في وقت لا يزال فيه عدّاد ضحايا الألغام مستمرًا، عادت ميليشيا الحوثي إلى زراعة حقول واسعة من الألغام في محافظة الحديدة، غربي اليمن، ضمن استعداداتها للتصدي لـ”عملية عسكرية مرتقبة بدعم دولي”.
وعلى مدى الأسابيع الماضية، كثّف الحوثيون تحصين دفاعاتهم العسكرية في عدد من المديريات الجنوبية الغربية من محافظة الحديدة، وشملت تلك التحصينات زراعة الألغام الأرضية، واستحداث خنادق وأنفاق ومصدّات ترابية، إلى جانب تحشيد القوات والآليات، وتنفيذ مناورات تدريبية.
يأتي ذلك استعدادًا لعملية عسكرية مضادة تهدف، وفق مزاعمهم، إلى إنهاء الوجود الحوثي في المحافظة المطلة على البحر الأحمر، بدعم من الولايات المتحدة وتنسيق مع قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا.
وأكدت السلطة المحلية لمحافظة الحديدة، المعيّنة من الحكومة الشرعية، في بيان صادر عن مكتب حقوق الإنسان، أن الحوثيين يوسعون عمليات زراعة الألغام في مديرية الدريهمي؛ ما يشكل تهديدًا خطيرًا على حياة السكان.
ونددت السلطة المحلية بما وصفته بـ”الصمت الدولي” تجاه انتهاكات الحوثيين، مطالبة الجهات الدولية والمنظمات الحقوقية بالتدخل لوقف هذه الممارسات التي تزيد معاناة السكان الإنسانية.
رغم توقف العمليات العسكرية الداخلية إثر الهدنة الأممية التي بدأت في أبريل/نيسان واستمرت حتى أكتوبر/تشرين الأول 2022، واستمرارها بشكل غير رسمي حتى الآن، فإن نزيف اليمنيين بسبب الألغام، خاصة في الحديدة، لم يتوقف. ووفقًا لإحصائيات بعثة الأمم المتحدة، قُتل 31 مدنيًا وأُصيب 43 آخرون في الحديدة منذ مطلع العام الجاري.
وتُعد الحديدة أكبر المحافظات اليمنية الموبوءة بالألغام الحوثية، نتيجة موجة تلغيم كبرى في عام 2018 لمحاولة صد تقدم القوات الحكومية، قبل أن تتراجع الأخيرة تحت ضغوط دولية بموجب اتفاق “ستوكهولم” الذي رعته الأمم المتحدة.
وأوضح علي الأهدل، مدير مكتب وزارة الإعلام لدى الحكومة اليمنية في محافظة الحديدة، أن ضحايا الألغام التي زرعها الحوثيون منذ 2015 بلغوا قرابة 2500 ضحية، بينهم 945 قتيلًا وأكثر من 1500 جريح، معظمهم من النساء والأطفال.
وأشار الأهدل، في حديث لـ”إرم نيوز”، إلى أن الحوثيين يتعمدون تحويل أرض تهامة إلى حقل ألغام كبير، دون مراعاة لحياة السكان.
وأضاف أن الميليشيا تدرك أن الحديدة بكل مديرياتها لا تدين لها بالولاء؛ ما يدفعها إلى زراعة الألغام بهدف فرض سيطرتها وإلحاق أضرار طويلة الأمد بالمجتمع المحلي.
وأضاف الأهدل أن سكان الحديدة يعتمدون على صيد الأسماك والزراعة ورعي الأغنام، لكن الحوثيين حولوا البحر الأحمر إلى منطقة عسكرية عبر هجماتهم على السفن؛ ما أجبر العديد من الصيادين على ترك مهنتهم، فضلًا عن زراعة الألغام البحرية، والآن تستهدف الميليشيا أراضي السكان ومناطق عيشهم.
ويقول عبدالرحمن برمان، المدير التنفيذي لـ”المركز الأمريكي للعدالة”، إن الألغام المزروعة في اليمن تمثل تهديدًا خطيرًا لحاضر ومستقبل اليمنيين، حيث تم زرعها عشوائيًّا ودون خرائط؛ ما يزيد تعقيد جهود إزالتها.
وأشار برمان إلى أن مفعول بعض الألغام يبقى نشطًا لمدة تتراوح بين 70 إلى 90 عامًا؛ ما يعني أن خطرها سيستمر حتى بعد انتهاء الحرب. وذكر أن مشروع “مسام” السعودي لمكافحة الألغام نجح في نزع قرابة نصف مليون لغم، لكن الجزء الأكبر من المناطق الملوثة بالألغام لا يزال تحت سيطرة الحوثيين.
وأوضح برمان أن الألغام تسببت حتى الآن في مقتل وإصابة أكثر من 15 ألف شخص، 80% منهم مدنيون، والكثير منهم أصيبوا بإعاقات دائمة أو تشوهات خطيرة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news