خلال الانتخابات الأمريكية الأخيرة، تردد مصطلح “مشروع 2025” على منصات الحملات الانتخابية، حيث استخدمه الديموقراطيون في معركتهم مع الجمهوريين، لكن ما هو هذا المشروع ومن وضعه وما الهدف منه، أسئلة رشحت إلى السطح مع وصول المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى الرئاسة بعد اكتساحه منافسته الديموقراطية كامالا هاريس.
تمت صياغة “مشروع 2025” الذي يتوقع أن يشغل السياسة الأمريكية خلال الأشهر المقبلة، في أروقة مؤسسة فكرية تدعى “مؤسسة الإرث”، وهو عبارة عن أداة لتوجيه سياسات الإدارة الأمريكية “الجمهورية” تحديداً، وعلى الرغم من الجدل والانتقادات المحيطة بالمشروع، يبقى من العناصر الرئيسية التي قد تحدد شكل الحكومة الفيدرالية في المستقبل القريب، حسب “سي بي إس” الأمريكية ويقوم على أربع ركائز رئيسية هي:
– “تفويض القيادة 2025”: يطلق عليه الوعد المحافظ، نحو 900 صفحة من التوصيات التي تهدف إلى إعادة هيكلة الحكومة الفيدرالية في مجالات متنوعة مثل الدفاع، التعليم، الهجرة، والقضايا الاجتماعية، مستوحاة من “تفويض القيادة” الذي نُشر لأول مرة في يناير 1981، والذي كان بمثابة خريطة طريق لإدارة رونالد ريجان في ذلك العام.
– “قاعدة بيانات الموظفين”: مخصصة لاختيار المرشحين المناسبين للمناصب الحكومية وفقاً لمواقفهم السياسية المحافظة.
– “أكاديمية تدريب للإدارة الرئاسية”: برنامج تدريبي لتحضير الأفراد الذين يمكنهم شغل المناصب في الإدارة القادمة.
– “خطة الـ180 يوماً لتنفيذ السياسات”: استراتيجية شاملة للعمل بسرعة وبشكل جريء في الأشهر الستة الأولى من ولاية الرئيس ترامب، مع التركيز على تنفيذ السياسات بشكل فوري.
قاد المشروع اثنان من المسؤولين السابقين في إدارة ترامب هما: بول دانس، الذي كان رئيساً للموظفين في مكتب إدارة الموظفين ويعمل مديراً للمشروع، وسبنسر كريتيان، المساعد الخاص السابق لترامب والآن المدير المساعد للمشروع، بحيث تصل التوصيات الموضحة في الخطة الضخمة إلى كل ركن من أركان السلطة التنفيذية، من المكتب التنفيذي للرئيس إلى وزارة الأمن الداخلي إلى بنك التصدير والاستيراد غير المعروف.
لم تكن هذه المرة الأولى التي تصوغ فيها “مؤسسة الإرث” برنامجاً رئاسياً، حيث وضعت في 2015 “تفويضاً للقيادة”، وزعمت أن ترامب أقر 64% من توصياته السياسية مثل: الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، وزيادة الإنفاق العسكري، وزيادة الحفر البحري وتطوير الأراضي الفيدرالية.
اللافت أن العديد من مؤلفي “مشروع 2025” هم أسماء مألوفة في إدارة ترامب السابقة، مثل روس فوغت، الذي قاد مكتب الإدارة والميزانية؛ ووزير الدفاع السابق بالإنابة كريس ميلر؛ وروجر سيفيرينو، الذي كان مدير مكتب الحقوق المدنية في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.
يجسد “مشروع 2025” طموحات اليمين الأمريكي المحافظ في شكل إصلاحات كبيرة عبر مختلف المجالات الحكومية والاجتماعية، يبرز منها:
– إصلاحات في السياسات الاجتماعية: مثل فرض قيود على الوصول إلى الأدوية المستخدمة في الإجهاض، مع فرض قواعد أكثر صرامة حول استخدامه.
– إعادة هيكلة الوكالات الفيدرالية: يتضمن المشروع اقتراحات لتقليص وكالات مثل إدارة المحيطات والغلاف الجوي، حيث إنها أصبحت واحدة من المحركات الرئيسية لصناعة إنذار تغير المناخ، وبالتالي فهي ضارة بازدهار الولايات المتحدة في المستقبل ووزارة الأمن الداخلي التي تأسست في عام 2002، ودمج وكالاتها مع وكالات أخرى، أو نقلها تحت إشراف إدارات أخرى تماماً.
– السياسات المتعلقة بالهجرة: تشجيع بناء الجدار على الحدود مع المكسيك، وزيادة الإجراءات الأمنية، واستخدام القوات العسكرية لمكافحة تهريب المخدرات، وتشكيل وكالة مستقلة لشؤون الحدود والهجرة يعمل بها أكثر من 100 ألف موظف.
– القضايا الاجتماعية: تعزيز القيم الأسرية التقليدية عبر اقتراح “التصريح بفخر بأن الرجال والنساء هم حقائق بيولوجية”، وأن “الرجال والنساء المتزوجين هم البنية الأسرية الطبيعية المثالية لأن جميع الأطفال لديهم الحق في أن يربيهم الرجال والنساء الذين حملوهم”.
مواقف
شن الديمقراطيون في مجلس النواب الأمريكي حملات دعائية تندد بـ”مشروع 2025″، مؤكدين أنه يحمل تهديدات لحقوق الأمريكيين، بما في ذلك تقليص برامج الرعاية الصحية مثل “ميديكير”، وفرض حظر شامل على الإجهاض، وفرض قيود على الوصول إلى وسائل منع الحمل.
من جهته، حاول الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، النأي بنفسه عن هذا المشروع خلال حملته الانتخابية، كما سعى أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون، بما فيهم مرشح ترامب لمنصب نائب الرئيس جيه دي فانس، إلى وضع مسافة بين المرشح المحتمل للبيت الأبيض ومشروع 2025، ووصفوه بأنه مجرد نتاج لمؤسسة بحثية تقدم أفكاراً.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news