مع اقتراب الولايات المتحدة من انتخابات 2024، تظهر صورة معقدة للمشاعر العامة والتصورات من المصادر الرسمية الأمريكية واستطلاعات الرأي الوطنية.
ومن الجوانب اللافتة للنظر في المناخ السياسي الحالي هي الفجوة الواضحة في المعرفة التاريخية، و بحسب ما ورد فإن نسبة كبيرة من الناخبين تجهل الأحداث المحورية مثل الحرب الأهلية والكساد الكبير. هذا الافتقار إلى السياق التاريخي قد يؤثر على وجهات النظر السياسية والاقتصادية المعاصرة.
تشير المؤشرات الاقتصادية إلى وجود انفصال بين الإدراك العام والواقع. وعلى الرغم من أن البيانات تشير إلى أن الاقتصاد الوطني لم يدخل في حالة ركود منذ عام 2020، إلا أن عددًا كبيرًا من الأمريكيين يعتقدون خلاف ذلك. وتنعكس هذه المشاعر في التصور الخاطئ لأداء سوق الأسهم، حيث يعتقد الكثيرون أن الأسهم قد انخفضت، في حين أنها في الواقع ارتفعت بنسبة 11% في عام 2024.
فمعدلات التضخم وإدارتها موضوع مثير للجدل. هناك اعتقاد واسع الانتشار بأن الإدارة الحالية شهدت معدل تضخم بنسبة 50%، وهي نسبة تتعارض مع الإحصاءات الرسمية. ولا يزال الاعتقاد بأن السياسات الرئاسية يمكن أن تتحكم في التضخم مباشرة، على الرغم من الأدلة التاريخية التي تشير إلى عكس ذلك.
التفاوت بين الإدراك للحالة المالية الشخصية والاقتصاد الوطني جدير بالملاحظة. فالعديد من الأمريكيين يرون أوضاعهم المالية الشخصية بإيجابية، ومع ذلك ينظرون إلى الاقتصاد الوطني بسلبية، مما يشير إلى تأثير محتمل للسرد الإعلامي على الرأي العام.
لا تزال سياسة الهجرة قضية مثيرة للانقسام، حيث يؤمن جزء كبير من السكان، تحت تأثير بعض وسائل الإعلام، بسياسة الحدود المفتوحة التي لا تتماشى مع استراتيجيات الهجرة الرسمية.
وبالمثل، فإن معدلات الجريمة، التي تظهر الإحصاءات الرسمية أنها في انخفاض، يُنظر إليها من قبل الكثيرين على أنها في ارتفاع. هذا التناقض يبرز دور الإعلام في تشكيل الرأي العام ويؤكد على أهمية المراجعة المتعددة لمصادر المعلومات المختلفة للحصول على رؤية متوازنة.
كما هو الحال دائمًا، يلعب المشهد الإعلامي دورًا محوريًا في تشكيل آراء الناخبين. غالبًا ما يكون الاختلاف في تصورات الواقع بين الناخبين ناتجًا عن اختيارهم لمصادر الأخبار . في الولايات الحاسمة، حيث من المرجح أن يحسم الإعلام فيها نتيجة الانتخابات، يسود الحنين إلى الأوضاع الاقتصادية السابقة وغيرها من المشاعر المتأثرة بالسرد الإعلامي.
المشاعر التي تسبق الانتخابات الأمريكية لعام 2024 تتنوع بين فقدان الذاكرة التاريخية والمفاهيم الاقتصادية الخاطئة، والآراء المتأثرة بوسائل الإعلام. من الضروري أن يسعى الناخبون للحصول على المعلومات من مصادر متعددة لتكوين فهم شامل للقضايا المطروحة. مع اقتراب الانتخابات، سيكون من الأهمية بمكان أن يشارك الناخبون في حوار مستنير، ليسدوا الفجوة بين الإدراك والواقع ويتخذوا قرارات تشكل مستقبل الأمة.
بروس ستوكس هو المدير التنفيذي لفريق عمل عبر الأطلسي وزميل أول في صندوق مارشال الألماني، وكان مديراً للمواقف الاقتصادية العالمية في مركز بيو للأبحاث في العاصمة واشنطن، وهو كاتب عمود إقتصادي دولي سابق في مجلة ناشيونال جورنال، وهي مجلة سياسية عامة مقرها واشنطن، وهو أيضا زميل أقدم سابق في مجلس العلاقات الخارجية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news