طالب مجلس النواب اليمني، الجمعة 26 ديسمبر/ كانون الأول 2025م، المجلسَ الانتقالي الجنوبي بالتعامل بإيجابية ومسؤولية مع مضامين البيان الصادر عن المملكة العربية السعودية، ومع الدعوات الصادرة عن اجتماع مجلس الدفاع الوطني برئاسة رئيس مجلس القيادة الرئاسي "رشاد العليمي".
ودعا المجلس في بيان له اطلع عليه "بران برس" عضو مجلس القيادة الرئاسي، رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي، إلى تحكيم العقل وتغليب مصلحة الوطن، وحقن دماء اليمنيين، وصون ممتلكاتهم، وعدم الزج بالبلاد في حروب وصراعات مدمرة.
وقال مجلس النواب إنه، وانطلاقًا من مسؤولياته الدستورية والوطنية، تابع بقلق بالغ التطورات الخطيرة التي تشهدها محافظتا حضرموت والمهرة (شرقًا)، وحالة الاقتتال التي وقعت خلال اليومين الماضيين، نتيجة ما وصفه بتمرد المجلس الانتقالي على الدولة وخروجه على الاتفاقات والمرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض.
وأشار البيان إلى أن استخدام القوة العسكرية للاستيلاء على المعسكرات والمدن يتناقض مع الهدف المفترض لتلك القوات، مؤكدًا أن الأولى توجيه الجهود والقوى نحو مواجهة ميليشيات الحوثي، واستعادة الدولة، وإنقاذ اليمنيين من الظلم والاستبداد.
وأعرب المجلس عن أسفه الشديد لتدهور الأوضاع في حضرموت والمهرة، مثمنًا في الوقت ذاته الدور الكبير الذي تقوم به المملكة العربية السعودية لاحتواء الأزمة، وانتزاع فتيل التوتر، وإعادة الأوضاع إلى طبيعتها، وتعزيز السلم والأمن والاستقرار في تلك المحافظات، بدلًا من دفعها إلى صراعات لا تُحمد عقباها.
وأكد مجلس النواب إدراكه لحجم الجهود التي بذلتها المملكة العربية السعودية، على مدى أكثر من أحد عشر عامًا، انطلاقًا من روابط الأخوة والجوار والمصير المشترك، وبالشراكة مع دولة الإمارات في احتواء الأزمات التي شهدتها عدد من المحافظات، وحرصها المستمر على وحدة اليمن وأمنه واستقراره.
وحذّر المجلس من أن تجاهل البيان السعودي أو عدم التعاطي الإيجابي مع الجهود المبذولة يُعد أمرًا بالغ الخطورة، وينطوي على نكران للدعم السياسي والاقتصادي والمعنوي الذي قدمته المملكة، وصبرها الطويل في إدارة الحوارات التي أفضت إلى اتفاق الرياض، داعيًا إلى تنفيذ الاتفاق نصًا وروحًا باعتباره الإطار الأمثل لمعالجة الأزمة.
وأعرب مجلس النواب عن أمله في صدور موقف إيجابي وعاجل يستجيب لدعوات الأشقاء، ويغلب مصلحة اليمن وأبناء حضرموت والمهرة على أي حسابات ضيقة، محذرًا من أن استمرار هذه التصرفات لن يخدم القضية الجنوبية، بل سيلحق بها أضرارًا جسيمة بعد أن وضعتها الاتفاقات السابقة على مسار الشراكة والحوار والتفاهم.
كما أكد أن مجلس القيادة الرئاسي ورئيسه تعاملوا مع القضية الجنوبية كقضية وطنية جامعة، ومنحوها حقها الكامل ضمن وثائق الحوار والمرجعيات الوطنية، مشددًا على أن أي خطوات أحادية تُعد تقويضًا لتلك المكاسب، وإضرارًا بجهود استعادة الدولة وتحقيق الأمن والاستقرار.
وجدد المجلس دعوته للمجلس الانتقالي إلى الاستجابة العاجلة للدعوات الإقليمية، مؤكدًا أهمية الدور السعودي في كبح التصعيد، وإعادة القوات إلى مواقعها السابقة، وتنفيذ اتفاق الرياض بوصفه الحل الأمثل للأزمة الراهنة.
وأمس الجمعة، اعتبر مجلس الدفاع الوطني تصعيد المجلس الانتقالي الجنوبي في المحافظات الشرقية، المستمر منذ مطلع الشهر الجاري، “تمردًا على مؤسسات الدولة الشرعية، وخرقًا صريحًا لمرجعيات المرحلة الانتقالية بما في ذلك إعلان نقل السلطة، واتفاق الرياض”.
جاء ذلك خلال اجتماع طارئ ترأسه رئيس مجلس القيادة الرئاسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، رشاد العليمي، اليوم، بحضور أعضاء مجلس القيادة: سلطان العرادة، الدكتور عبدالله العليمي، وعثمان مجلي، ورؤساء الحكومة ومجلسي النواب والشورى، وهيئة التشاور والمصالحة، وأعضاء مجلس الدفاع الوطني، ومحافظ محافظة حضرموت سالم الخنبشي.
ووفقًا لوكالة الأنباء اليمنية “سبأ” (حكومية)، فقد كُرّس الاجتماع لمناقشة الأوضاع في محافظتي حضرموت والمهرة، على ضوء الإجراءات الأحادية والتصعيد العسكري من جانب المجلس الانتقالي الجنوبي، وتداعياته الخطيرة على الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة.
واطلع المجلس على تقارير بشأن المستجدات في المحافظات الشرقية، والانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين التي رافقت التحركات العسكرية للمجلس الانتقالي في محافظتي حضرموت والمهرة، وصولًا إلى هجمات الساعات الأخيرة في "وادي نحب"، في مخالفة صريحة لجهود الوساطة التي تقودها السعودية والإمارات بهدف خفض التصعيد، وإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها.
واعتبر تحركات الانتقالي “تقويضًا لجهود الوساطة التي يقودها الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة”، مقرًا “عددًا من الإجراءات والتدابير اللازمة لحماية المدنيين، والمركز القانوني للدولة، وفرض هيبتها على كافة المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والإدارية”.
وأكد المجلس الدعم الكامل لجهود الوساطة التي يقودها الأشقاء في المملكة العربية السعودية من أجل التهدئة وخفض التصعيد، وشروع المجلس الانتقالي في تنفيذ الترتيبات اللازمة لإعادة قواته إلى مواقعها السابقة خارج محافظتي حضرموت والمهرة، وتسليم المعسكرات فيها لقوات درع الوطن والسلطة المحلية، وفق إجراءات منظمة تحت إشراف قوات التحالف.
ومنذ مطلع الشهر الجاري، أحكم المجلس الانتقالي الجنوبي سيطرته على محافظتي حضرموت والمهرة شرقي اليمن، بعد أن اجتاحها بقوات ضخمة حشدها من محافظات لحج والضالع وأبين، رافضًا جهود الوساطة السعودية والمطالبات المحلية بالتهدئة والحفاظ على المركز القانوني للدولة ووحدة الصف لمواجهة انقلاب جماعة الحوثي المدعومة من إيران.
ومع دخول التصعيد أسبوعه الرابع، بلغ التصعيد ذروته صباح اليوم عقب اندلاع مواجهات مع قوات حلف قبائل حضرموت، في ظل رفض شعبي واسع لتواجد الانتقالي من أبناء المحافظتين.
وفي وقت سابق اليوم الجمعة، شن الطيران السعودي ثلاث غارات تحذيرية بهدف منع تقدم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالقرب من معسكر "نحب" في منطقة "غيل بن يمين" شرقي محافظة حضرموت.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news