الزُبيدي يوجّه بمرحلة إصلاح شاملة تعيد للدولة هيبتها المؤسسية
إلزام مأرب بتوريد عائداتها إلى عدن.. خطوة سيادية تعيد ضبط الاقتصاد
الانتقالي يرسم ملامح الدولة القادمة على أسس العدالة والشراكة
إرادة سياسية حاسمة تضع حدًا لاقتصاد النفوذ الحزبي وهيمنة مراكز القوى
من عدن تبدأ الإصلاحات.. ومن الجنوب تتجدد الدولة
تعيش العاصمة عدن هذه الأيام حالة من الحراك السياسي والإداري غير المسبوق، يقوده المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة القائد الرئيس عيدروس بن قاسم الزُبيدي، في إطار تنفيذ حزمة الإصلاحات الشاملة التي أعلن عنها مجلس القيادة الرئاسي في 28 أكتوبر 2025.
هذه الإصلاحات تمثل منعطفًا حاسمًا في مسار استعادة الدولة لهيبتها المؤسسية، وإعادة ضبط العلاقة بين مؤسساتها، وتكريس مبدأ الشراكة في إدارة القرار الوطني بعيدًا عن الفردية والهيمنة والعبث بالمال العام الذي نخر جسد الدولة خلال السنوات الماضية.
إن هذا الحراك لا يقتصر على الجانب الإداري أو المالي فحسب، بل يعكس رؤية استراتيجية متكاملة لإعادة بناء الدولة على أسس العدالة والتوازن، وإعادة الاعتبار لعدن باعتبارها العاصمة السياسية ومركز القرار الوطني والسيادي.
إلزام مأرب بتوريد عائداتها.. جوهر الإصلاح المالي والسيادي
في مقدمة القرارات والإصلاحات الأخيرة، جاء القرار الحازم القاضي بـ إلزام محافظة مأرب بتوريد كامل عائداتها النفطية والغازية إلى البنك المركزي في العاصمة عدن.
هذا القرار التاريخي يعيد للدولة سلطتها المالية بعد سنوات من الفوضى التي كانت فيها الموارد تدار خارج الإطار القانوني، وتذهب إلى مراكز نفوذ حزبية تابعة لحزب الإصلاح الذي استغل موارد الدولة في الابتزاز السياسي وتمويل أجندات مشبوهة.
لقد شكّل احتكار مأرب للعائدات طوال الأعوام الماضية خرقًا لمبدأ العدالة الوطنية، وأدى إلى حرمان محافظات الجنوب من حقوقها في التنمية والخدمات، فيما تراكمت الثروات في أيدي قلة حزبية.
واليوم، مع صدور القرار الرئاسي في 28 أكتوبر، تتجه الأنظار إلى مدى التزام جميع الأطراف بتنفيذه فعليًا، باعتباره اختبارًا جديًا لإرادة بناء دولة المؤسسات وإنهاء اقتصاد المكونات ومناطق النفوذ.
الانتقالي.. قوة إصلاحية تصحح المسار وتعيد الانضباط المؤسسي
يقف المجلس الانتقالي الجنوبي اليوم في طليعة القوى الوطنية التي تتحمل مسؤولية تصحيح أداء الحكومة وضبط العلاقة بين مؤسسات الدولة.
فمنذ إعلان الإصلاحات، شرع المجلس في تنظيم العمل الإداري والمالي، وتفعيل الرقابة على الموارد، وضمان وصولها إلى الخزينة العامة بعيدًا عن العبث والمحسوبية.
كما أطلق المجلس حملة لإعادة ترتيب الجبهة الإعلامية الجنوبية، لتصحيح المفاهيم ومواجهة حملات التضليل الممنهجة التي تستهدف القيادة الجنوبية، عبر نشر سردية وطنية موحدة تعبّر عن تطلعات الشعب الجنوبي، وتكشف أبعاد الحرب المركبة التي تُشن على الجنوب من عدة محاور سياسية وإعلامية واقتصادية.
العلاقة مع القوى الشمالية.. وضوح وواقعية في الموقف
أوضح المجلس الانتقالي الجنوبي في خطاباته ومواقفه أن علاقته مع القوى الشمالية تكتيكية ومؤقتة**، تقتصر على مواجهة المليشيات الحوثية كعدو مشترك، دون أن تمس حق الجنوب في **الحرية والسيادة والتنمية المستقلة.
فالمجلس يؤكد باستمرار أن التعاون في الحرب لا يعني التفريط في الثوابت الوطنية، وأن الجنوب لن يقبل أن تكون تلك العلاقة غطاءً لفرض الوصاية أو التمدد السياسي والاقتصادي من أي طرف كان.
هذا الموقف الواقعي المتزن يعكس نضجًا سياسيًا وإدراكًا استراتيجيًا لأهمية التوازن بين مقتضيات المعركة الوطنية ضد الحوثي، وبين الحفاظ على هوية الجنوب وحقه في تقرير مصيره.
الانتقالي ركيزة الاستقرار والشريك الدولي في مكافحة الإرهاب
يتفق المراقبون المحليون والإقليميون على أن المجلس الانتقالي الجنوبي أصبح الركيزة الأساسية للاستقرار السياسي والأمني في الجنوب، وشريكًا فاعلًا في جهود مكافحة الإرهاب وأمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن.
فالقوات الجنوبية، بفضل دعم القيادة السياسية للمجلس، أثبتت قدرتها على تأمين المحافظات الجنوبية وإفشال عشرات المخططات الإرهابية التي استهدفت أمن واستقرار المنطقة.
وقد أظهرت تلك القوات انضباطًا عاليًا ومهنية متقدمة جعلت منها نموذجًا في الكفاءة الأمنية والعسكرية، في وقت عجزت فيه بعض القوى في الشمال عن حماية مناطقها من الانهيار أو الاختراق الحوثي.
إن هذا النجاح يعزز موقع المجلس الانتقالي كشريك موثوق في الإطارين الإقليمي والدولي، ضمن التحالف العربي، وفي منظومة الأمن البحري ومكافحة الإرهاب العالمي.
الحرب المركبة على الجنوب.. أبعادها وأهدافها
ما يتعرض له الجنوب اليوم لا يمكن وصفه بصراع سياسي عابر، بل هو حرب مركبة متعددة الأدوات تستهدف الجنوب على أكثر من جبهة.
فهي حرب اقتصادية عبر إفشال الخدمات وافتعال الأزمات المعيشية، وإعلامية عبر حملات التشويه والتحريض ضد القيادة الجنوبية، وأمنية من خلال محاولات اختراق النسيج المجتمعي وزعزعة الاستقرار.
وتشارك في هذه الحرب أطراف داخلية وخارجية تسعى لإضعاف الجنوب، وتشويه صورته أمام المجتمع الدولي، وتحجيم دوره السياسي المتنامي.
لكن هذه الحرب كشفت بالمقابل عن ارتفاع مستوى الوعي الشعبي الجنوبي، الذي أدرك أن تلك الأزمات مفتعلة وموجهة، وأن الرد عليها يكون بالتماسك ودعم القيادة السياسية.
الدرع الجنوبي للأمن القومي العربي
في الميدان، تواصل القوات المسلحة الجنوبية أداء واجبها الوطني في حماية الأراضي ومكافحة الإرهاب بدعم مباشر من قيادة المجلس الانتقالي.
فقد خاضت هذه القوات **معارك حاسمة ضد تنظيمي القاعدة وداعش في أبين وشبوة، وتمكنت من تطهير مناطق واسعة كانت بؤرًا للإرهاب.
وباتت اليوم تمثل درعًا للأمن القومي الجنوبي والعربي، وسدًا منيعًا أمام محاولات التسلل والتهريب والإرهاب والمخدرات التي تمولها جهات معادية لإغراق الجنوب في الفوضى.
ويؤكد الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي أن تحركات المجلس تأتي ضمن مفهوم دفاعي وطني مسؤول، هدفه حماية مصالح الجنوب وتثبيت توازن الشراكة داخل مجلس القيادة الرئاسي، وليس السعي إلى صدام أو مغامرة سياسية.
وعي شعبي متنامٍ ودعم للقرارات السيادية
من أبرز عناصر القوة التي يمتلكها الجنوب اليوم هو الوعي الشعبي المتزايد، الذي بات يدرك أن معركة السيادة لا تُخاض فقط بالسلاح، بل أيضًا بالإرادة الشعبية والاصطفاف الوطني خلف القرارات الإصلاحية.
فالمواطن الجنوبي أصبح أكثر وعيًا بخطورة الحرب الإعلامية والنفسية، وأكثر تمسكًا بمؤسسات الدولة في العاصمة عدن، رافضًا أي محاولات لزرع الانقسام أو التشكيك في القيادة.
وفي هذا الإطار، يلعب الإعلام الجنوبي الوطني دورًا محوريًا في دعم القرارات السيادية والإصلاحية، وكشف حملات التشويه التي تحاول استهداف رموز القيادة الجنوبية ومؤسساتها.
فالمعركة الإعلامية اليوم لا تقل أهمية عن المعركة الأمنية، وتحتاج إلى تكاتف الجهود الإعلامية الرسمية والمجتمعية لتعزيز الثقة بين المواطن والدولة.
الانتقالي ورؤية الدولة.. سياسة مسؤولة واتزان في المواقف
يعمل المجلس الانتقالي الجنوبي ضمن رؤية وطنية مسؤولة ومدروسة، تهدف إلى حماية مصالح الجنوب والحفاظ على توازن الشراكة داخل مجلس القيادة الرئاسي.
ويبتعد المجلس عن المواقف الانفعالية أو الصدامية، مفضلًا العمل المؤسسي الهادئ الذي يحقق أهداف الجنوب عبر الأدوات القانونية والسياسية، لا عبر ردود الأفعال.
إن هذه السياسة المتزنة منحت المجلس ثقة الداخل والخارج، بوصفه قوة تمارس السياسة بعقلية الدولة، وتعمل وفق منطق المسؤولية الوطنية لا منطق المليشيات أو المكونات المتناحرة.
الإعلام الوطني الجنوبي.. معركة الوعي والبناء
يولي المجلس الانتقالي أهمية كبرى لبناء صورة إعلامية واقعية للجنوب أمام الرأي العام المحلي والدولي، تعكس التطور الإداري والسياسي والأمني الذي تشهده العاصمة عدن والمحافظات المحررة.
فالجنوب اليوم بحاجة إلى إعلام احترافي منظم يواكب المتغيرات، وينقل صورة الجنوب ككيان منفتح، مستقر، قادر على إدارة شؤونه بثقة وكفاءة.
الإعلام الجنوبي لم يعد مجرد وسيلة نقل خبر، بل أصبح ركنًا أساسيًا في معركة تثبيت الهوية الوطنية، وإبراز ما تحقق من نجاحات في ظل القيادة السياسية للمجلس الانتقالي والرئيس الزُبيدي.
الجنوب يرسم ملامح الدولة القادمة
إن ما يجري اليوم في عدن من إصلاحات إدارية ومالية حازمة يؤسس لمرحلة جديدة في مسار بناء الدولة الجنوبية الحديثة؛ دولة قائمة على شفافية والشراكة والمسؤولية الوطنية.
ومع كل خطوة إصلاحية، يثبت الجنوب أنه رقم صعب في معادلة الاستقرار اليمني والإقليمي، وأنه ماضٍ بثقة نحو استعادة دولته وبناء مستقبله بيده، في ظل قيادة رشيدة تدرك تحديات المرحلة وتعمل بمنهجية الدولة ومفهوم المؤسسات.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news