في لَحظةٍ فاصلةٍ من تاريخ الرياضة والشباب في محافظة أبين، وبين أحضان مدينة الحصن التي عشقها بكل تفاصيلها، ترجَّلت روح الكابتن وجدي – ذلك الشاب الذي نسج من حبه للكرة ونادي الجيل وجميع الفرق الشعبية قصةً لا تُنسى. رحل بعد مسيرة عطاءٍ حافلة، ومرضٍ ألمَّ بجسده النَّضير، ليخلف وراءه فراغًا كبيرًا في قلوب محبيه وزملائه، وليتوجَّه إلى جنة الخلد – بإذن الله – بعد آخر مشاركة رياضية له قبل ستة أشهر.
كان الكابتن عادل وجدي يُحب مدينة الحصن كما يُحب الجسد روحه، وكما تعشق الأرض الماء. أروى بأخلاقه وعشقه الكبير ملاعب كرة القدم، ووهب جهده ووقته لناديه "الجيل" وللفرق الشعبية التي كانت تشكل نابض الحركة الرياضية في المنطقة. لم يتوانَ يومًا عن مد يد العون لزملائه اللاعبين، بل تجاوز ذلك ليُدير ويتدرب لعدد من الفرق، حاملًا معه روح اللعبة وفلسفتها، ومتجذرًا في وجدان أهالي حصن بن عطية الذين عشقوا معه كرة القدم بعقلٍ وقلب.
الحديث عن الكابتن وجدي هو الحديث عن أحد أعمدة نادي الجيل الذي قدَّم كل ما في وسعه ليرفع راية النادي عاليًا. كان لاعبًا متميزًا في صفوف المنتخب الوطني للشباب. والفريق الأول، ونادي اهلي الحديدة، وساهم – بكل إخلاص – في خطف البطولات وتحقيق الإنجازات داخل المنطقة وخارجها. رحيله اليوم خسارةٌ فادحة لا تعوَّض، فقد ترك فراغًا هائلاً في صفوف الشباب ومحبيه، وفي نادي الجيل والفرق الشعبية التي كانت تُكنُّ له كل الحب والوفاء.
عرفته عن قرب خلال تغطيتي الإعلامية للبطولات والمنافسات الكروية على ملعب الجيل وخارجه، فكان دائمًا اللاعب البشوش، صاحب القلب الطيب والابتسامة الواسعة، الذي وهب حياته لحب الكرة وحب أرضه. كان أحد صنَّاع المجد للنادى، وحاصد الكؤوس، ومحط أنظار الجمهور والإدارة على حدٍّ سواء. علاقاته امتدت عبر الدلتا، فصار وجهًُا رياضيًّا محبوبًا من قبل الجميع. اليوم، برحيله، نخسر أحد أبرز لاعبي المحافظة، وأحد الرموز التي أثرَتْ الحركة الرياضية في أبين.
لن نقول لك "وداعًا" يا كابتن، بل نقول: "إلى لقاءٍ تحت ظلال العرش"، ونسأل الله العلي القدير أن يتغمدك بواسع رحمته، ويسكنك فسيح جناته. لقد تركتَ في ذاكرتنا الرياضية محطاتٍ مشرقة، ورسَّختَ بصماتٍ واضحة في رياضة أبين عامةً والأندية الجنوبية خاصة. ها نحن نقف اليوم إجلالًا لمسيرتك، ونردد بكل فخرٍ وأسى: لقد رحلت مبكرًا، لكنك تركت إرثًا رياضيًّا نادرًا، حافلاً بالحب والإخلاص والأخلاق الرفيعة.
نودعك والدموع تُغرِّق المآقي، والحزن يعتصر القلوب. فلا اعتراض على قضاء الله وقدره، ولكن يأتينا الندم على تقصيرنا – كإخوةٍ لك، وكجهات محلية ومكتب شباب – في مد يد العون لك في وقت كنت فيه بأمس الحاجة إلى المساعدة. فلعلَّ في ذلك كان يُكتَب لك عمرٌ جديد. سامحنا إن قصَّرنا بحقك، ولم نكن عند مستوى حبك وتضحياتك.
اللهم اغفر له وارحمه، وأسكنه جنتك، وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.
"إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news