حذرت سلطنة عمان، الأحد 14 ديسمبر/كانون الأول 2025م، من تحويل محافظتي حضرموت والمهرة (شرقي اليمن)، إلى ساحة تنافس نفوذ إقليمي عبر وكلاء محليين، ولا إلى ورقة ضغط في مساومات مؤقتة، مؤكدة على موقفها الثابت من إبقاء اليمن واحدًا بعيدًا عن التجزئة.
جاء ذلك، في افتتاحية جريدة عمان الرسمية، لعددها الصادر، الأحد، والتي نشرتها بعنوان "اللحظة الأخطر في تاريخ اليمن الحديث"، أعلنت فيها سلطنة عمان موقفها من تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي بدعم إماراتي في محافظتي المهرة وحضرموت، وسيطرتها على المعسكرات والمواقع الحيوية في المحافظتين.
الافتتاحية، قالت إن القوى المؤثرة في اليمن قادرة على كبح تمددات أحادية، ودفع الأطراف إلى ترتيبات أمنية تحمي المجتمعات المحلية وتبقى تحت مظلة الدولة اليمنية، لا تحت مظلة الأمر الواقع، مؤكدة أن "لغة التهدئة لا تكفي إذا كانت الأرض تتحرك في الاتجاه المعاكس".
ما يلزم من وجهة نظر السلطنة، هو "وقف واضح لأي خطوات توسعية وهو أهم شرط في سبيل إنقاذ فكرة اليمن الواحد، وحماية شرقه من أن يتحول من منطقة تعافٍ إلى جبهة صراع وتقسيم جديدة".
وقالت إنها ومنذ عقود طويلة كانت السلطنة "تدفع من أجل أن يبقى اليمن واحدا بعيدا عن التجزئة، وأن يبني اليمنيون وطنهم بوصفه نسيجًا واحدًا تحضر فيه كل المكونات الطائفية والثقافية تحت سقف وطن واحد اسمه اليمن"، مؤكدة أنها بذلت في سبيل ذلك جهودًا كبيرة جدًا، وأن مصلحتها الاستقرار على حدودها وفي محيطها وأن تبقى سلطة الدولة في اليمن هي المرجعية.
وأضافت: "لم تكن عُمان منحازة لطرف ضد طرف أبدا، إنما كانت وما زالت تنحاز لفكرة أن الدولة هي الحل، وأن السيادة هي القاعدة التي على اليمنيين أن يؤمنوا بها وكل ذلك من أجل حياة كريمة للشعب اليمني الأصيل والكريم على الدوام".
وأشارت إلى أن حضرموت والمهرة كانتا في حالة هدوء إيجابي بالنظر إلى ما كان يحدث في بقية اليمن من ضجيج وتشقق وانقسامات، معتبرة أن ما وصفته بـ"العبث الخطير" يعني "كسر آخر ما تبقى من الاعتياد على الاستقرار النسبي، وفتح باب كبير لا يمكن أن يغلق بسهولة حتى لو أراد أهله غلقه في لحظة من اللحظات".
وأردفت: "ما يحدث الآن يخلق سلطات موازية تُولد سريعا ثم تتضخم. وحين تتعدد المرجعيات الأمنية وتُدار الموارد من خارج المؤسسات، يتحول الأمن إلى ولاء، وتتحول المعابر إلى نفوذ، وعندها تتراجع فكرة الدولة والشرعية، وتظهر أسواق موازية تبحث عن الربح والنفوذ، وتترك ندوبا طويلة ليس من اليسير أن تلتئم".
واعتبرت أن من يريد الزج بهذه الجغرافيا الهادئة (الشرق اليمني)، في الوقت الذي كان الجميع يتوقع بدء مرحلة التعافي من إرث سنوات مليئة بذاكرة الدماء والمحارق وصراع النفوذ، "لا ينشد أي خير لليمن واستقلالها ولا لشعبه الكريم الذي قدم الكثير من التضحيات وخسر الكثير من السنوات في حروب لا طائل منها أبدا".
وخلال الأيام الماضية، عززت قوات الانتقالي وجودها في محافظتي المهرة وحضرموت، عبر السيطرة على المعسكرات والمرافق الحكومية ومواقع عسكرية، في خطوات رأت فيها الحكومة محاولة لفرض أمر واقع جديد في المحافظات الشرقية الغنية بالموارد والمنافذ الحدودية، بعيدًا عن مؤسسات الدولة المركزية.
وتزداد حساسية الوضع مع استمرار الجهود الأممية والدولية الرامية إلى استئناف العملية السياسية، إذ يشدد المجتمع الدولي على ضرورة توحيد القرار السياسي والعسكري للحكومة المعترف بها دولياً، وامتلاكها سلطة فعلية قادرة على تمثيل اليمن في أي مفاوضات تسوية مرتقبة.
وفي ظل التحذيرات الصادرة عن أعضاء ورئيس مجلس القيادة من أن أي تحركات خارج إطار التوافق تمثل تقويضاً للشرعية وتهديداً مباشراً لوحدة القرار داخل مجلس القيادة، تبرز تساؤلات حول مستقبل الشراكة بين مكونات المجلس في ظل استمرار الانتقالي في تعزيز نفوذه المناطقي، ما ينذر بمزيد من التعقيد في المشهد السياسي والأمني داخل المناطق المحررة.
وفي السياق ذاته، تواصلت الجهود السعودية خلال الأيام الماضية لاحتواء الموقف؛ إذ وصل، الجمعة، إلى عدن فريق سعودي–إماراتي مشترك للقاء رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي. وقال مصدر في مكتب رئاسة مجلس القيادة الرئاسي لوكالة الأنباء اليمنية "سبأ" إن الزيارة تأتي في إطار تحركات عاجلة تهدف إلى إنهاء التوتر في المحافظات الشرقية وإعادة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، باعتبار هذا الملف أولوية قصوى للشرعية والتحالف.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news