أعد التقرير لـ”يمن ديلي نيوز” حفظ الله الحصماني:
تُعدّ محافظة مأرب، الواقعة على بُعد نحو 170 كيلومتراً شرق صنعاء، أبرز مناطق إنتاج البرتقال في اليمن، إذ يشتهر محصولها بنكهته المتوازنة وجودته العالية، ما جعله الخيار المفضل للمستهلك المحلي، بالتزامن مع بدء خطوات التصدير إلى الخارج بشكل تدريجي.
ورغم وفرة الإنتاج، يواجه هذا القطاع تحديات موسمية، من أبرزها تذبذب الأسعار، ضيق نطاق التسويق، وغياب منظومة حديثة للتخزين. وهي عوامل تفرض ضرورة إيجاد حلول عاجلة للحفاظ على استمرارية الإنتاج، ودعم المزارعين، وتعظيم العائد الاقتصادي للمحافظة.
يُعد المزارع عبدالملك الشاعر من أبرز منتجي الحمضيات في مديرية الوادي، على بعد حوالي 20 كيلومترا عن مركز المحافظة بعد انتقاله من محافظة إب للاستثمار في منطقة آل شبوان.
المزارع الشاعر يمتلك خمس مزارع تضم نحو 15 ألف غرسة متنوعة تعتمد على شبكة ري بالتقطير تغذيها خمسة آبار تختلف ملوحة مياهها من منخفضة إلى مرتفعة ما يمثل تحديا يؤثر على نمو الأشجار وجودة الانتاج.
العناية المركزة
يقول الشاعر لـ “يمن ديلي نيوز” إنه يركز على العناية الدقيقة بالمزارع عبر التقليم وتنظيم الري وإضافة الأسمدة على مدار السنة ما أسهم في إنتاج أصناف مميزة من البرتقال واليوسفي، بينها السكري وأبو شوكة وأبو سرة والمعنق والوزان والحجري.
وأضاف: موسم الجني يستمر من أكتوبر حتى فبراير حيث تنقل الثمار إلى ثلاجات التجار قبل توزيعها في مختلف المحافظات.
وأوضح أن الإنتاج هذا العام كان أفضل من المواسم السابقة من حيث الجودة والكمية مع أسعار مناسبة تشجع المزارعين، لكنه يلفت إلى معاناة التسويق نتيجة غياب سوق مركزي وثلاجات مركزية ما يجعل التجارة موسمية.
يأمل “الشاعر” من مكتب الزراعة والري في المحافظة دعم المزارعين ولو حتى بأبسط الإمكانات، كون ذلك سيساهم بشكل مباشر في جودة الإنتاج واستدامة الزراعة.
“محمد علي” مزارع آخر يعمل في مزرعة تضم نحو 2700 شجرة معظمها من نوع “اليوسفي”، الذي يشهد طلباً كبيراً في الأسواق، يواصل رعاية أشجاره بشكل يومي، رغم الإمكانات المحدودة.
يتحدث محمد علي لـ”يمن ديلي نيوز” عن جملة صعوبات تواجه المزارعين أبرزها ضعف التسويق وغياب ثلاجات مركزية، ما يجعل الدخل مرتبطاً بالموسم فقط ويؤثر على دخلهم.
يأمل محمد علي من مكتب الزراعة تقديم ولو دعم بسيط من أسمدة وشتلات محسنة وإنشاء ثلاجات وسوق منظم لضمان استمرار هذا القطاع الحيوي.
برتقال مأرب الأفضل
إلى ذلك يؤكد المهندس الزراعي “أحمد العزعزي” أن برتقال مأرب يمتلك ميزات عالية غير أن الجودة تختلف بين المزارع حسب التزامها بالمعايير الزراعية الحديثة واستخدام أصول مطعمة.
وأوضح العزعزي لـ”يمن ديلي نيوز” أن بعض مشاكل الإنتاج ترتبط بالعشوائية في الزراعة والإفراط في الري وضعف الإرشاد الزراعي وارتفاع تكاليف المدخلات.
وحذر المهندس الزراعي من الأمراض والآفات مثل تعفن الجذور والحشرة القشرية والذبابة السوداء، داعياً إلى برامج مكافحة جماعية واستخدام أصول مقاومة مثل ثلاثي الأوراق وكاريزوا ورفع منطقة التطعيم.
ولفت العزعزي الى أن إدارة المياه وترشيد استخدامها أصبحت ضرورة ملحة لحماية الزراعة والمخزون الجوفي.
الجودة والأسعار
وحول جودة البرتقال في مأرب يصف المستهلك منير الجعماني برتقال مأرب بأنه “الأفضل نكهة وجودة”، نتيجة خصوبة الأرض وحرص المزارعين، كما أنه الأفضل من حيث أسعاره مقارنة بالبرتقال المستورد.
وأضاف الجمعاني: الأسعار مناسبة والمنتج المحلي أكثر أماناً لخلوّه من المواد الكيميائية، مشدداً على ضرورة توفير ثلاجات مركزية للحفاظ على توافر البرتقال طوال العام ودعم المزارعين باعتباره “واجباً وطنياً”.
ويتفق المستهلك أنور عبدالله مع الجعماني في أن خصوبة الأرض واعتناء المزارعين أسهما في جودة الثمار، داعياً إلى تحسين التسويق والتصدير لفتح أبواب جديدة أمام البرتقال اليمني في الأسواق العالمية.
غياب الدعم الحكومي
ووفقاً للقائم بأعمال مدير مكتب الزراعة المهندس علي قاسم بحيبح، تُزرع الحمضيات في مأب على مساحة تُقدَّر بنحو 6 آلاف هكتار، معظمها في مديرية الوادي ومناطق أخرى محدودة بإنتاج سنوي يصل إلى 240 ألف طن يتم تسويقها في الاسوق المحلية وجزء بسيط يتم تصدره عبر شركه بن فهيد للتصدير.
وقال بحيبح لـ “يمن ديلي نيوز”، إن ارتفاع جودة البرتقال يرتبط بعوامل أهمها الري المنتظم والتسميد والتقليم وطبيعة التربة والمناخ المشمس الذي يمنح الثمار نكهتها الفريدة ويزيد من محتوى السكر فيها.
وذكر “بحيبح” أن الدعم الحكومي تراجع مع توقف البرامج الإرشادية وارتفاع تكاليف الأسمدة والعمالة مع انتشار الأمراض نتيجة الإفراط في الري.
وأوضح أن ضعف التجهيزات التسويقية مثل غياب محطات الفرز والتغليف والثلاجات المركزية يحد من القدرة على تصدير البرتقال رغم إمكاناته العالية للتصدير خاصة للسوق السعودية.
طلب كبير
التاجر “عارف الجعفري” من جانبه يؤكد أن برتقال مأرب يحظى بطلب كبير في الأسواق المحلية، الا أن الأسعار تتغير خلال الموسم بسبب عشوائية التخزين وغياب خطة واضحة للتسويق والتصدير.
وأضاف الجعفري لـ”يمن ديلي نيوز”: تطوير القطاع يحتاج إلى تحسين الفرز والتغليف وتنظيم التخزين وفتح أسواق جديدة للتصدير مع تنسيق مستمر بين الجهات الرسمية والمزارعين والتجار وإنشاء سوق مركزي لتثبيت الأسعار وضمان تسويق مستدام.
ويبقى برتقال مأرب رمزاً للزراعة اليمنية الأصيلة، لكنه لا يزال بحاجة إلى دعم حكومي ومنظومة تسويق حديثة تشمل التخزين، الفرز، التغليف، وإنشاء سوق مركزي، وتحسين التسويق محليا وخارجيا.
ومع هذه الخطوات، يمكن للبرتقال المأربي أن يتحول من محصول موسمي إلى مورد اقتصادي مستدام يعزز الأمن الغذائي ويدعم الاقتصاد الوطني.
مرتبط
الوسوم
مأرب،
اليمن،
البرتقال،
التسويق الزراعي،
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news