كشف العميد الدكتور عمر عبد الكريم، مدير أمن العاصمة صنعاء ما بعد ثورة 2011، عن تفاصيل دقيقة ومعاناة مريرة عاشتها المؤسسة الأمنية والبلاد قبل سقوط العاصمة صنعاء بيد الحوثيين في سبتمبر 2014.
الشهادة، التي أدلى بها العميد عبد الكريم، في مقابلة مع منصة "متن" تلقي الضوء على مسلسل من الأخطاء السياسية المنهجية التي أدت إلى انهيار الدولة وتغلغل قوى الانقلاب وإسقاط اليمن في يد مليشيات الحوثيين.
وأشار العميد الدكتور عمر عبد الكريم إلى أن المؤسسة العسكرية والأمنية تعرضت لعملية "نسف" متكاملة، حيث فقدت الرتب العسكرية قيمتها ومنحت لمن هب ودب، بمن فيهم أطفال وقيادات مليشاوية، وهو ما اعتبره "تفكير سياسي غبي" و"ناقص" أضر بالدولة.
وقد وصف العميد عبد الكريم فترة تعيينه مديرًا لأمن العاصمة صنعاء بعد 2011 بأنها كانت "أعظم تحدي" في حياته، في ظل بلد منقسم ووضع أمني شبه منفلت في العاصمة.
كما انتقد بشدة سياسة المحاصصة التي سيطرت على تعيينات ما بعد 2011، مشيرًا إلى أن القوى السياسية انشغلت بـ"التقاسم" وتعيين أشخاص لا يمتون بصلة للأمن أو الخبرة، ما أدى إلى إضعاف الأجهزة الأمنية لمصلحة خصوم الدولة.
> "هذه المحاصصة هي التي أضرت بالدولة واستغلها علي عبد الله صالح واستغلها الحوثيون... لم يكن هناك تنسيق بين الأجهزة الأمنية، حتى الأمن السياسي والأمن القومي."
♟️ علي عبد الله صالح مفتاح سقوط صنعاء
يؤكد العميد الدكتور عمر عبد الكريم أن سقوط صنعاء بيد الحوثيين لم يكن ليحدث لولا الدور التمهيدي الذي لعبه الرئيس السابق علي عبد الله صالح وبعض معاونيه.
العوامل التي هيأت السقوط وفقًا لشهادته:
* تشكيل اللجان الثلاث: أشار إلى أن صالح شكّل ثلاث لجان (إعلامية، عسكرية، وأمنية) كانت تدير شؤون الدولة من الظل وتعمل على خطة "متوازية ومتعرقة" لإسقاط الدولة.
* إضعاف الحكومة والقيادات: استغل صالح ضعف القيادة السياسية ما بعد 2011 وانشغالها بالصراع على المناصب والمحاصصة، ما أدى إلى "استنزاف طاقة الأمن".
* التغلغل والتمكين للحوثيين: أكد أن الحوثيين لم يكن لهم حضور قوي لولا "معونة علي عبد الله صالح ومعاونيه"، حيث تم تغلغلهم في مؤسسات الدولة وتوفير الغطاء اللازم.
* موقف القيادة السلبي:
وجه العميد عبد الكريم انتقادًا للقيادة الشرعية، وعلى رأسها الرئيس هادي ورئيس الوزراء باسندوة، لوقوفهم "موقفًا سلبيًا" عند تطويق الحوثيين لصنعاء، وإصدار تعليمات للجنود بعدم الصدام معهم، واعتبار ذلك "تسليمًا مسبقًا" للحوثي.
🛂 لحظة الوداع: رفض الانصياع لأبي علي الحاكم
روى العميد عبد الكريم اللحظة الفاصلة التي أكدت سيطرة الحوثيين الفعلية، عندما كان محاصرًا في مكتبه في إدارة الأمن، حيث ذكر أن ضباطًا من المؤتمر أبلغوه أن "أبو علي الحاكم تحت"، ونصحوه بالنزول وتقبيل ركبته، لكنه رفض بشدة، مؤكدًا: "أنا رجل دولة... أخرج وأنا مرفوع الرأس مهما كان".
كما عبّر عن استغرابه وحزنه لعدم اهتمام زملائه السابقين، كالدكتور رشاد العليمي، الذي كان زميله في قرار التعيين بوزارة الداخلية، ووجده يغادر بالطيارة من مطار صنعاء بسهولة في الوقت الذي تم إيقافه هو. واعتبر هذا التصرف ليس من "شيم المروءة العسكرية".
بعد كل هذه الأحداث، اضطر العميد الدكتور عمر عبد الكريم للمغادرة بطلب رسمي من وزير الداخلية وتنسيق مع السفارة الروسية، ليجد في ألمانيا، الدولة المضيفة، الاحترام والتقدير الذي فقده في بلده.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news