في واقعة تكشف الوجه القاسي لسياسات جماعة الحوثي تجاه الكوادر التعليمية، تقدّم المعلم
عبده فارع
من مديرية
جبلة
بمحافظة
إب
بشكوى مدوية، بعد أن تم
حرمانه من نصف راتبه
بحجة "عدم الالتزام بالدوام"، رغم تأكيده أنّه لم ينقطع يومًا عن مجمع
الشهداء التعليمي
طوال
28 عامًا متواصلة
.
وظهر فارع في
مقطع فيديو
أمام
بريد جبلة
، معبّرًا عن استيائه وحزنه بعد أن استلم زملاؤه نصف رواتبهم بينما استُثني هو دون مبرر واضح. وقال:
"أنا ما انقطعت يومًا، وما زلت أُدرّس طلابي كما عودتهم، لكن يبدو أن الاستمرارية لم تعد معيارًا… بل العقاب والولاء هما المعيار الآن."
وأوضح فارع أنه قام برفع
وثائق استمراريته في العمل
عبر
مكتب التربية والتعليم في إب
، الذي أحال ملفه بدوره إلى
اللجنة المختصة في صنعاء
، لكن دون أي تجاوب أو تصحيح لوضعه، مؤكدًا أن هذه اللجنة "لا تعبأ" بأوضاع المعلمين، ولا تتعامل بشفافية أو عدالة.
سياسة منظمة: التمييز عبر نصف الراتب
ليست قصة عبده فارع فردية، بل
تمثّل جزءًا من سياسة ممنهجة
تتبعها جماعة الحوثي تجاه المعلمين في المناطق الخاضعة لسيطرتها. إذ تحوّل
صرف نصف الراتب
من كونه أزمة اقتصادية إلى
أداة ضغط وعقاب
، تُستخدم لتصفية الحسابات، وتكافئ الموالين، وتعاقب المخلصين الذين لا يُظهرون "الولاء السياسي".
ووثّقت مصادر تربوية أن المليشيا
أسقطت أسماء آلاف المعلمين
من كشوفات الرواتب بذرائع واهية، مثل "عدم الالتزام"، أو "التزاحم الوظيفي"، بينما يستمر آخرون — رغم غيابهم الفعلي عن المدارس — في استلام رواتبهم كاملة.
أرقام تُنذر بكارثة تعليمية:
أكثر من
80 ألف معلم
في مناطق الحوثي لم يستلموا رواتب منتظمة منذ
2016
.
ما يقارب
12 ألف معلم
تم إخراجهم من كشوفات الرواتب بشكل تعسفي.
المعلم الذي لا يزال على الكشوفات لا يحصل سوى على
50% من راتبه
، وبمتوسط لا يتجاوز
30–40 ألف ريال يمني
شهريًا (أقل من 50 دولارًا أمريكيًا).
رسالة من القلب قبل الراتب
عبده فارع، كغيره من المعلمين، لم يطلب سوى
العدل
. لم يطلب علاوة، ولا منصبًا، بل طلب أن يُدفع له ما كُتِب له بعد عقود من العطاء بين جدران مدارس منهكة تعاني من انهيار البنية التحتية، ونقص الكتب، وغياب الدعم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news