يواجه آلاف الموظفين الحكوميين في عدن والمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في جنوب وشرق البلاد تدهوراً مستمراً في مستوى معيشتهم نتيجة تأخر صرف رواتبهم لأشهر.
وعزت الحكومة اليمنية، التي تتخذ من مدينة عدن الساحلية مقراً لها، أسباب التأخير إلى شح الموارد وخلافات إدارية وتنظيمية بشأن عائدات الدولة في المحافظات، بالإضافة إلى توقف الدعم والمنح المالية الخارجية وتأخر الدعم الخليجي.
وقال مسؤولان في البنك المركزي اليمني في عدن لرويترز، طالبا عدم ذكر اسميهما، إن الحكومة تواجه أسوأ أزمة مالية منذ بدء الحرب في 2015، مشيرين إلى أن تلقي 90 مليون دولار من أصل دعم سعودي بقيمة 368 مليون دولار ساعد في صرف جزء من الرواتب المتأخرة وتعويض جزء من النقص الكبير في الإيرادات.
ووفقاً للمستشار الاقتصادي في مكتب رئاسة الجمهورية فارس النجار، تبلغ فاتورة الأجور نحو 83 مليار ريال شهرياً (135 مليون دولار)، بينما وصلت النفقات العامة لعام 2024 إلى نحو تريليوني ريال، غُطي منها 60 إلى 70 بالمئة فقط عبر المنحة السعودية.
إصلاحات مالية تحت الضغط الدولي
وفي مواجهة الغضب الشعبي، أقر مجلس القيادة الرئاسي خطة إصلاحات اقتصادية ومالية وإدارية شاملة، تهدف إلى توحيد الموارد العامة تحت إشراف الحكومة المركزية والبنك المركزي في عدن. وأشارت المصادر إلى أن الخطة تحظى بدعم دولي وإقليمي، لكنها تثير المخاوف داخلياً بسبب إعادة تجميع الموارد تحت سلطة مركزية.
وشددت الرباعية الدولية – الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات – على ضرورة تنفيذ الإصلاحات قبل استئناف تقديم الدعم المالي والمساعدات لليمن. كما حذر صندوق النقد الدولي من الاحتجاز المتواصل للإيرادات في المحافظات، مشيراً إلى أن ذلك أدى إلى تضخم الإيرادات "تحت التسوية" خلال 2023 و2024، وأثر سلباً على الخدمات العامة ووسّع فجوة الثقة بين المواطن والدولة.
آثار مباشرة على المواطنين
ويقول المواطنون وموظفو عدن ولحج وأبين إن تأخر الرواتب انعكس على قدرتهم الشرائية، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والدواء، وانعدام الخدمات الأساسية. كما اضطر العديد منهم إلى الاقتراض لتغطية احتياجاتهم اليومية، بينما يعاني آخرون من نقص حاد في مستلزمات الحياة الأساسية.
وأشار تقرير "المرصد الاقتصادي لليمن" إلى أن محدودية الدعم المقدم من المانحين، وارتفاع الأسعار، وتراجع فرص العمل أجبرت أكثر من 60 بالمئة من الأسر في مناطق الحكومة والحوثيين على اللجوء لآليات تكيف سلبية مثل التسول لتأمين الغذاء.
ويؤكد تقرير البنك الدولي أن استمرار النزاع وغياب الإيرادات يضعف قدرة الحكومة على توفير الخدمات الأساسية، ويجعل تحقيق الاستقرار الاقتصادي أمراً بعيد المنال ما لم يتم تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها دولياً.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news