حياة الرئيس الصالح من البدايات إلى الشهادة.. مسيرة وطن توجت بثورة ديسمبر

     
وكالة 2 ديسمبر             عدد المشاهدات : 54 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
حياة الرئيس الصالح من البدايات إلى الشهادة.. مسيرة وطن توجت بثورة ديسمبر

تُعد حياة الرئيس الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح، عبارة عن محطات وطنية لا يمكن حصرها في مشهد واحد، لكن سنبدأ الطرق لها من بوابة البدايات وبمرور سريع على أبرزها.

اسمه الكامل "علي عبدالله صالح عفاش السنحاني الحميري"، ولد في 21 مارس 1947، واستشهد مدافعًا عن اليمن في 4 ديسمبر 2017، تولى الرئاسة عام 1978 في شمال البلاد قبل توحيد اليمن، كما تولى رئاسة الجمهورية اليمنية، بعد الوحدة المباركة في 22 مايو 1990، ليصبح أول رئيس للجمهورية اليمنية، واستمر حكمه إلى 27 فبراير من العام 2012، عندما قرر تسليم السلطة طواعيةً.

بعدها واصل الرئيس الشهيد الصالح ممارسة أعماله الوطنية التي تخدم اليمن واليمنيين من موقعه السياسي زعيمًا لليمن وحزب المؤتمر الشعبي العام، أكبر أحزاب اليمن وأكثرها شعبية، الذي يرأسه ويتزعمه منذ العام 1982، مجسدًا بذلك ديمقراطية لم تشهدها المنطقة المحيطة باليمن من قبل وحتى اليوم.

المحطة الأولى:

القائد الإنسان.. البدايات

كانت بدايات الرئيس الشهيد الصالح، الزعيم والإنسان قبل كل شيء، كأي طفل يمني عايش عهد الإمامة المظلم والمتخلف والمليء بكل البؤس والحرمان، حتى من المعرفة والعلم، في أربعينيات القرن الماضي، الذي شهد أيضًا بداية الحركات التحررية وانتشار التيارات السياسية حينها، والتي اصطدمت مع إرث الماضي المتخلفة للإمامة.

لم يكن يعلم سكان منطقة بيت الأحمر في مديرية سنحان جنوبي العاصمة صنعاء، أن الطفل المولود في 21 مارس 1947 سيكون هو المخلص والملهم والباني للبلاد التي عاشت عقودًا من الزمن تحت تخلف وظلم وجور الأئمة المتخلفين دعاة الخرافة، وممارسي الظلم والبطش ضد اليمنيين.

ومن خلال تتبع سيرة الصالح عفاش، من بداية حياته وحتى وصوله إلى مجلس الشعب التأسيسي في صنعاء عام 1978، نجد العديد من المحطات البارزة لهذه الشخصية الفريدة، لرجل قدم نفسه "فدائيًا منقذًا" للبلاد التي عاشت أوضاعًا مضطربة وصراعًا بين بقايا الأئمة، والجمهوريين، في فترة امتلأت بمتناقضات فكرية وعقائدية وقبلية، أفرزت حالة من الاضطراب السياسي والاجتماعي والقبلي وصلت حد الاغتيالات، وتحت تأثير المتناقضات السياسية والقبلية والاجتماعية في زمن صراع "المد والمد الآخر" للأفكار الحزبية، التي حملتها الثورات التحررية في المنطقة والعالم حينها.

داهية اليمن والعرب في زمانه

لا يكاد يختلف اثنان، على أن علي عبدالله صالح، شكل ظاهرة فريدة في الإدارة والحكم والقيادة، منذ توليه الحكم في بلد المتناقضات الفكرية والعقائدية والاجتماعية، وله جذور تاريخية ضاربة، خاصة فيما يتعلق بنهج "الشورى في الحكم".

فهو الداهية، المحنك، والقائد، والسياسي، والحزبي، والإنسان قبل كل شيء، والحديث حول هذه الشخصية الفريدة في كل شيء يحتاج إلى الكثير من التركيز والإلمام بكل تفاصيل حياته وهي كثيرة، وكثيرة جدًا ومتعددة بتعدد الأحداث التي شهدتها اليمن والمنطقة والعالم، وبحجم المنجزات التي أنجزها الصالح خلال مسيرته السياسية والعسكرية والعملية والاجتماعية والثقافية، التي انعكست على هيئة منجزات ستظل شاهدة على عهده الزاخر بالنماء والتطور والرفع والعلو والسمو في كل المجالات.

وفي الاتفاق، سيظل تاريخ الرجل يحمل الكثير من الأسرار والمفاهيم الملهمة للأجيال في منحنى خط عمر الإنسان من الطفولة إلى الوفاة.

سجل نضالي من نور 

تقول المعلومات، إن الرئيس الشهيد علي عبدالله صالح، ولد في أحد منازل قرى منطقة بيت الأحمر في مديرية سنحان جنوب العاصمة صنعاء، في ظل حكم المملكة المتوكلية اليمنية التي كان على رأسها الأئمة من بيت حميد الدين، الذين ثار ضدهم اليمنيون، ومنهم المناضل الرئيس الصالح، وذلك في 21 مارس من العام 1947، لتبدأ رحلة رجل استثنائي وقائد شجاع.

عاش الطفل الصالح كبقية أقرانه في ذلك الزمان الكئيب المليء بالظلم والفقر والجوع والأمراض والتخلف، لكنه كان متفردًا عنهم بما يمتلكه من عقل نابغ وفريد يتقد بالذكاء الخارق الذي شهد له به عديد من القادة والمفكرين والخبراء والسياسيين والدبلوماسيين على مستوى اليمن والمنطقة والعالم.

التعليم مع رعي الأغنام 

عمل علي عبدالله صالح في بداية حياته راعيًا للأغنام، مع جعله يكتسب الحنكة في الإدارة والسيطرة، إلى جانب ارتياده إلى الكُتّاب "المعلامة" لتلقي علوم القرآن والدين، وتعلم الكتابة واللغة العربية، وهي الوسيلة الوحيدة التي سمحت بها الإمامة بالنسبة للتعليم، لتبقي الشعب وخاصة الأجيال الصاعدة في تخلف كي تضمن الاستمرارية كما هو الحال اليوم مع "عصابة الحوثي الإيرانية المصنفة إرهابية" امتدادًا للإمامة.

وما بين تعلم الدين واللغة والآداب، ورعي الأغنام، عاش الرئيس الصالح طفولته، ولم ينس حظه من اللعب مع أقرانه من أبناء قريته ومنطقته، ومنذ صغره يمارس القيادة، فكان يقود كل الألعاب التي شارك فيها أبناء جيله، دون أن يدري أنه سيكون قائدًا فذًا لوطن ورمزًا لأمة ومؤثرًا عالميًا.

وعندما دلف الصالح إلى حياة الشباب، وكنتيجة لطبيعته القيادية، التحق بمكونات شبابية قومية، نال خلالها معرفة ومعلومات فكرية تنويرية، كونت لديه بذرة الحرية والتحرر من الواقع المعاش الذي تمارسه الإمامة بحق أبناء وطنه، ليبدأ مرحلة جديدة من حياته كمناضل مع الأحرار للخلاص من الإمامة وما تمارسه من ظلم وجور وبطش وتجهيل بحق الشعب.

تقول المعلومات أن الرئيس الصالح، تزوج وكون أسرة، وأصبح أبًا، كما أصبح جنديًا في صفوف الأحرار والمناضلين الثوار الرافضين للإمامة والمحاربين لها، وهو ما ظل يناضل من أجله حتى آخر يوم في حياته، بل واستشهد في سبيل تخليص اليمن من الإمامة الجديدة (الحوثية) ونهجها المتخلف.

مسيرة نضال.. تاريخ حي

يظل التاريخ الشاهد الحي على كل ما يختطه الإنسان في حياته خاصة القادة البارزين المؤثرين في حياة شعوبهم، حيث تؤكد كتب التاريخ أن "علي عبد الله صالح"، قبل أن يلتحق بالنضال في صفوف الجيش كان مواطنًا وشابًا يسعى وراء التحصيل العليمي المتواضع حينها.

وقبل التحاقه بالجيش، كان صالح غادر صنعاء إلى مديرية قعطبة في محافظة إب التي كان يتواجد فيها أخوه الأكبر محمد عبدالله صالح، وأراد الانضمام للجيش وهو في سن الثانية عشرة، "تعبيرًا عن نزعته القيادية"، إلا أنه رُفض لصغر سنه ولكن وساطة قبلية حسب ما يروي صالح بنفسه مكنته من الالتحاق بالجيش، والتحق بمدرسة الضباط عام 1960 وهو في الثامنة عشرة من عمره.

ومع قيام ثورة 26 سبتمبر التحق علي عبدالله صالح بصفوف القوات الجمهورية، كسائق مدرعة وكُلف بحماية مواقع للجيش الجمهوري في صنعاء.

ورُقي إلى مرتبة ملازم ثانٍ عام 1963 كما أنه شارك في الدفاع عن صنعاء بصف الجمهوريين أيام حصار السبعين.

وتدرج صالح في حياته العسكرية، حيث التحق بمدرسة المدرعات في 1964 ليتخصص في حرب المدرعات، ويتولى بعدها مهمات قيادية في مجال القتال بالمدرعات كقائد فصيلة دروع ثم كقائد سرية دروع وترفع إلى أركان حرب كتيبة دروع ثم قائد تسليح المدرعات تلاها كقائد كتيبة مدرعات إلى أن وصل إلى قائد للواء تعز عام 1975 ذلك وفقًا لسيرته الذاتية.

تدرج علي عبدالله صالح في رتب الجيش الجمهوري وبرز نجمه عقب الانقلاب الأبيض المسمى بحركة 13 يونيو لينتهي حينها حكم الرئيس عبدالرحمن الإرياني.

عُيِّن علي عبدالله صالح قائدًا للواء تعز برتبة رائد، لما يتميز به من حنكة وقيادة.

المشاركة في بناء الدولة 

ولكونه قائد لواء تعز ذي الأهمية العسكرية والاقتصادية والاستراتيجية، كان لعلي عبدالله صالح، بصماته في بناء الدولة الوليدة التي خرجت من زمن المعاناة لتسابق الزمن للحاق بركب المستقبل وتسجيل مكانة بين الجمهوريات الناشئة في العالم العربي أيام المد التحرري الذي كان سائدًا حينها.

شارك صالح في بناء مؤسسات الدولة وتنفيذ برامج التنمية على مستوى محافظة تعز ومحيطها خاصة باتجاه الحديدة الميناء الأبرز للبلاد حينها وحاليًا، وكذا باتجاه محافظة إب ذات المكانة الجغرافية والطبيعة الخلابة في البلاد.

ورغم الصعوبات التي واجهت الحكومة حينها، لما تحمله من فكر قومي، لم يرُق المجتمعات المحلية والقبلية المتأثرة بعهد الأئمة المتخلف، لم تكن كل الشرائح المجتمعية سعيدة بتوجهات ذلك العهد، الذي حاول تغييب البنى التقليدية السائدة والالتزام بالمبادئ التي قامت من أجلها ثورة 26 سبتمبر، لتدخل البلاد شمالًا مرحلة الاغتيالات الغامضة لتطال الرئيس إبراهيم الحمدي وأحمد الغشمي.

ووسط صراع سياسي، وتضارب في الأفكار والتوجهات الحزبية والقبلية وصراع مجتمعي يسعى للخروج من عنق الإمامة وفكرها نحو التحرر والانعتاق لبدء مسيرة حياته الجديدة في ظل الجمهورية والثورة المباركة، كانت البلاد تعيش فراغًا سياسيًا كبيرًا لم يجرؤ أحد على التقدم نحو كرسي الرئاسة شمالًا لقيادة دفة البلاد نحو بر الأمان، ليظهر الفدائي حاملًا "كفنه" بين يديه، وعزيمته وذكاءه وحنكته في قلبه وعقله، ليقدم نفسه "المنقذ" للبلاد.

أول رئيس ديمقراطي.. ميلاد وطن

وبين عامي 1976 و1978، شهدت البلاد شمالًا وجنوبًا، مرحلة دموية، تم فيها اغتيال الحمدي والغشمي شمالًا، وسالم رُبيع علي جنوبًا، إلى جانب قيادات اشتراكية أخرى، وصولًا لتولي عبدالكريم العرشي رئاسة الجمهورية مؤقتًا بعد مقتل الغشمي، حتى 17 يوليو 1978 التاريخ الذي يُعد ميلادًا لأمة طحنت في مسيرة حياتها، ليظل تاريخًا محفورًا في ذاكرة اليمنيين وتاريخ اليمن المعاصر وسيظل كذلك حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

في هذا التاريخ دخلت اليمن مرحلة فارقة من الحياة المستقرة والتنموية، حيث أصبح علي عبدالله صالح عضو مجلس الرئاسة رئيسًا للجمهورية العربية اليمنية، بعد أن انتخبه مجلس الرئاسة بالإجماع ليكون الرئيس السادس والقائد الأعلى للقوات المسلحة، برتبة مقدم.

تولّى الرئيس علي عبدالله صالح السلطة والأوضاع في البلاد في حالة من الضعف والاضطراب في أحداث تمرد وحرب المناطق الوسطى، وفي أقل من ثلاثة أشهر منذ تولّيه السلطة، تمكن من إفشال عمليات انقلاب ضده، كما استطاع بعد فترات زمنية قصيرة من ضبط الأوضاع في جميع المجالات في اليمن الشمالي حينها.

ومع وصوله إلى الرئاسة، وصلت معه الديمقراطية التي لم تكون معهودة في اليمن ولا المنطقة، فقد تم انتخابه رئيسًا أي بالطريقة الديمقراطية والتي ظل يجسدها على مدى مشواره الريادي في رئاسته للبلاد حتى تسليمه السلطة سلميًا في 27 فبراير 2012، فالديمقراطية بدأت وعاشت مع الرئيس الصالح.

المحطة الثانية:

المصالحة والبناء شمالًا 

لم يغفل التاريخ ولا الذاكرة الإنسانية للمواطن اليمني والعربي على حد سواء، ما قام به الرئيس الشهيد الصالح، بعد توليه الحكم شمال اليمن في زمن الاغتيالات والاضطرابات والمتناقضات الفكرية والاجتماعية والدينية والسياسية قبلها، في نهاية سبعينيات القرن الماضي، أي يوم 17 يوليو 1978، الذي شهد على أول تحول نحو الاستقرار بعد انتخابه رئيسًا لليمن الشمالي "الجمهورية العربية اليمنية"، من قبل مجلس الشعبي التأسيسي ومجلس القيادة حينها، وليتم ترقيته إلى رتبة عقيد عام 1979.

وفي 24 أغسطس 1982 أسس حزب المؤتمر الشعبي العام، وصاغ الميثاق الوطني، أول وثيقة يمنية خالصة تتضمن الدعوة إلى المصالحة الوطنية، والعمل على تنمية الوطن وتحقيق أهداف الثورة اليمنية المباركة 26 سبتمبر التي قامت ضد الإمامة في 1962.

ومع تدشين إعادة بناء سد مأرب بتمويل من الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة في بداية ثمانينيات القرن الماضي، والاهتمام بالزراعة والصناعة والتعليم وجميع الخدمات التي تخدم حياة المواطن اليمني المحروم منها على مدى عقود من حكم الأئمة وما تلاها من صراع سياسي على السلطة حتى نهاية السبعينيات من القرن الماضي، بدأت عجلة التنمية والتطور والبناء والتعليم في اليمن نحو المستقبل، مع الاستمرار بانتهاج الحوار كقاعدة للحكم وحل المشاكل المحلية والعربية والدولية.

يدون التاريخ المعاصر، بأن الرئيس المنتخب الصالح في شمال اليمن، كان أول من اعتمد الديمقراطية نهجًا لحكمه حيث إقرار انتخابات للتعاونيات والنقابات، والحكم المحلي في بداية ثمانينيات القرن الماضي، كما اعتمد الحوار مع جنوب الوطن حينها "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" الحوار لا القتال للتوصل إلى هدف توحيد البلاد سلمًا وهو ما حققه فيما بعد.

المحطة الثالثة:

الوحدة وحرب الخليج

شهدت مسيرة الوحدة العديد من اللقاءات والمفاوضات والحوارات المحلية التي رعتها دول عربية كالكويت وليبيا ومصر وغيرها من الدول الشقيقة والصديقة، لكن كل تلك المباحثات فشلت في الوصول إلى تحقيق الهدف الأسمى للثورة اليمنية المباركة سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر.

ظلت التدخلات الخارجية في الشأن اليمني حينها تعصف بكل ما هو يمني، فالتأثيرات الخارجية أثرت بشكل مباشر على التيارات المتناقضة والمتأرجحة بين القومية والرجعية وبقايا الإمامة.

ورغم ذلك، نجح الرئيس الصالح- خلال فترة حكمه الذي انتهج فيه الحوار الواضح مع كل الكيانات المحلية والإقليمية بمن فيهم شركاء الوحدة الإخوة في جنوب الوطن، نجح في 21 مايو 1990 في الوصول إلى اتفاق بشأن الوحدة، حيث أجمع اليمنيون على الوحدة، وفي مقدمتهم الرئيسان علي عبدالله صالح شمالًا، وعلي سالم البيض جنوبًا، لتعلن الوحدة المباركة يوم 22 مايو في عدن من العام ذاته، ليتم اختيار علي عبدالله صالح رئيسًا لليمن الكبير وعلي سالم نائبًا له، لكن الوحدة واجهت منعطفات عديدة وتوترات قادت إلى حرب صيف 1994.

في تلك الفترة اتخذ الرئيس الصالح قرارًا حكيمًا برفض تدويل قضية غزو العراق للكويت، وطالب بأن تظل القضية عربية وتحل عربيًا، وعارض جلب قوات أجنبية إلى المنطقة بهدف تحرير الكويت، كان موقفه صحيحًا وفقًا لشواهد التاريخ الحالي. 

ولم يكن موقف الصالح من غزو الكويت متناقضًا مع موقف اليمنيين بل متفقًا تمامًا مع قناعته، بأن الغزو العراقي للكويت خطأ، وأن استقدام قوات أجنبية لتحرير الكويت خطأ أيضًا، فلم تكن نية صالح موجهة ضد الكويت، فقد عارض الغزو العراقي ولكنه لم يوافق على جلب قوات أجنبية في نفس الوقت.

المحطة الرابعة:

النضال حتى الشهادة 

ويرى مؤرخون للعهد الحديث في اليمن أن المؤامرات على البلاد بدأت منذ فجر الثورة اليمنية 26 سبتمبر في العام 1962 بصنعاء، و14 أكتوبر 1963 في عدن، وصولًا إلى يوم الوحدة اليمنية المباركة في 22 مايو 1990، وما حملته تلك المحطات النضالية والمنجزات العظيمة من حرية وديمقراطية وحقوق إنسان وحقوق للمرأة والطفل، والتي ظلت غائبة في العديد من دول الجوار المحيطة باليمن ما شكل عندها حالة من الخوف والقلق على عروشها الخاوية، ودفعها إلى اللجوء للمؤامرة على اليمن الجمهوري والديمقراطي والموحد.

استطاع الرئيس الصالح خلال تلك الفترة الاستمرار في بناء اليمن في مختلف المجالات، ونجح في إفشال كل المؤامرات التي كانت تحاك ضد اليمن.

ومن أبرز العوائق التي وُضعت أمام مسيرة الصالح واليمن نحو التنمية والتطور، إذكاء الخلافات السياسية بعد 1994، وبقايا الإمامة في صعدة شمالًا منذ مطلع الألفية 2004 ليدخل اليمن في دوامة حروب صعدة، وتصعيد الاحتجاجات في الجنوب، وصولًا إلى منعطف مخيف وخطير في تاريخه، بعد دخول البلاد في إطار دوامة ما سمي "الربيع العربي".

نكبة 2011 وإفشال محاولات الاحتواء 

تزامنت احتجاجات الشباب في اليمن مع ما شهدته تونس ومصر وليبيا وسورية، كتقليد استغلته قوى الفشل السياسي لتجر البلاد نحو الفوضى العارمة رغم محاولات الرئيس الصالح المستميتة لاحتوائها بتلبية جميع مطالب الشباب في البداية وقوى المعارضة "اللقاء المشترك" لاحقًا، لكن القوى المعارضة أفشلت كل الطرق السلمية التي عرضها الصالح وعلى رأسها الحوار لتجنيب اليمن الدمار.

ومن عرض إلى آخر مرفق بتنازلات تاريخية من سلطة منتخبة ديمقراطيًا بإشراف دولي وأممي قبل الإشراف المحلي شهد لها الكل بالنزاهة، إلا أن الإصرار على تدمير اليمن كان كبيرًا ومغريًا ووجد بيئية وقوى قابلة لتنفيذها بكل تفاصيلها وعبر مراحل متعددة بدأت بسفك دماء الشباب في الساحات مرورًا بتنفيذ جريمة جامع دار الرئاسة في يونيو 2011، في عملية إرهابية حاولت من خلالها تلك القوى استهداف رأس الدولة ممثلًا بالرئيس الصالح وأعضاء حكومته وكبار قادة الدولة العسكريين السياسيين في جريمة لم تراعَ فيها حرمة شهر رجب الحرام.

ومع اشتداد المؤامرة وانتهاج قوى المعارضة نهج الدمار والدماء، لم يجد الرئيس الصالح غير الموافقة على ما سمي "المبادرة الخليجية" للتوقيع عليها وتجنيب اليمن واليمنيين الدمار وسفك الدماء، وللحفاظ على منجزات الثورة والجمهورية والوحدة وسيادة اليمن، لكن المؤامرة كانت أكبر رغم ذلك التنازل الكبير في مشهد ديمقراطي فريد جسده الصالح من خلال تسليمه السلطة سلميًا لنائبه عبدربه منصور هادي في فبراير 2012.

اليمن بعد الرئيس الصالح 

عمد الرئيس الصالح عقب العرس الديمقراطي المتمثل بتسليم السلطة سلميًا، إلى الانتقال إلى المعارضة والإشراف على ورعاية وحماية منجزات الثورة والجمهورية والوحدة، وبقي يمارس عمله السياسي كرئيس لحزب المؤتمر.

شهدت اليمن خلال الفترة الممتدة بين تسليم السلطة سلميًا في فبراير 2012 وبداية الحرب بعد انقلاب عصابة الحوثي الإيرانية في 21 سبتمبر 2014، متوالية من المحطات والتحديات انتهت بعودة الإمامة بثوبها الجديد ممثلة بمليشيا الحوثي، وإعادة البلاد إلى ما قبل عام 1962م.

وكانت الضربة القاصمة التي تعرضت لها المؤسسة العسكرية عبر ما سمي "إعادة هيكلة الجيش" حيث أدى هذا إلى تفكيك المنظومة العسكرية وإضعافها، ما أتاح الفرصة أمام المتربصين الإمامين المدعومين من إيران بالجمهورية، لإسقاط المدن اليمنية الواحدة تلو الأخرى بما فيها العاصمة صنعاء، لتندلع حرب 2015 التي شارك فيها التحالف العربي مساندًا اليمنيين لمواجهة المشروع الإيراني.

خلال هذه الفترة، حاول الرئيس الصالح الحفاظ على مؤسسات الدولة ومكتسبات الجمهورية، وظل في صنعاء يواجه بمختلف الأشكال والسبل كل محاولات المليشيا الإرهابية لتغيير الهوية اليمنية وإحلال هوية طائفية مستوردة لا تمت لثقافة ومبادئ الشعب اليمني بصلة.

لم تستمر الشراكة الشكلية بين المؤتمر الشعبي العام ومليشيا الحوثي التي تآمرت على كل ما هو يمني وبدأت بجرف البلاد نحو تحقيق أهدافها بالعودة إلى الإمامة وطمس معالم الجمهورية والثورة والوحدة اليمنية وعلى رأسها الهوية اليمنية، وتجسد في تغيير المناهج التعليمية لصالح فكرها الإيراني، والعمل بشكل واسع على نشر فكر المليشيا على حساب الهوية اليمنية.

صالح والنضال ضد الإمامة

بدأ مناضلًا ضد بقايا الإمامة في ستينيات القرن الماضي، واستمر مناضلًا من أجل اليمن وصولًا إلى مواجهة بقايا الإمامة مليشيا الحوثي حتى نال ما تمنى "الشهادة" في سبيل حماية اليمن واليمنيين من المد الفارسي ذي الفكر الضال.

أما المليشيا كطبيعة ونهج تعيشه سعت لإقصاء القيادات المؤتمرية من جميع مؤسسات الدولة، وبدأت عملية تجريف لمناهج التعليم لصالح فكرها ونظامها الإمامي الجديد، وصولًا إلى التضييق على أنشطة المؤتمر الشعبي العام السياسية، واستهداف قيادات الحزب وأقارب الزعيم وممتلكاته بشكل مباشر.

وفي الثاني من ديسمبر من العام 2017، أعلن الصالح شرارة ثورة عبر انتفاضة مسلحة ضد الحوثيين، لحماية مؤسسات الدولة وصون الهوية اليمنية، وقاد الثورة بإمكانات بسيطة حتى استشهد في 4 ديسمبر 2017 مناضلًا ضد الإمامة الجديدة كما بدأ حياته العسكرية والسياسية مناضلًا ضد الإمامة البائدة.

ثورة مستمرة والزعيم لم يغِب 

بالنظر إلى تسلسل الأحداث، نجد أن ثورة الثاني من ديسمبر لم تكن وليدة اللحظة بل كانت نتاج ممارسات حوثية واضحة ضد الجمهورية دفعت الزعيم الشهيد إلى إعلان القرار الشجاع بالدعوة إلى الثورة وإطلاق وصاياه العشر التي أصبحت اليوم منهجًا يسير عليه اليمنيون في الكفاح ضد المليشيا، بينما تواصل مفاعيل الثورة النمو سياسيًا وعسكريًا، لاستكمال تحقيق أهدافها المرسومة، وهذا ما يؤكد أن ثورة ديسمبر لم تمت.

اليوم، وبعد ثمانية أعوام من اندلاعها تجد ثورة ديسمبر في كل شيء يمني، محفورة فيه، وتجسد معانيها في كل مكان باعتبارها حدثًا استثنائيًا، فيما يظل قائدها الشهيد الصالح حيًا في وجدان اليمنيين؛ فلا يمر يوم إلا ونسمع صوته في مواقع التواصل الاجتماعي، أو نسمع ذكراه العطرة في الأوساط الشعبية بمختلف المناطق اليمنية يترحمون على عهده وعليه وينتظرون الخلاص المتصل بفكره ونهجه وقيادته.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

الانتقالي الجنوبي يوجه انذار للرئيس العليمي بمغادرة عدن والا فهو غير مسؤول عن ما قد يحصل اليوم والرئيس يستجيب ويغادر عدن

المشهد الدولي | 1173 قراءة 

ناشطون جنوبيون يحملون اللواء صغير بن عزيز وسلطان العرادة المسؤولية عن التحشيدات العسكرية

الناقد برس | 1046 قراءة 

قوات “درع الوطن” تتسلم عدد من المطارات والمعسكرات من قوات الانتقالي الجنوبي في المهرة وحضرموت

بران برس | 1001 قراءة 

بشرى سارة .. عودة هذا الأمر بين اليمن والسعودية عقب المعارك الأخيرة بحضرموت

كريتر سكاي | 867 قراءة 

“سلطان العرادة” يدعو لعدم الانشغال بالمشاكل الآنية ويخاطب القيادات العسكرية: الناس يعلقون عليكم آمال كبيرة فاحملوا الراية لتحرير البلاد

بران برس | 813 قراءة 

مليشيات الانتقالي الجنوبي تؤكد فك الارتباط والعراده في اجتماع امني كبير قضيتنا تحرير صنعاء تفاصيل

المشهد الدولي | 721 قراءة 

العرادة يصدم الإصلاح بموقفه من احداث حضرموت والشراكة مع الانتقالي

نافذة اليمن | 720 قراءة 

تصريح ناري.. حميد الأحمر يعلّق على أحداث سيئون ويحمّل المسؤولية جهتين!! 

موقع الأول | 692 قراءة 

أنباء عن تلقي قوات درع الوطن تحذيرات من هذه الدولة

كريتر سكاي | 606 قراءة 

الشلفي يكشف أسباب مغادرة العليمي قصر معاشيق بعدن إلى السعودية

الموقع بوست | 557 قراءة