تشهد الميليشيا الحوثية تصاعدًا لافتًا في صراع داخلي يضرب بنيتها الأمنية، مع تزايد الخلافات بين جهازين متوازيين للنفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، هما “الأمن الوقائي” المرتبط بقيادات صعدة، وجهاز المخابرات في صنعاء الذي يقوده عبد الحكيم الخيواني.
وأشارت مصادر يمنية إلى أن هذا الصراع الذي ظلّ يتفاعل في الكواليس خلال الأشهر الماضية بدأ يظهر إلى العلن عبر تضارب الصلاحيات، وعمليات اعتقال متبادلة، وسحب ملفات حساسة من جهاز إلى آخر، ما يكشف هشاشة المنظومة الأمنية التي يعتمد عليها الحوثيون لفرض قبضتهم على المواطنين.
دولة داخل الدولة
تؤكد المصادر أن جهاز الأمن الوقائي، الذي يُعد النسخة الحوثية من أجهزة الحرس الثوري الإيراني، بات يعمل كـ”دولة داخل الدولة”، بامتداد نفوذه من صعدة حتى العاصمة، ومنحه صلاحيات واسعة تشمل مراقبة القيادات والتنصّت وتنفيذ الاعتقالات دون الرجوع للنيابة.
في المقابل، يسعى الخيواني إلى فرض جهاز صنعاء كمرجعية مركزية للملفات الأمنية، مستندًا إلى دعم قيادات نافذة وعلاقات متنامية مع جهات إيرانية ترى فيه ذراعًا أكثر قدرة على الانضباط والتحكم.
نفوذ صعدة يضيق الخناق على صنعاء
وبحسب المصادر، فإن القيادات المنحدرة من صعدة تنظر لنفسها كمرجعية أصلية للحركة، وتعمل على منع تمدد أي جناح أمني خارج سيطرتها، ما جعل الخيواني هدفًا لرقابة لصيقة من الأمن الوقائي.
وشهدت الفترة الأخيرة خلافات مباشرة بين الطرفين شملت مداهمات نفّذها الأمن الوقائي داخل صنعاء دون تنسيق، وسحب ملفات تحقيق، واعتراض ضباط جهاز صنعاء على تدخل مشرفي صعدة في قضايا حساسة.
صراع منهجي لا مجرد منافسة نفوذ
وتشير مصادر أمنية إلى أن جهاز الخيواني يعتمد على بنية احترافية وضباط مدرّبين، خلافًا لجهاز الأمن الوقائي الذي يُدار بعقلية “المشرفين”، ما يجعل الصراع بين الطرفين صراع مناهج وأساليب إضافة إلى كونه صراع نفوذ.
كما وثّقت تقارير غربية تزايد البيروقراطية وتعدد أجهزة الاستخبارات داخل الجماعة، الأمر الذي يعزز الاحتكاكات ويزيد من مستويات القمع والاعتقالات العشوائية.
ويرى باحثون يمنيون أن استمرار تضارب الصلاحيات قد ينعكس على قدرة الحوثيين في ضبط الشارع، خصوصًا في ظل تنامي الاستياء الشعبي وتراجع الموارد المالية.
ويحذّر خبراء من أن اتساع الخلاف بين جناحي صعدة وصنعاء قد يؤدي إلى تفكك المنظومة الأمنية، أو حتى بروز مراكز قوة جديدة خارج السيطرة.
وإجمالا فإن محاولة الطرفين إبقاء الخلاف بعيدًا عن العلن، إلا أن تسريبات من داخل الجماعة تؤكد أن المرحلة المقبلة قد تشهد تغييرات واسعة في البنية الأمنية الحوثية وإعادة توزيع للصلاحيات، في محاولة لمواجهة التصدعات المتنامية داخل أحد أكثر الأجهزة تأثيرًا في قمع اليمنيين.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news