انضم إلى قناتنا على واتساب
شمسان بوست / العربي الجديد
وصلت الأزمة التجارية إلى ذروتها في اليمن، الذي يعيش على وقع اضطراب كبير بسبب القرارات المتتالية من السلطات المتنازعة في البلاد، والتي أثرت بشكل كبير على الاستيراد والملاحة في الموانئ وخطوط الشحن التجاري، وأصابت الأسواق بالذعر، مع ارتفاع الأسعار وتفاقم أزمة المخزون السلعي.
وترصد “العربي الجديد”، ارتفاعاً كبيراً في الأسعار بنسب متفاوتة تتراوح بين 20 و30%، خاصة في صنعاء ومناطق شمالي اليمن، وبقاء الأسعار في حالة ارتفاع بعدن ومناطق إدارة الحكومة المعترف بها دولياً، بالرغم من الركود التجاري الحاصل في البلاد؛ إذ عمد كثير من التجار إلى الاحتفاظ بما تبقى لديهم من بضائع وسلع في مخازنهم، مع تفاقم أزمة الواردات.
فقد زاد سعر كيس الدقيق (25 كيلوغراماً) في صنعاء من ستة آلاف إلى ما بين سبعة آلاف و7.200 ريال، وقفز سعر كرتون الحليب المجفف من 38 ألفاً إلى 42 ألف ريال، وسجلت الأجبان المستوردة زيادة كبيرة، إذ وصل سعر العبوة المعدنية (تنك) من الجبنة إلى 28.4 ألف ريال من 26 ألف ريال، علماً بأن سعر الريال لا يزال في حالة استقرار منذ أكثر من ثلاث سنوات مقابل الدولار في صنعاء ومعظم مناطق شمالي اليمن الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وذلك عند مستوى 533 ريالاً للدولار، في حين يستمر استقرار سعر الصرف عند مستوى 1.620 ريالاً مقابل الدولار في عدن ومناطق إدارة الحكومة المعترف بها دولياً.
ويوضح صاحب بقالة في صنعاء، ماجد الوصابي، لـ”العربي الجديد”، أن تجار الجملة خفضوا حجم الكميات من السلع التي كان يطلبها أصحاب وملاك البقالات ومتاجر التجزئة خلال الفترة الماضية، في حين يقول بائع آخر في متجر لبيع المواد الغذائية والاستهلاكية، وليد الأحمدي لـ”العربي الجديد”: إن هذا التقليص تزامن مع زيادة في أسعار الكثير من السلع لدى تجار الجملة خلال الأيام القليلة الماضية.
وتأتي هذه التطورات التي تشهدها أسواق اليمن بعد أن أقدمت السلطات المعنية في عدن وصنعاء على رفع الدولار الجمركي وضاعفت الجمارك بنسبة 100%، بالإضافة إلى التوترات التي تشهدها كل من حضرموت والمهرة، والتي يرى خبراء اقتصاد أنها ستضر كثيراً بالمواطنين والتجار والبلاد بأكملها، خاصة في ظل خنق الواردات.
في السياق، يقول الخبير الاقتصادي في صنعاء رشيد الحداد لـ”العربي الجديد”: إن هناك حرباً اقتصادية غير معلنة تتعاظم من يوم لآخر، وسط توجه من مجلس الأمن لتشديد الحصار على اليمن، مشيراً إلى أن هناك موجة ارتفاعات في الأسعار في كافة أنحاء البلاد؛ إذ يعود ذلك، بحسب الحداد، إلى تأخير المناولة في موانئ عدن واحتجاز المئات من الشاحنات القادمة من ميناء صلالة إلى صنعاء بذريعة عدم الاستيراد عبر لجنة تنظيم الواردات التابعة للحكومة في عدن.
كما أن هناك عدداً كبيراً من الواردات في غاطس ميناء عدن تنتظر دورها منذ أسابيع للتفريغ، ويترتب على ذلك رسوم تأخير يومية، تضاف إليها جبايات مالية كبيرة تفرضها النقاط العسكرية في الطرقات، حيث دفعت الأضرار التي طاولت موانئ الحديدة بالمستوردين إلى تحويل بضائعهم إلى موانئ أخرى، بحسب الخبير الاقتصادي.
يضيف الحداد أن المؤشرات تفيد بأن تحذيرات الغرف التجارية والصناعية في عدن قبل أشهر من حدوث أزمة في سلاسل الإمداد وفي العرض التمويني بالأسواق اليمنية بدأت تتضح، وهذا ما سيضاعف معاناة اليمنيين في مختلف المحافظات.
يرى الخبير الاقتصادي أن ذلك يأتي في إطار الصراع وتشديد الحرب الاقتصادية وسط تعاظم الصراعات بين فرقاء الوطن، وفي نفس الوقت فإن الحكومة في عدن لا تمتلك احتياطيات نقدية أجنبية بحساباتها البنكية في الخارج، كما تواجه حالة إفلاس في النقد المحلي والاحتياطيات الأجنبية، ما يفاقم الأزمة.
وبالمقابل، يشكو القطاع التجاري من إجراءات مماثلة اتخذتها سلطة صنعاء بالتوازي مع سريان قرار رفع سعر الدولار الجمركي بعدن في أغسطس/آب الماضي، إذ شددت الخناق على الواردات في المنافذ الواقعة بمناطق سيطرتها، والعمل على فرض زيادة جمركية، ومنع استيراد ومرور كثير من السلع بحجة قرارها بتوطينها.
ويذهب المحلل الاقتصادي نبيل الشرعبي، في حديثه لـ”العربي الجديد”، لوصف ما يجري بالحرب الاقتصادية التي لم يتم إدراك خطورتها على الناس في ظروف وأوضاع صعبة وحرجة، مشيراً إلى أن قرارات وتوجهات الحكومة المعترف بها دولياً تأتي بالرغم من أن موانئ عدن غير مؤهلة لاستيعاب نفس ما كانت تستوعبه موانئ الحديدة، فضلاً عن أن أرصفة موانئ عدن ليست مصممة لاستيعاب البضائع السائبة إلا بنسبة متواضعة للغاية.
وكان البنك الدولي قد ذكر في أحدث إصدار من تقرير “المرصد الاقتصادي لليمن” الصادر في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، أن الأسر المعيشية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً تعاني من مصاعب اقتصادية حادة، إذ يعصف التضخم بالقدرة الشرائية. فبحلول يونيو/حزيران، ارتفع سعر سلة الغذاء الأساسية بنسبة 26% مقارنة بالعام السابق، نتيجة انخفاض حاد في قيمة الريال اليمني بسوق عدن الذي بلغ أدنى مستوياته على الإطلاق عندما لامس الدولار ثلاثة آلاف ريال في يوليو/تموز الماضي. وأدت تدابير الاستقرار إلى دعم قيمة العملة، مما أعاد سعر الصرف إلى نحو 1.620 ريالاً للدولار في مطلع أغسطس الماضي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news