هل أخطأ الشعب اليمني في اختيار الوحدة؟
قبل 10 دقيقة
المشاريع الكبيرة لا تأتي صدفة ولا تنجح بسهولة كما أنها تفرز العديد من المتغيرات وهي تعبر الحواجز لتصبح واقعا تلامس الوجدان والمشاعر معززة بإرادة صلبة ومتينة.
وبالحديث عن الوحدة اليمنية كقيمة عظيمة ربما من حسن حظها أن ذكراها تأتي في ظل هذا الكم الهائل من الإخفاقات والفشل على مختلف الأصعدة؛ من ضياع الدولة وتشرذم السيادة، وغياب القيادة، إلى الانهيار الاقتصادي الذي بلغ حد الموت جوعًا.
يحق للمراقب أن يطرح سؤالاً بسيطًا على أي مواطن يمني: هل كانت الحياة أفضل في ظل دولة الوحدة، أم في ظل الأوضاع المزرية الحالية؟ والسؤال هنا سوف يكشف لنا حجم الكارثة التي حلت نتيجة التخلي عن أحد أهم المشاريع الاجتماعية والقومية ومحاولة التراجع عنه والتنصل من استحقاقاته.
ومهما بلغ التقدير لمنجز الوحدة وإنهاء التشطير في 22 مايو 1990م، فإنه يحق لأي راصد سياسي – وليس بالضرورة باحثًا متخصصًا – أن يتساءل: ماذا أضافت الوحدة لليمن؟ وماذا أخذت منه؟
الأمر ليس ملزِمًا بقدر ما هو عملية تدارك واستدراك لمعرفة كيف تجري السياقات حين تختل موازين الأفكار الجيدة ويصبح البحث عن التعافي أمر حتمي حتى لا يسوء الواقع أكثر مما هو عليه.
لقد أضافت الوحدة للدولة اليمنية والإنسان قوة وعمقًا افتقدهما لقرون، كما أعادت رسم الجغرافيا السياسية لليمن، لتضعه في قلب اهتمام الإقليم والعالم، حيث شكلت تجربة الوحدة معادلة استثنائية سحبت البساط بشكل لافت في لحظة تاريخية فارقة.
كما كانت لليمنيين مصدر فخر وطني وقومي، وعادة ما تلجأ الشعوب في أوقات المحن، إلى ذاكرتها الجمعية ومنابع عزّها التاريخي لإعادة تشكيل وعيها ورسم تطلعاتها. وفي هذا السياق، جاءت عطاءات الشعب في ظل الوحدة مدهشة وجديرة بالدراسة.
لقد كرست الوحدة قيام دولة واسعة تمتد على سواحل استراتيجية وبحار وممرات مائية دولية، شهد العالم كيف أصبحت هذه الشرايين عناصر سلام وأمن واستقرار، وجعلت من اليمن مركز قرار يحظى باحترام إقليمي ودولي.
وهنا لا يمكن بأي حال إنكار أن الوحدة منحت الشعب اليمني نعمة الأمن والاستقرار، ومكّنته من استغلال موارده الطبيعية لصالح التنمية، وتم تنفيذ مشاريع كبرى في مختلف القطاعات، وكانت عملية التنمية المستدامة تخطو بشكل حثيث وفي آفاق رحبة ومحيط ملتهب.
صحيح أن الوحدة، كأي تجربة جديدة، رافقتها تحديات وكانت هناك مخاوف لدى بعض الدول الإقليمية والجهات الدولية التي بنت استراتيجياتها في اليمن على أساس الانقسام والصراعات، ما أعاق تحقيق بعض الأهداف. لكن لا بد من القول إن الوحدة حملت معها أيضاً نهاية مرحلة التشطير والتأزيم، وأسقطت الكثير من المنتفعين وتجار الصراعات.
لم نزعم يوماً أن الوحدة كانت مثالية مطلقة خالية من العثرات، فذلك من طبيعة الأمور، ولكنها نجحت بامتياز في إرساء الديمقراطية والتعددية السياسية واحترام الحريات العامة. حتى جاء ما سُمي بـ"الربيع العربي" الذي خلط الأوراق وخلق فوضى تحت مسميات التغيير وعمد إلى قطار الهدم، الذي لم يسحق اليمن وحده، بل طال دولاً كبيرة كانت في وضع أفضل منه، ورغم ذلك، وبالمقارنة، فقد أنجزت دولة الوحدة الكثير رغم شحّ الموارد أو عدم استغلالها بشكل أوسع.
استذكار الوحدة يستدعي أيضًا الترحم على أبطالها ومن كان لهم الفضل في التأسيس لها من الذين ضحوا بأرواحهم دفاعًا عنها وعن الدولة، وفي مقدمتهم الرئيس الراحل علي عبدالله صالح ورفاقه. فالشعوب الحية لا تنسى قادتها، وتستمد من تضحياتهم روح الصمود في مواجهة مشاريع التمرد والتفتيت.
ومهما اشتدت عواصف الهدم، سيبقى الشعب اليمني هو السياج الحامي لمنجز الوحدة، لأنها تمثل مصدر قوته وأمنه واستقراره، رغم محاولات البعض – من أمراء الحرب وزعماء المليشيات ومجموعات هنا وهناك – تحميل الوحدة مسؤولية كل الانتكاسات والكوارث.
إن الوحدة اليمنية لم تكن مجرد لحظة تاريخية، بل كانت مشروعًا حضاريًا لصياغة المستقبل، وأساسًا لقوة الدولة. فالدول الكبيرة تبقى مهابة وفاعلة في محيطها الإقليمي والدولي حين تظل متماسكة، وستظل الوحدة المباركة الحامل الحقيقي لمشروع اليمن الآمن والمستقر والدولة المدنية الحديثة القائمة على المواطنة المتساوية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
مجزرة مروعة داخل مسجد في البيضاء.. مسلح يفتح النار على المصلين ويوقع 12 قتيلاً وجريحاً
دعا الإعلامي اليمني البارز المقرب من الانتقالي الجنوبي عادل اليافعي، إلى ضرورة إيلاء مدينة عدن اه
مأرب في قلب العاصفة: تخريب ممنهج للبنية التحتية ومواجهات دامية بين الجيش والقبائل
ظهر نائب رئيس الجمهورية اليمنية السابق، الفريق علي محسن صالح الأحمر، في مناسبة رسمية نادرة هي الأولى
ظهر نائب رئيس الجمهورية السابق، الفريق علي محسن الأحمر، يوم الأحد، في حفل استقبالٍ أقامه ولي العهد ا