آ في مشهد يقترب من الرعب الإنساني، تتخذ مئات العائلات الصومالية في عدن قراراً يائساً بالعودة إلى بلادٍ مزّقتها الحروب، بعدما وصلت معاناتها في اليمن إلى حدّ لم يعد يُحتمل.
في حي البساتين، الملقّب بـآ«مقديشو عدنآ»، يعيش آلاف الصوماليين وسط طرق موحلة تحاصرها القمامة وروائح العفن، وبيوت بالكاد تُصنَّف مأوى.
أطفال نحيلون، أمهات يائسات، ورجال يخرجون كل صباح بلا أمل… لعلهم يجدون لقمة تسدّ رمق أسرهم. عبدالله عمر، الشاب الذي حلم يوماً بعبور اليمن نحو الخليج، وجد نفسه أسيراً لفقر مرعب.
يعمل لساعات مقابل مبلغ لا يتجاوز دولاراً واحداً… وفي بعض الأيام لا يجد شيئاً.
يقول بحسرة: آ«يوم نأكل ويوم على الله… هذه حياتناآ».
ومع انهيار فرص العمل وارتفاع البطالة في عدن بشكل غير مسبوق، بدأت موجة عودة جماعية للاجئين الصوماليين إلى بلادهم، رغم معرفتهم بأنهم يعودون إلى دولة مخضّبة بالعنف وسيطرة الجماعات المسلحة.
المفارقة القاسية: ما فرّوا منه هناك أصبح أرحم مما وجدوه هنا.
الأمم المتحدة تؤكد أن النزاع اليمني، المستمر منذ 2014، دفع البلاد إلى حافة الانهيار الكامل، وترك أكثر من 19.5 مليون إنسان—بينهم آلاف اللاجئين—في مواجهة الجوع والمرض والموت البطيء.
برنامج العودة الطوعية للاجئين، الذي أُطلق قبل سنوات، تحوّل مؤخراً إلى طوق النجاة الأخير للصوماليين. فمعظم العائدين—56% منهم—أقرّوا بأنهم يغادرون لأن اليمن لم يعد يوفر حتى آ«فرصة للبقاء على قيد الحياةآ».
لكن المشهد الأكثر إيلاماً هو وداع العائلات في مطار عدن: أطفال يرتجفون من الخوف، نساء يبكين بصمت، ورجال يحدّقون في الفراغ… لا يحملون معهم سوى الأمل بأن آ«العودة إلى الخطرآ» أفضل من العيش في آ«جحيم اليمنآ».
ومع استعداد الأمم المتحدة لتسيير رحلات جديدة خلال الأسابيع المقبلة، تبدو موجة الهروب هذه مجرد بداية لرحلة أكثر خطورة، تكشف حجم الانهيار الذي بات يلتهم كل من يعيش على أرض اليمن.
وأتس أب
طباعة
تويتر
فيس بوك
جوجل بلاس
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news