أثارت حادثة احتراق حافلة ركاب في محافظة أبين، والتي أسفرت عن مصرع نحو عشرين شخصًا، موجة واسعة من الغضب والحزن في الشارع اليمني، وسط مطالبات بفتح تحقيق عاجل ومحاسبة الجهات المقصّرة في أداء مهامها الرقابية والخدمية، بعد تكرار مثل هذه الكوارث على الطرق الطويلة والوعرة في البلاد.
وطغى الحزن على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشارع اليمني، وسط تعاطف واسع مع الضحايا الذين تفحمت جثثهم داخل الحافلة في مشهد وصفه ناشطون بـ“الفاجعة الوطنية”.
وتداول يمنيون صورًا ومقاطع من موقع الحادثة مرفقة بعبارات الحزن والغضب، فيما أقيمت في بعض المناطق صلوات الغائب على أرواح الضحايا.
ورأى حقوقيون أن الكارثة كشفت هشاشة منظومة النقل البري في البلاد وغياب الحد الأدنى من معايير السلامة والجاهزية للطوارئ، مطالبين الحكومة ووزارة الداخلية بفتح تحقيق شفاف ومحاسبة كل الجهات المقصّرة، مؤكدين عبر حساباتهم في منصة إكس أن “استمرار هذه الكوارث دون محاسبة يجعل الموت على الطرق جزءًا من المشهد اليومي في اليمن”.
كارثة إنسانية
المحامية هدى الصراري وصفت الحادثة بأنها “كارثة إنسانية بكل المقاييس وجريمة تقصير تتحمل مسؤوليتها مؤسسات الدولة”.
وقالت إن الجهات الرسمية “لم تقم بدورها في الرقابة على حافلات النقل الجماعي وصلاحيتها للسفر، رغم أن أغلب الرحلات تمر عبر طرق وعرة ومهجورة تفتقر للخدمات”.
وأضافت الصراري أن “الحافلة احترقت بالكامل بعد الحادث، بينما فشلت محاولات المواطنين للتواصل مع الدفاع المدني والإسعاف، إذ لم تصل أي فرق إنقاذ حتى بعد أن أتت النيران على كل من بداخلها”.
وأشارت إلى أن “الجهات المعنية أرسلت في اليوم التالي شيولًا للبحث عن الجثث بين الحطام، لكنه تعطل في منتصف الطريق، ما يعكس حجم الإهمال في إدارة الكارثة”.
وسائل غير صالحة
من جانبه، قال الصحفي فتحي بن لزرق إن “الجزء الأكبر من حافلات النقل العاملة بين اليمن غير صالحة حتى لنقل المواشي”مضيفًا أن “هذه الحافلات تُشترى عادة من مزادات في الخارج بعد انتهاء صلاحيتها القانونية، ليُعاد تشغيلها في اليمن رغم عدم مطابقتها لمعايير السلامة”.
وأوضح بن لزرق أن “كارثة أبين ليست الأولى من نوعها، إذ تكررت أكثر من 14 مرة خلال السنوات الست الماضية نتيجة ضعف الرقابة وفساد إجراءات الترخيص”.
وطالب بفتح تحقيق عاجل لمعرفة كيف حصلت تلك الحافلات على تصاريح التشغيل، ومحاسبة الجهات المسؤولة عن منحها. وأضاف: “في أي دولة في العالم، حادثة كهذه كفيلة بإشعال ثورة”.
حرائق تلتهم الأبرياء
أما عضو مجلس الشورى علوي الباشا بن زبع، فاعتبر أن “حادثة أبين المروعة تكرار لمآسٍ شهدتها طرق مشابهة في البلاد، حيث تتحول حوادث الاصطدام إلى حرائق تلتهم أرواح الأبرياء”.
ودعا عضو البرلمان العربي إلى “تشكيل لجنة تقصي حقائق لمحاسبة المقصّرين من شركات النقل وصيانة الطرق والدفاع المدني والسلطات المحلية وشركات التأمين”، مشددًا على ضرورة “سد فجوات خدمات الطوارئ وضمان محاسبة كل من يثبت تقصيره”.
طريق الموت
بدوره، وصف الناشط نجران سويد الطريق الرابط بين أبين وشبوة بأنه “طريق الموت”، مشيرًا إلى أن الحادثة الأخيرة وثّقت مأساة جديدة “بين الحطام والجثث المتفحمة”، فيما تساءل عن سبب غياب الإجراءات الجادة لإنهاء هذه السلسلة من الكوارث المتكررة في المنطقة نفسها.
من جانبه ، قال الناشط فكري مقفع إن “حادثة العرقوب هي الثالثة من نوعها في الموقع ذاته”، معتبرًا أن “تكرار مثل هذه الحوادث يعبّر عن صرخة استغاثة لا تجد استجابة من الجهات المختصة”، ودعا وزارة الداخلية إلى تحمّل مسؤولياتها في الرقابة والمحاسبة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news