حضرموت (الجمهورية اليمنية) -
بعد أسابيع من مساع دبلوماسية لم تلق صدى لدى "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي تمسك بعدم الانسحاب من محافظتي حضرموت والمهرة شرقي اليمن، شهدت الساعات الأخيرة تلويحا من "تحالف دعم الشرعية" بالخيار العسكري لإنهاء انتهاكات "الانتقالي".
وفيما أوضح التحالف أن قراره جاء استجابة لطلب من رئيس المجلس الرئاسي اليمني رشاد العليمي، بقى "المجلس الانتقالي الجنوبي" صامتا إزاء هذا التحول اللافت في سبيل مواجهة الأزمة التي أثارتها تحركاته العسكرية التي انتهت بالسيطرة على هاتين المحافظتين أوائل ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
ومساء الجمعة، طلب العليمي من "تحالف دعم الشرعية" اتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين في حضرموت ومساندة الجيش على فرض التهدئة، وفق بيان رئاسي بثته قناة اليمن الرسمية.
ساعات قليلة فقط كانت كافية للرد على الطلب، حيث قال متحدث قوات التحالف تركي المالكي في بيان صباح السبت: "استمرارا للجهود الدؤوبة والمشتركة للسعودية والإمارات في خفض التصعيد وخروج قوات المجلس الانتقالي الجنوبي (من المناطق التي سيطرت عليها في حضرموت مؤخرا) وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن (التابعة للحكومة الشرعية) وتمكين السلطة المحلية من ممارسة مسؤولياتها، فإن قوات التحالف تؤكد بأن أي تحركات عسكرية تخالف هذه الجهود سيتم التعامل المباشر معها في حينه بهدف حماية أرواح المدنيين وإنجاح الجهود السعودية الإماراتية".
وأوضح المالكي في البيان الذي نقلته وكالة الأنباء السعودية، أن قرار التحالف بهذا الخصوص يأتي "استجابة للطلب المقدم من العليمي بشأن اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بمحافظة حضرموت نتيجة للانتهاكات الإنسانية الجسيمة والمروّعة بحقهم من قبل العناصر المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي".
ومساء الجمعة، شهدت حضرموت تصعيدا عسكريا جديدا أسفر عن قتلى وجرحى في اشتباكات بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي و"حلف قبائل حضرموت".
ونقلت وكالة أنباء "سبأ" اليمنية عن مصدر حكومي لم تسمه، قوله إنه "تم إطلاع العليمي، مع عدد من أعضاء المجلس الرئاسي، وأعضاء مجلس الدفاع الوطني، على الأوضاع في حضرموت، بما في ذلك العمليات العسكرية العدائية للمجلس الانتقالي الجنوبي، خلال الساعات الأخيرة، وما رافقتها من انتهاكات جسيمة ضد المدنيين الأبرياء في المحافظة".
وذكر المصدر أن هذا "التصعيد المستمر منذ مطلع الشهر الجاري، يعد خرقا صريحا لمرجعيات المرحلة الانتقالية بما في ذلك إعلان نقل السلطة".
وتابع: "كما أنه يُعد تقويضا لجهود الوساطة التي تقودها السعودية والإمارات، بهدف خفض التصعيد، وانسحاب قوات المجلس الانتقالي من محافظتي حضرموت والمهرة، وتسليم المعسكرات فيها إلى قوات درع الوطن والسلطة المحلية، بما يضمن استعادة الأمن والاستقرار في المحافظتين".
** مطالبة سعودية بانسحاب "الانتقالي"
وفي إطار التحول المتسارع لمواجهة الأزمة، طالب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، عبر بيان السبت، المجلس الانتقالي الجنوبي بسحب قواته من حضرموت والمهرة وتسليمها لقوات درع الوطن، محذرا من أن الأحداث في المحافظتين "أدت إلى شق الصف في مواجهة العدو، وإهدار ما ضحى من أجله أبناؤنا وأبناء اليمن".
وقال في تدوينة عبر منصة شركة "إكس" الأمريكية تحت عنوان: "إلى أهلنا في اليمن"، إن "العديد من المكونات والقيادات والشخصيات الجنوبية أظهرت دورا واعيا وحكيما في دعم جهود إنهاء التصعيد في محافظتي حضرموت والمهرة، والمساهمة في إعادة السِلم المجتمعي، وعدم جر المحافظات الجنوبية الآمنة إلى صراعات لا طائل منها، وإدراكهم للتحديات الكُبرى التي تواجه اليمن في الوقت الراهن، وعدم إعطاء فرصة للمتربصين لتحقيق أهدافهم في اليمن والمنطقة".
وأضاف: "حان الوقت للمجلس الانتقالي الجنوبي في هذه المرحلة الحساسة لتغليب صوت العقل والحكمة والمصلحة العامة ووحدة الصف بالاستجابة لجهود الوساطة السعودية الإماراتية لإنهاء التصعيد وخروج قواتهم من المعسكرات في المحافظتين وتسليمها سلميا لقوات درع الوطن والسلطة المحلية".
** موقف "الانتقالي"
في المقابل، لم يصدر حتى الآن أي موقف أو بيان من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي بخصوص مواقف رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ووزير الدفاع السعودي و"تحالف دعم الشرعية".
لكن المجلس أعلن أمس الجمعة، في بيان، أنه "منفتح على أي تنسيق أو ترتيبات تضمن المصالح المشتركة مع السعودية، وما وصفه بـ"تطلعات شعب الجنوب".
وادعى أن "تحركات قواته الأخيرة شرقي اليمن جاءت استجابة لدعوات مناصريه "لمواجهة التهديدات الأمنية المتمثلة في الجماعات الإرهابية".
ويقول المجلس الانتقالي إن الحكومات اليمنية المتعاقبة همشت المناطق الجنوبية سياسيا واقتصاديا، ويطالب بانفصالها، وهو ما تنفيه السلطات اليمنية التي تؤكد تمسكها بوحدة البلاد.
وفي 22 مايو/ أيار 1990، توحدت الجمهورية العربية اليمنية (شمال) مع جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (جنوب) لتشكيل الجمهورية اليمنية.
في السياق، أشار المجلس الانتقالي الجنوبي في بيانه، إلى استغرابه للقصف الجوي الذي استهدف مواقع لـ"قوات النخبة الحضرمية" التابعة له.
وحذر من أن القصف الجوي "لن يخدم أي مسار تفاهم، ولن يثني شعب الجنوب عن المضي نحو استعادة كامل حقوقه"، دون ذكر الجهة المتسببة بالقصف.
والخميس، قالت السعودية في بيان لوزارة خارجيتها، إن تحركات المجلس الانتقالي في حضرموت والمهرة "تمت بشكل أحادي دون موافقة مجلس القيادة الرئاسي ودون التنسيق مع قيادة التحالف العربي"، معتبرة أن هذه الخطوة "أدت إلى تصعيد غير مبرر، أضر بمصالح الشعب اليمني بمختلف فئاته، وبالقضية الجنوبية، وبجهود التحالف".
وأضافت أن الجهود متواصلة "لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه"، معربة عن تطلعها إلى أن يبادر المجلس الانتقالي بـ"إنهاء التصعيد وخروج قواته بشكل عاجل وسلس من المحافظتين".
ولقي الموقف السعودي ترحيبا من العليمي، والحكومة اليمنية، والسلطة المحلية في حضرموت، وحلف قبائل حضرموت، وفق بيانات منفصلة رصدها مراسل الأناضول.
** دعوة أمريكية لخفض التصعيد
في السياق، أعرب وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عن "قلق الولايات المتحدة إزاء الأحداث الأخيرة في جنوب شرق اليمن".
وأضاف في تدوينة عبر "إكس"، السبت: "نحث على ضبط النفس ومواصلة الجهود الدبلوماسية بهدف التوصل إلى حل دائم".
وتابع: "نعرب عن امتناننا للقيادة الدبلوماسية لشركائنا في السعودية والإمارات، ونؤكد دعمنا لجميع الجهود الرامية إلى تعزيز مصالحنا الأمنية المشتركة".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news