الملالاة… صوت الشجن الذي يعود من عمق الريف التعزي”

     
اليمن الاتحادي             عدد المشاهدات : 49 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الملالاة… صوت الشجن الذي يعود من عمق الريف التعزي”

بشرى العامري:

في قلب الريف التعزي، حيث تتكئ القرى على كتف الجبال وتتناثر الحقول مثل صفحات خضراء، ينهض فن اصيل يُدعى الملالاة؛ فنٌ شعبي غنائي يمني، ينبض بإيقاع الأرض وحكايات الناس. هو موالٌ يتشكّل من أبيات موزونة، لكل بيت قافيته، ويفصل بينها مقطع صوتي يتكرر كالأنفاس المتعبة:

“”والله القسم ما فارق البياضــــــــــي

لو شارعوني عند ألف قاضــــي

طلعت نُهدة شقت الجبل طـــــــــول

شاصير على الفتان شهيد ومقتول

شاموت عطش والماء قدور وادواح

من المليح نظرة تــــــرد الأرواح””

… حرف اللام الراقص في “ألا ليليلي لي لي”، الذي منح هذا الفن اسمه وميزته الفريدة.

تنتشر الملالاة في أرياف تعز كأنها وشوشة مشتركة بين الجبال، رغم اختلاف الألحان وتنوّع الأداء. ومن الشمايتين إلى المواسط، ومن جبل حبشي إلى المعافر وخدير وحيفان، وحتى تخوم المقاطرة والقبيطة في محافظة لحج، يتشارك الناس هذا اللون الفني ذاته، كأنهم ينتمون إلى روح غنائية واحدة وذاكرة واحدة.

هناك، على ارتفاعات الهضاب وفي طرقات الفلاحين، يبدأ الصوت متكئاً على “الليليلي”، ثم ينفجر الشاعر ببيتٍ صيغ بعناء، بيتٌ خرج من رحم واقعة عاشها أو مشهد لامسه بوجعه وفرحه. فـ”الملالاة” ليست كلمات عابرة، بل مرآة حياة تُقال بصدق وبساطة، وتنمو مثل حبة قمح بين أصابع الفلاحين.

لا تُقال الملالاة ليلاً، فهي ابنة الضوء. يشتد شجنها بين العاشرة صباحاً وما قبل غروب الشمس، حين يذوب الظلّ ويتساوى التعب مع الحنين. وحين يجتمع الرعاة فوق القمم أو ينحني الفلاحون على التراب، تتردد الملالاة كصلاة يومية، تشاركهم وحدتهم وعرقهم وطمأنينتهم.

ورغم جمال هذا التراث، ظل مهملاً موسيقياً لسنوات طويلة، ولم تبلغ جهود التوثيق مرحلة النضج. ومع ذلك، لم يغفل عنه كبار الفنانين اليمنيين الذين نهلوا من ألحانه الأولى—أيوب طارش، عبد الباسط عبسي، محمد مرشد ناجي—وجعلوه خيطاً من خيوط الهوية الغنائية اليمنية الشعبية، لكنها ظلت محاولات فردية، تشبه ومضة ضوء في ليل طويل.

وفي السنوات الأخيرة، أضاء جيل جديد الطريق. شبابٌ جعلوا من وسائل التواصل مكتبةً مفتوحة للملالاة، ينشرون تسجيلاتها القديمة ويعيدون لها حضورها، كأنهم يوقظون صوتاً نام طويلاً على صدر الجبل.

بين تلك الأصوات الشجية التي تتردد في الريف، والجهود التي تعيد هذا الفن إلى الواجهة، يعود صوت الملالاة ليؤكد أن التراث ليس مجرد ذكرى، بل روح حيّة تعيش مع الناس وفيهم.

وأن ما وُلد فوق الجبال معبراً عن شجن الناس وعشقهم… لا يموت.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

اشتعال الوضع في حضرموت وانباء عن انفجارات عنيفة وتحركات جوية مكثفة

يمن فويس | 1181 قراءة 

انفجار الوضع عسكرياً في حضرموت: تجدد الاشتباكات في ‘‘الشحر’’ ووصول تعزيزات وتدخل إماراتي!!

المشهد اليمني | 1145 قراءة 

مصادر تكشف التزام قوات الانتقالي الجنوبي بالانسحاب من المحافظات الشمالية لصالح الحوثيين

المشهد اليمني | 1009 قراءة 

العثور على الفتاة أبرار (17 عامًا) من المنصورة

عدن تايم | 757 قراءة 

ظهور مرتقب لدولة جديدة في جنوب اليمن

عدن حرة | 708 قراءة 

ساعات حاسمة قبل انتهاء مهلة الانسحاب.. انتشار عسكري متسارع في حضرموت والمهرة

المرصد برس | 697 قراءة 

كاتب سعودي يكشف عن ‘‘المُشغّل’’ الحقيقي للمجلس الانتقالي الجنوبي

المشهد اليمني | 667 قراءة 

غارات جوية سعودية على بادية الشحر والديس والانتقالي يفرض حصارًا على خرد

موقع الجنوب اليمني | 641 قراءة 

الكشف عن سبب شن الطيران السعودي غارات في حضرموت

كريتر سكاي | 596 قراءة 

اتفاق بين إيران والإمارات بشأن اليمن 

بوابتي | 570 قراءة