أطلق ناشطون وتربويون يمنيون صفارات إنذار عاجلة، محذرين من عملية "تدمير ممنهج وسريع" يتعرض لها قطاع التعليم في المناطق الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الحوثي، واصفين ما يحدث بأنه "أخطر تهديد يواجه مستقبل اليمن وهويته الوطنية".
وفي تقارير وشهادات جمعتها جهات حقوقية وإعلامية، أكد المختصون أن الميليشيا لم تكتفِ بالسيطرة المادية على المؤسسات التعليمية من مدارس ومعاهد وجامعات، بل تجاوزت ذلك إلى تنفيذ خطة محكمة لغسل أدمغة الأجيال الناشئة، وخاصة الأطفال والمراهقين الذين يشكلون النسبة الأكبر من الطلاب.
آلية التخريب: من المناهج إلى السلوك
وأوضح التربويون أن هذه العملية تتم عبر عدة محاور متوازية:
تغييب المناهج الوطنية:
تم استبدال المناهج التعليمية المعتمدة التي تعزز المواطنة والهوية اليمنية الجامعة، بمواد ومقررات جديدة تركز على الأيديولوجية الطائفية للميليشيا، وتُقدّم تاريخ اليمن وحضارته من منظور ضيق ومتحيز.
حشو العقول بأفكار طائفية:
يتم إقحام مفاهيم طائفية ومذهبية متطرفة في مختلف المواد الدراسية، حتى في مواد مثل الرياضيات والعلوم، من خلال مسائل وأمثلة تحمل في طياتها رسائل أيديولوجية. كما يتم فرض أنشطة وفعاليات تروّج لهذه الأفكار تحت مسميات دينية.
ترسيخ مزاعم التميز السلالي:
يعمل الحوثيون على غرس فكرة "التميز" و"الاختيار الإلهي" لعنصرهم ومذهبهم في عقول الطلاب، مما يخلق لديهم شعوراً بالفوقية على بقية مكونات المجتمع اليمني، ويُهيئهم لقبول التسلسل الهرمي القائم على الولاء للميليشيا وليس للوطن.
تقديس المشروع السياسي:
يتم تقديم المشروع السياسي والعسكري للحوثيين على أنه "فريضة دينية" و"واجب مقدس"، ويتم تحويل قادة الميليشيا إلى رموز دينية لا يجوز نقدها أو التشكيك في قراراتها، مما يُذيب الفوارق بين الدين والسياسة لصالح المشروع الحوثي.
استهداف النسيج المجتمعي
وحذرت المصادر من أن هذه الممارسات لا تهدف فقط إلى بناء قاعدة أيديولوجية للميليشيا، بل تهدف إلى تفكيك النسيج الاجتماعي اليمني من جذوره.
فبهدم كل ما يمثل الثوابت الوطنية الجامعة مثل العلم الوطني والنشيد الوطني والتاريخ المشترك، يتم خلق فراغ يتم ملؤه بالولاءات الطائفية والمناطقية الضيقة.
وقال أحد المدرسين في جامعة صنعاء، الذي فضل عدم الكشف عن هويته خوفاً من بطش الميليشيا: "نحن نشهد أمام أعيننا عملية اغتيال للهوية اليمنية.
الطلاب يتخرجون وهم يحملون أفكاراً معادية لبلدهم وتاريخهم، ويرون في المواطن الآخر 'آخراً' يجب مكافحته وليس شريكاً في الوطن".
وخلص الناشطون والتربويون في ختام تحذيراتهم إلى أن الخطر الأكبر يكمن في الأجيال القادمة التي ستتولى قيادة البلاد في المستقبل.
فجيل ينشأ على التفرقة والكراهية والتطرف، ويُحرَم من أسس المواطنة الحقة والانتماء الوطني، لن يكون قادراً على بناء دولة مدنية متحدة ومستقرة، مما يُبقي على اليمن في دائرة الصراع والتخلف لسنوات طويلة قادمة.
وطالبوا المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان والطفولة بالتحرك الفوري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ووصفوا الصمت على هذه الجريمة الفكرية بأنه "مشاركة في تدمير مستقبل شعب بأكمله".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news