كانت الجدات اللأئي يملكن أبقار ويوزعن من خيرهن حقين للجيران والمعسرين، لديهن حساسية كبيرة جدا حيال الأسر التي تغسل الأنا المستخدم للحقين وصب ماء الغسل على ممر يسير عليه أفراد الأسرة تحت أشعة الشمس.
الاعتقاد السائد لدى الجدات آنذاك أن هذا التصرف يتسبب بآذى نفسي للبقرة فيكون يومها عصيب مزاجها معكر وعصبية وترفض الأكل وفي اليوم التالي لا تسمح لصاحبتها بحلبها إلا بعد تقييد قدميها ويديها، إضافة إلى أن الحليب يصاب بلوثة فيكون مختثر جزئيا.
المدهش أن الجدات كن يكتشفن ذلك بحاسة لم نستطع اكتشافها رغم كل الحيل التي مارسناها للاكتشاف دون جدوى، حيث كنا كأطفال نقوم برش قطرات حقين بسرية تامة في ممر نسير عليه تحت أشعة الشمس ثم ندفن قظرات الحقين، لاكتشاف هل ستعرف الجدة بذلك وفي اليوم التالي مجرد أن نصل تقوم الجدة باختيار الشخص الذي قام بذلك واخباره أنه تسبب للبقرة بالآذى دون سواه وتعاقبه بتأخير حصة اليوم من الحقين وأخذ عهد منه بعدم تكرار فعلته.
كبرنا وغادرنا أريافنا نحو المدن بحثا عن سراب زائف وفي كل عودة إلى أريافنا نعود بخجل إلى جداتنا لنخبرهن أننا ونحن أطفال كنا في أوقات نفكر بإيذاهن في أبقارهن من خلال رش قطرات حقين تحت أشعة الشمس، ونطلب منهن السماح فيبكين لاعترافاتنا وعلى أبقارهن الراحلات فنبكي معهن ونقبل أيادهن وأقدامهن طلبا للعفو والمسامحة فيصفحنا عنا.
سلام السلام والرحمة لكن جداتي وأجدادي وعماتي وأعمامي وخالتي وأخوالي، السلام والرحمة والخلود لروحك يا أبي وكل الراحلين الانقياء والسلام والصحة والسعادة لك أمي وكل أسرتي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news