بشرى العامري:

منذ أكثر من عقد، ارتبط اسم أمة السلام الحاج بملف المختطفين والمعتقلين في اليمن، حيث كرّست جهودها في هذا المجال بعيداً عن الأضواء والبحث عن الشهرة أو استجداء الدعم الدولي.

وبحكم عملي الصحفي، كنت شاهدة على نشاطها الدؤوب، الذي لم يكن مجرد موقف عابر، بل مشروع نضالي حقيقي وعمل حقوقي وإنساني منظم.

بصفتها رئيسة رابطة أمهات المختطفين، قادت العشرات من الوقفات الاحتجاجية، ووثّقت أغلب حالات الاختطاف دون تمييز بين الجهات المتورطة، ولم يكن هدفها في كل ذلك تحقيق مكاسب شخصية أو فرض هيمنة على المجتمع المدني في هذا الملف، ولم تسعَ لتشويه أو محاربة أي جهة أخرى تعمل في المجال نفسه.

ولم تقدم أرقاماً مضخمة أو قصصاً مفتعلة لجذب الانتباه، بل التزمت الصمت والصبر، وواصلت العمل بتفانٍ وإخلاص بعيداً عن الترويج لنفسها أو لمنظمتها.

واليوم، تحصد أمة السلام الحاج عن جدارة جائزة المرأة الدولية للشجاعة لعام 2025، والتي تمنحها وزارة الخارجية الأمريكية للنساء الرائدات في الدفاع عن حقوق الإنسان والسلام والعدالة واللواتي يظهرن الشجاعة والقيادة في هذا الجانب.

هذا التكريم ليس مجرد لقب، بل شهادة على نضال حقيقي استحق الاعتراف به عالمياً، فنادراً ما نجد جوائز مستحقة تُمنح لشخصيات فاعلة على أرض الواقع، بعيداً عن المؤسسات الهامشية التي تصنع ألقاباً بلا أثر، أو استغلال بشع للقضية.

 أمة السلام كانت على عكس كثير من الناشطات في الجانب الإنساني وخصوصاً النسوي تعمل في الميدان، قريبة من الأمهات، مدافعة عن قضيتهم دون أن تستغلها لمكاسب شخصية، أو للظهور الإعلامي أو تجعلها وسيلة للسفر والدورات والتمويلات الأممية.

لم تسعَ مستغلة ذلك الملف للحصول على مناصب حكومية، ولم تساوم على الملف، ولم تحوّله إلى مشروع عائلي لتحقيق مصالح خاصة وجني الأموال الطائلة والرحلات المكوكية والعيش ببذخ في الخارج.

شخصياً، لا تربطني بها معرفة وثيقة، وربما التقيتها مرة واحدة فقط، في لقاء سريع وعابر بقناة اليمن قبل لقاء تلفزيوني، لكني لم أسمع عنها إلا كل خير، سواء من حيث الأخلاق أو التعامل مع الآخرين.

لذا فإن فوزها مستحق، وبجدارة وهو أقل تكريم لجهودها المستمرة كل تلك السنين، وتكريمها مصدر فخرٍ لكل من يؤمن بالعدالة وحقوق الإنسان.

مبارك لها هذا الفوز العظيم، ونعتز بها كنموذج مشرف للنضال الإنساني الحقيقي.