يمن إيكو|قصة اقتصاد:
خلال السنوات الأخيرة، اتسع نجاح تجارب زراعة الأرز في اليمن، فمن لحج، إلى حضرموت، إلى حجة إلى الحديدة إلى المحويت، الأمر الذي عزز توجه المزارعين والجمعيات التعاونية الزراعية والجهات الرسمية، نحو إنتاج هذا المحصول الاستراتيجي في ظل ارتفاع فاتورة الاستيراد، وفقاً للأخبار والتقارير التي تداولتها وسائل الإعلام المحلية ورصدها “يمن إيكو”.
ففي لحج- قبل سنوات- حقق المزارع اليمني علي سعيد الوحيري نجاحاً لافتاً في زراعة الأرز بمنطقة الحاسكي بمديرية تُبَن، مستعيناً بخبرات فنية محلية وبذور مستوردة من الهند، ما أثمر محصولاً جيداً خلال ثلاثة أشهر فقط. وشجعت التجربة مزارعين آخرين على التوسع في زراعة الأرز، بدعم من إدارة الحملة الزراعية وبنك التسليف، لتعزيز إنتاج الحبوب في المحافظة، حينها.
وفي حضرموت، سجّل المزارع هود عاشور باسيود- في عام 2019- أول تجربة ناجحة لزراعة الأرز البسمتي في سيئون، معتمداً على بذور باكستانية تكيفت مع المناخ الجاف. وقدم باسيود نموذجاً فريداً لتقليل استهلاك المياه عبر الزراعة على أرض منحدرة ورطوبة طبيعية، مدعّماً نجاحه بأبحاث زراعية وإرشادات علمية، وسط دعوات لتبنّي التجربة رسمياً وتطويرها لتعميمها على المزارعين في الوادي.
وفي أواخر عام 2022م، سجل مزارعو مديريات المغربة والجميمة وأسلم الشرفين ومناطق أخرى في محافظة حجة، تجارب نجاح مبشرة بطفرة زراعية للمحصول، في تحولٍ شجع الجمعيات التعاونية على تفعيل أدوارها في دعم المزارعين، مثل جمعية أسلم التي دشنت حصاد 20 هكتاراً بإنتاج اقترب من 30 طناً، وبدأت بالفعل في تسويق 13 طناً من المحصول، فضلاً عن إطلاق مشاريع موازية تشمل إنشاء وحدات تقشير، ومسوح ميدانية لتأسيس قاعدة بيانات تعتمد عليها برامج الزراعة التعاقدية.
كما شهدت مديرية خيران المحرق تسويق دفعات متوالية من الأرز عبر جمعيتها التعاونية، إلى جانب مبادرات لحماية الحقول من السيول، وبناء مصدات مائية، وتنفيذ حلول هندسية للحفاظ على الأراضي الزراعية، في واحدة من أبرز التجارب التي تجمع بين الإنتاج الزراعي والإدارة المجتمعية للموارد الطبيعية.
وفي وادي مور بالحديدة، تؤكد تجربة أخرى أن وفرة المياه واعتدال الحرارة لعبا دوراً مهماً في نجاح زراعة الأرز، حيث أثمرت التجارب الأولى إنتاجاً مشجعاً مكّن المزارعين من توسيع المساحات واستحداث قنوات ريّ جديدة، استعداداً لتحويل الوادي إلى أحد أهم مصادر الأرز المحلي في غرب اليمن.
ويرى الباحثون الزراعيون أن ازدهار زراعة الأرز في هذه المحافظات يعود إلى تضافر ثلاثة عوامل رئيسية: المعرفة المتداولة بين المزارعين، الأودية والمسطحات المائية المناسبة، وعودة الوعي بقيمة المحاصيل الاستراتيجية في تحقيق الأمن الغذائي، خصوصاً مع ارتفاع فاتورة استيراد المحصول التي تستنزف العملة الصعبة.
وبهذا الامتداد من سيئون إلى تُبَن، من هضاب وجبال حجة، إلى اتساعات التهائم المروية بجريان الأودية إلى مدرجات المحويت تتشكل اليوم قصة يمنية جديدة تُكتب بحبر الإرادة وبذور قليلة، لكنها ورغم قلتها مقارنة بخارطة الاستهلاك تحمل دلالات كبيرة، وتمهد لمسار اقتصادي طموح نحو إنتاج محلي سينعش اقتصاد الريف اليمني ويعيد دوره التاريخي في تأمين الغذاء وبناء اقتصاد مجتمعي قادر على الوقوف على قدميه.
ووفقاً للإحصاءات الرسمية، فإن اليمن تعتمد بشكل كبير على استيراد الأرز لتلبية احتياجاتها المحلية، من دول مثل الهند وتايلاند وماليزيا والصين، وتعد الأخيرة شريكاً تجارياً رئيسياً لليمن، في حين بلغت قيمة الواردات اليمنية من الأرز نحو 70 مليار ريال يمني في عام 2020.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news