أبو حاشد”.. نموذجاً للإداري الإستثنائي في هذا الزمن.. بقلم /محمد مرشد عقابي

الإنسان الذي تصنعه المصاعب هو إنسانٌ حر، لكنه ليس حرًا بمعنى التمرد الفوضوي أو التحدي الأعمى. حريته نابعة من تجربة عميقة مع الحياة، من فهمٍ عميق لطبيعة الأشياء. لقد أدرك أن الحياة ليست عادلة دائمًا، وأن العالم لا يمنح شيئًا دون مقابل. لقد تعلم أن يُقاوم، أن يُنتج، أن يُعيد بناء نفسه من الصفر.

هذا النوع من البشر لا ينتظر المديح، ولا يخشى النقد. إنه يعرف قيمته جيدًا، لكن معرفته ليست غرورًا، بل هي تواضع العظماء، هو شخصٌ صنعته التجارب، ولم تصنعه المظاهر أو الآراء. لذلك، لا يمكن أن يكون تلميذًا لأحد، لأنه تخرج من أصعب الجامعات: جامعة الحياة.

الإنسان الذي تربيه المصاعب لا يكون تلميذًا لأحد ليس من باب الغرور أو رفض التعلم، بل لأنه يدرك أن كل إنسان يعيش رحلته الخاصة. لقد تعلم أن الحكمة لا تأتي من التلقين، بل من التجربة. إنه يفتح قلبه وعقله لأي فكرة جديدة، لكنه يرفض أن يكون مقلدًا أعمى. هو يختار طريقه بنفسه، حتى لو كان هذا الطريق مليئًا بالأشواك.

هذا الإنسان لا يخشى أن يكون وحيدًا، لأنه اعتاد على الوحدة كرفيقٍ دائم في رحلته. لا يخشى الفشل، لأنه واجه الفشل مرارًا وتكرارًا حتى أصبح صديقًا له. لا يسعى لإرضاء الآخرين، لأنه أدرك أن السعي وراء رضا الجميع هو طريقٌ لا نهاية له.

إذا الإنسان الذي تربيه مصاعب الحياة هو إنسانٌ استثنائي. إنه لا يخشى التحدي، ولا ينتظر المساعدة. لقد تعلم أن يصنع قوته بنفسه، وأن يكون سيد قراراته. هذا الإنسان ليس ضد التعلم أو التغيير، لكنه يرفض أن يكون تابعًا. إنه قائد نفسه، يخطو بثقة نحو المجهول، لأنه يعلم أن القوة الحقيقية تأتي من الداخل، من التجارب التي تصقل الروح.

لذلك، حين نرى شخصًا واجه الحياة بكل شجاعة، فلنحترمه. لأنه لم يُربَ في كنف الرفاهية، بل تربّى في قلب العاصفة.

شارك هذا الموضوع:

Tweet

المزيد

Telegram

معجب بهذه:

إعجاب

تحميل...

مرتبط

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

عاجل : عقب التحركات الاخيرة .. الجيش السعودي يشن قصفاً عنيفاً ومفاجئاً في هذه المناطق

صوت العاصمة | 902 قراءة 

المجلس الانتقالي يلوّح بتشكيل حكومة موازية ويضع شرطاً للتراجع

نيوز لاين | 632 قراءة 

تصريحات سعودية شديدة ضد الانتقالي وتطلق عليه هذا الوصف !

يمن فويس | 570 قراءة 

إدارة البنك المركزي اليمني في عدن تكشف عن أمر بالغ الأهمية !

يمن فويس | 513 قراءة 

ما وراء توقف صرف البطاقات الشخصية الذكية في الأحوال المدنية بعدن؟

المنتصف نت | 490 قراءة 

عاجل : عقب التحركات الاخيرة .. الجيش السعودي يشن قصفاً عنيفاً ومفاجئاً في هذه المناطق

العاصفة نيوز | 461 قراءة 

عاجل.. قصف سعودي تفاصيل

موقع الأول | 379 قراءة 

أول تحرك خليجي بعد لقاء الرئيس العليمي أمين عام مجلس التعاون وتأكيد وحدة اليمن

المشهد اليمني | 362 قراءة 

سماح لقوات درع الوطن القيام بهذا الأمر من حضرموت إلى المهرة

كريتر سكاي | 350 قراءة 

تصريح سعودي ناري ضد الانتقالي ويحمله هذا الامر الخطير

كريتر سكاي | 341 قراءة