تقرير | من هرجيسا إلى عدن.. تقاطعات الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال مع تحركات الانتقالي شرق اليمن

     
بران برس             عدد المشاهدات : 263 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
تقرير | من هرجيسا إلى عدن.. تقاطعات الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال مع تحركات الانتقالي شرق اليمن

في ظل تحولات متسارعة تشهدها منطقة القرن الإفريقي وجنوب شبه الجزيرة العربية، يأتي إعلان دولة الاحتلال الإسرائيلي، أمس الجمعة، الاعتراف بـ“أرض الصومال” كخطوة ذات دلالات تتجاوز البعد الثنائي، لتلامس توازنات إقليمية أوسع تمتد من شمال البحر الأحمر إلى خليج عدن والبحر العربي.

هذا التطور اللافت، الذي يأتي في سياق تنافس دولي وإقليمي متزايد على الممرات البحرية والنفوذ الجيوسياسي، يثير تساؤلات حول أبعاده السياسية والأمنية، وما إذا كان يمثل مدخلًا لإعادة ترتيب الاصطفافات في واحدة من أكثر مناطق العالم حساسية. 

ففي الضفة المقابلة، يواصل المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا تحركاته شرق اليمن لتثبيت سيطرته على محافظي حضرموت والمهرة، الحدوديتين مع المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، في خطوة تعكس تعقيدات الداخل اليمني وتشابكه مع الحسابات الإقليمية.

وبين الاندفاع الإسرائيلي للاعتراف بـ“أرض الصومال” بعيدًا عن الموقف الدولي الممتد لثلاثة عقود، وتحركات الانتقالي في اليمن المخالفة للإجماع الوطني والإقليمي والدولي، تتقاطع الجغرافيا مع السياسة، لتطرح أسئلة جوهرية حول أبعاد هذه التحركات وتقاطعاتها، وحدود تأثير الفاعلين الإقليميين، وما إذا كانت المنطقة مقبلة على إعادة تشكيل خرائط النفوذ بما يتجاوز الأطر الوطنية التقليدية.

ضوء أخضر للانتقالي

في هذا السياق، أكد الباحث اليمني في الشؤون العسكرية والاستراتيجية الدكتور علي الذهب، أن الإعلان الإسرائيلي بهذا التوقيت لا يرتبط بشكل رئيسي مع ما يحدث شرقي اليمن بمحافظتي حضرموت والمهرة، ولكنه يحفز ويمنح المجلس الانتقالي “ضوءً أخضر، للاقتداء بما حصل في أرض الصومال إذا لم يعلن الانفصال”.

وأضاف الدكتور الذهب، في حديثه لـ“بران برس”: “صحيح أن الانتقالي جزء من المخطط الإسرائيلي لتفتيت المنطقة، فالتسريع بالإعلان (الاعتراف بأرض الصومال) مرتبط بخطط استراتيجية لإسرائيل في خليج عدن وجنوبي البحر الأحمر، وكان لنشاط ميليشيا الحوثي خلال العامين المنصرمين أثناء الحرب على غزة الدافع الأكبر والجوهري لهذا الاعتراف”.

وأوضح أن “هناك قضايا كثيرة تحيط بهذا الإعلان، وتحمل رسائل موجهة في الأصل للخصوم مثل مصر والسعودية والأردن، وأيضًا للأصدقاء بدرجة أولى أثيوبيا وبدرجة ثانية أطراف الاتفاقية الإبراهيمية مثل الإمارات”.

وفي المجمل، قال إن هذا الإعلان يعزز “الجماعات الانفصالية في اليمن ويفتح لها باباً للحصول على اعترافات كهذه”، مضيفًا أنه “لا يسمن ولا يغني من جوع على المستوى الأممي، لكنه يفتح للجماعات الانفصالية في اليمن نافذة خارجية للحصول على الدعم والتسليح والتقنيات والخبراء“، كما “يطور هذا الباب العلاقة مع الكيان للوصول إلى توقيع الاتفاقية الإبراهيمية”.

وأشار إلى أن هذا الاعتراف سيؤدي إلى “مزيد من العسكرة في اليمن بما في ذلك حضرموت”، مؤكدًا أن الأمر “يدق جرس إنذار لأطراف كثيرة بينها الحوثيين وليس فقط للراغبين في الانفصال، ولكن أيضًا للمناصبين العداء لإسرائيل أو الذين يتخذون موقفاً رمادياً“. ومثلما هي رسالة للأطراف الداخلية، أشار إلى أنها “رسالة للأطراف الإقليمية إذا تنبهت لها”.

تخادم إماراتي إسرائيلي

من جانبه، وصف المحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، الاعتراف الإسرائيلي بـ“أرض الصومال” كدولة مستقلة بالتطور الخطير والمقلق للغاية. وقال لـ“بران برس” إن “هذا تطور مقلق للغاية، وهو نتاج التخادم الواضح بين الإمارات وإسرائيل، وربما قصدت به الإمارات فرض أمر واقع في دولة عربية تعاني من الانقسام”.

وبرأيه فإن للإمارات “يد في تعميق مسار الانفصال لما يسمى أرض الصومال، وربما أرادت من خلال الاعتراف الإسرائيلي بالمشروع الانفصالي لأرض الصومال، فرض نموذج إقليمي من شأنه أن يسرع في تحويل المشروع الانفصالي في جنوب اليمن وشرقه إلى مجال لصراع النفوذ الإقليمي والدولي يكون الاعتراف بالاستقلال أحد أدواته”.

تداعيات أمنية وعسكرية وقانونية

وبشأن تداعيات هذه التطورات، قال الباحث الذهب، إن “منطقة خليج عدن والبحر الأحمر كانت منطقة نفوذ عربية، ومع انهيار الاتحاد السوفيتي سابقًا، وظهور التنظيمات الإرهابية مؤخرًا، ودعم الدول الغربية كل ذلك مهد لتواجد الاحتلال الإسرائيلي بشكل كبير بما فيه الجزر اليمنية”.

وأوضح أن التأثير “لم يعد الآن على وحدة اليمن فقط، بل يمس الصومال ذاتها، وستؤثر بشكل رئيسي على الصومال ومن المتوقع أن تنشأ حرب داخلية”، محذرًا من أن “أي صراع جديد في المنطقة لن يستفيد منه سوى إيران وجماعة الحوثي في اليمن”.

وعن مصير الوحدة اليمنية، قال الدكتور الذهب، إن الانتقالي “لن يجرؤ” على الانفصال. وأضاف: “ليس هناك رؤية واضحة للمجلس الانتقالي تجاه الانفصال وتجاه الإعلان بالاعتراف بإسرائيل أو الدخول في اتفاق ابراهام”.

وهذه المسألة بنظر الباحث الذهب خطيرة جداً، خاصة الأخيرة، مرجحًا أن “الانتقالي يعي تداعيات ذلك، ليس لأنه يخاف من ردود الأفعال الداخلية فحسب، بل لمجاورته دولتين شقيقتين كالسعودية وسلطنة عمان اللتان ترفضان انفصال اليمن”.

وأشار إلى أن الاعتراف الإسرائيلي بـ“أرض الصومال” سينشأ عنه “أثر أمني وعسكري وقانوني، ويتطلب وقتاً طويلاً ليأخذ مجراه مع الواقع، لكن ستكون هناك ردود أفعال اقليمية صارمة تجاه أرض الصومال”، متسائلًا: “هل ستسمح الدول العربية لهذه الدولة التي اعترفت بها إسرائيل بالحضور في مؤتمرات وغيرها؟”.

واختتم الخبير العسكري بالتأكيد على أن هذا الاعتراف سيكون له انعكاسات “ستحبط المنافع المتوقعة من هذا الاعتراف، وهذا بالتأكيد سينعكس على مشروع المجلس الانتقالي الذي يبحث عن سند إقليمي بالاعتراف بإسرائيل”.

عقدة التاريخ ومتاهة الاعتراف

في عام 1991 أعلنت “أرض الصومال”، وعاصمتها هرجيسا، انفصالها من جانب واحد عن جمهورية الصومال، دون أن تحظى بأي اعتراف دولي، ما أدخلها في عزلة دولية صارمة لأكثر من ثلاثة عقود.

وكانت “أرض الصومال” الجهة الوحيدة التي سارعت لإعلان اعترافها بـ“جمهورية اليمن الديمقراطية” الانفصالية التي أعلنها علي سالم البيض في 21 مايو/أيار 1994، مدفوعة بالرغبة في أن يبادلها الأخير أول اعتراف دولي في حال نجاح المشروع الانفصالي في اليمن، غير أن فشله حينها حال دون تحقيق ذلك.

ومؤخرًا، جاء الإعلان الإسرائيلي ليمنح “أرض الصومال” أول اعتراف خارجي يشرعن انفصالها. ويأتي في الوقت الذي يحاول فيها المجلس الانتقالي إعادة تدوير مشروع الانفصال في اليمن بنفس الأدوات، في مفارقة تاريخية تجسّد عبثية التوظيف السياسي لرغبات الانفصال كأوراق ضغط محلية وإقليمية.

وأثار هذا الإعلان المفاجئ تساؤلات عن أبعاد التوقيت الذي يواكب تحركات الانتقالي في الضفة المقابلة منذ مطلع ديسمبر الجاري، بدءً بسيطرته على محافظتي حضرموت والمهرة، ومن ثم الدعوة إلى اعتصامات جماهيرية في عدن وباقي المحافظات الجنوبية الخاضعة لسيطرته للمطالبة بالانفصال.

وتُعد حضرموت عمقًا استراتيجيًا مباشرًا للمملكة العربية السعودية. فيما ترتبط المهرة بحدود حساسة مع سلطنة عُمان، التي حرصت تاريخيًا على إبقاء حدودها الغربية مستقرة وبعيدة عن نفوذ القوى المتصارعة، مما يجعل تمدد الانتقالي في هذه المناطق خطوة استفزازية وتهديدًا مباشرًا لمصالح وأمن الدولتين.

وقد أبدت الرياض رفضًا واضحًا لهذا التطور الجديد، ودفعت بوفد عسكري رفيع المستوى إلى حضرموت، في محاولة ميدانية لاحتواء الموقف، فيما تخوض حراكًا دبلوماسيًا واسعًا لمواجهة هذه التهديدات المتصاعدة.

رفض واسع

وفي سياق ردود الفعل، قوبل الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال برفض عربي، بينها المملكة العربية السعودية ومجلس التعاون الخليجي وجمهورية مصر وجيبوتي والصومال، وتركيا، بما في ذلك جامعة الدولي العربية والبرلمان العربي، واعتبرت تلك الدول في بيانات متفرقة الخطوة "انتهاكًا صريحًا" لقواعد القانون الدولي و"تعدّيًا سافراً على مبدأ وحدة الأراضي وسيادة الدول" وفقا لميثاق الأمم المتحدة والعلاقات الدولية.

ودعت مقديشو، السبت، إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية لبحث تداعيات اعتراف إسرائيل بإقليم أرض الصومال "دولة مستقلة" ورفض هذه الخطوة.

وقال سفير الصومال لدى القاهرة علي عبدي، في بيان، إن “مقديشو تدين وترفض بشكل قاطع التصريحات الصادرة عن رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشأن ما أُعلن عنه من اعتراف مزعوم بما يسمى جمهورية أرض الصومال المستقلة، وما تلا ذلك من الإعلان عن إقامة علاقات دبلوماسية كاملة”.

وأكد عبدي، أن “التصريحات والإجراءات الإسرائيلية تمثل انتهاكًا صارخًا لسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية ووحدة أراضيها، وتخالف بشكل واضح قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وقرارات جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي، التي تؤكد جميعها على احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية”.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

عاجل: وصول قوات عسكرية جديدة إلى حضرموت.. هل بدأت ساعة الصفر لتنفيذ قرارات التحالف؟

موقع الأول | 1927 قراءة 

ذبح جنود في حضرموت وهذه هي الجهة المجرمة التي تقف خلف العملية

عدن تايم | 1382 قراءة 

وليمة عشاء ومحاولة اختطاف.. صحفي سعودي يكشف كواليس الليلة الأخيرة لـ“رشاد العليمي” في عدن

بران برس | 1228 قراءة 

الانتقالي يقدّم ضمانات بعدم إعلان الانفصال ويوافق على عودة مجلس الرئاسة لعدن… مقابل بقاء قواته في حضرموت والمهر

يمن اتحادي | 1110 قراءة 

الانتقالي عبر وسيط يوافق على الانسحاب التدريجي وهذا الرد السعودي حوّل ذلك تفاصيل حصرية

المشهد الدولي | 1037 قراءة 

عاجل: الحكومة اليمنية والتحالف يمنحان المجلس الانتقالي مهلة 48 ساعة للانسحاب من حضرموت والمهرة.. ساعة الصفر تقترب

مأرب برس | 1015 قراءة 

الزبيدي يجتمع بقيادات المجلس الانتقالي في عدن ويكشف خطوات عاجلة

شمسان بوست | 1003 قراءة 

عاجل:قوات عسكرية تصل حضرموت

كريتر سكاي | 922 قراءة 

بيان ناري من مجلس الشورى حول التدخل السعودي في حضرموت والمهرة!

موقع الأول | 727 قراءة 

أكاديمي إماراتي يهاجم القيادة السعودية: تهديدك لجنوب اليمن جنون.. حرر صنعاء أولاً

بران برس | 695 قراءة