تحوّل اليوم العالمي للطفولة في اليمن الذي يصادف 20 نوفمبر من كل عام، إلى مناسبة مؤلمة لتذكير العالم بحجم المأساة التي يعيشها ملايين الأطفال، بعدما أصبحت سنوات الحرب الطويلة كفيلة بطمس أبسط حقوقهم في الغذاء والحماية والتعليم.
وقالت منظمة سام للحقوق والحريات، في تقرير جديد، إن الطفولة في اليمن لم تعد تُحتفى بها، بل أصبحت عنواناً لأعمق أزمة إنسانية يعيشها البلد، حيث يكافح الأطفال يومياً للبقاء وسط الجوع وتفشي الأمراض والنزوح واستمرار الانتهاكات.
وأشارت المنظمة، التي تتخذ من جنيف مقراً لها، إلى أن ملايين الأطفال محرومون من الغذاء والدواء والتعليم، في ظل انهيار المؤسسات وتراجع شبكات الحماية.
وأضافت أن استمرار الحرب لأكثر من عشرة أعوام جعل الحقوق الأساسية للأطفال “امتيازات نادرة”، وسط صمت دولي يُعد إحدى أبرز الثغرات الأخلاقية في الملف اليمني.
وتعكس تقارير منظمات دولية عمق الكارثة؛ إذ وثّقت هيومن رايتس ووتش حاجة 18.2 مليون شخص للمساعدات الإنسانية خلال 2024، بينهم أطفال تضرروا من الهجمات على المدارس والمستشفيات، فيما يستمر تجنيد أكثر من 4,000 طفل في القتال.
وفي مايو 2025 أكد المجلس النرويجي للاجئين أن نصف السكان بحاجة لمساعدات، بينهم 15 مليون امرأة وطفل، بينما يعاني 17.1 مليون شخص من نقص غذائي حاد، و4.5 مليون من النزوح الداخلي.
أما اليونيسف فأوضحت أن 50% من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية، منهم 540 ألف طفل في حالة حرجة، إضافة إلى 1.4 مليون امرأة حامل ومرضعة.
وتحذر منظمات دولية من تحول اليمن إلى ثالث أكبر أزمة غذائية عالمياً، مع وجود 100 مديرية في حالة طوارئ تغذوية، وتوقعات بارتفاع سوء التغذية في الحديدة وتعز بنسبة 15–30% بنهاية 2025.
كما قد يصل عدد المهددين بالجوع إلى 18 مليون شخص مطلع 2026، بينهم 41 ألفاً على شفا المجاعة.
وتتفاقم الأزمة التعليمية كذلك، إذ يحتاج 6.8 مليون طفل إلى دعم عاجل، فيما يبقى 3.2 مليون طفل خارج المدرسة، بينهم 1.6 مليون نازح ونصف مليون من ذوي الإعاقة.
وتشير البيانات إلى أن 65% من المعلمين بلا رواتب وأن آلاف المدارس تحولت لثكنات أو أهداف عسكرية، بينما تعرضت 3,000 مدرسة للتدمير أو إعادة الاستخدام خلال سبع سنوات.
كما وثّق تحالف ميثاق العدالة لليمن بين فبراير 2023 وسبتمبر 2024 ما يقارب 283 انتهاكاً جسيماً ضد الأطفال، ارتكبت جماعة الحوثي 84% منها، شملت القتل والتجنيد والعنف الجنسي والاستهداف المباشر للمرافق المدنية.
وسجّلت سام أكثر من 30 ألف انتهاك منذ 2014 بينها مقتل 5,700 طفل، فيما تُظهر تقارير أممية استمرار حوادث انفجار الألغام، حيث وقع 79 انفجاراً بين أغسطس 2023 ويوليو 2024 خلفت 115 ضحية، معظمهم من الأطفال.
وبيّنت دراسة حول الفقر متعدد الأبعاد لعام 2024 أن نسب حرمان الأطفال تتجاوز 60–70% في مجالات الغذاء والصحة والتعليم والمسكن، وأن ما يقارب 15.9% من الأطفال يعملون، منهم 23.4% في ظروف خطرة.
وفي ختام تقريرها، دعت منظمة سام إلى الالتزام بتسع خطوات عاجلة أبرزها:
– وقف الانتهاكات فوراً وحماية الأطفال من التجنيد.
– تحييد التعليم وصرف رواتب المعلمين وإعادة تأهيل المدارس.
– معالجة الجوع ببرامج مستدامة ودعم نقدي مباشر.
– تسريع عمليات نزع الألغام وضمان وصول المساعدات دون قيود.
– إنشاء آلية دولية مستقلة للمساءلة وجمع الأدلة.
وأكدت المنظمة أن حماية الطفل يجب أن تكون محور أي عملية سلام مستقبلية، لأن إنقاذ جيل كامل اليوم هو الأساس لبناء اليمن غداً.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news