حملة اختطافات حوثية تستهدف الحياة السياسية وقيادات الأحزاب – في مقدمتهم أمين عام حزب المؤتمر الشعبي العام غازي أحمد علي محسن
تشهد الساحة السياسية اليمنية موجة جديدة من القمع الممنهج، مع تصاعد حملة الاختطافات التي تنفذها مليشيا الحوثي الإرهابية بحق قيادات وأعضاء الأحزاب السياسية، وعلى رأسهم الأخ غازي أحمد علي محسن، الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي العام، في خطوة تؤكد استمرار المليشيا في سياسة التضييق على العمل الحزبي وقمع أي صوت وطني معارض لمشروعها السلالي.
تصعيد ممنهج ضد القوى الوطنية
خلال الأسابيع الأخيرة، توسّعت عمليات المداهمة والاختطاف التي تنفذها مليشيا الحوثي في عدد من المحافظات، مستهدفة كوادر حزبية بارزة، وقيادات سياسية ونقابية وتربوية. ووفقاً لمصادر سياسية، فإن محافظة ذمار كانت مسرحاً لأحدث هذه الحملات، حيث شنت المليشيا فجر الثلاثاء الماضي حملة مداهمات واسعة طالت العشرات من قيادات وكوادر الأحزاب، إلى جانب شخصيات اجتماعية وأكاديمية، تم اقتيادهم إلى جهات مجهولة بعد مصادرة هواتفهم ومقتنياتهم الشخصية.
المصادر نفسها أكدت أن هذه الممارسات تأتي ضمن مخطط أوسع يهدف إلى شلّ الحياة السياسية، ومنع أي نشاط حزبي مناهض للمليشيا، خصوصاً في ظل تصاعد الغضب الشعبي من تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في مناطق سيطرتها.
الخوف من المشروع الجمهوري
يرى مراقبون أن هذه الحملة تكشف عن عمق التوجس والخوف الذي يعتري مليشيا الحوثي من حزب المؤتمر الشعبي العام ومن بقية القوى السياسية المؤمنة بالجمهورية والدولة المدنية. فالمؤتمر الشعبي العام، الذي كان ولا يزال أحد أبرز الحوامل الوطنية للمشروع الجمهوري، رفض منذ اللحظة الأولى الانقلاب الحوثي على مؤسسات الدولة في سبتمبر 2014، وظل ثابتاً على موقفه الوطني الرافض لمشروع الإمامة والاستبداد.
ويؤكد سياسيون أن استهداف قيادات المؤتمر، وفي مقدمتهم أمينه العام غازي أحمد علي محسن، يعكس نزعة انتقامية لدى الحوثيين تجاه الحزب الذي يمثل رقماً صعباً في المعادلة السياسية، وقاعدة جماهيرية واسعة لا تزال تؤمن بالوطن الجمهوري وبقيم الديمقراطية والتعددية السياسية.
تمسّك بالموقف الوطني رغم القمع
رغم حملات القمع والترهيب، يواصل حزب المؤتمر الشعبي العام ومعه بقية القوى السياسية تمسكهم بمبادئهم الوطنية الراسخة، ورفضهم الانجرار إلى المساومات أو الرضوخ لإملاءات المليشيا. ويؤكد قياديون في الحزب أن هذه الانتهاكات لن تُثنيهم عن مواصلة النضال السياسي والوطني دفاعاً عن اليمن الجمهوري، مؤكدين أن “الاختطاف والسجون لن تكسر إرادة الأحرار، ولن تُخفي فشل مشروع المليشيا أمام صمود اليمنيين”.
في هذا السياق، أدانت قيادات حزبية ومنظمات حقوقية محلية ودولية استمرار حملات الاختطاف والإخفاء القسري التي تمارسها المليشيا ضد الخصوم السياسيين، معتبرةً أن ما يجري “جريمة سياسية مكتملة الأركان” تهدف إلى إلغاء الحياة الحزبية وتكريس حكم شمولي يقوم على القوة والسلاح بدلاً من الحوار والديمقراطية.
انتهاك صارخ للقانون والدستور
تأتي هذه الحملة في ظل غياب تام لأي مظاهر من العدالة أو سيادة القانون في مناطق سيطرة الحوثيين. فالمليشيا – بحسب تقارير حقوقية – حولت مؤسسات الدولة إلى أدوات للقمع والملاحقة، فيما تعمل الأجهزة الأمنية والقضائية تحت أوامر قيادات حوثية لا تخضع لأي رقابة.
قانونيون أكدوا أن اختطاف القيادات الحزبية يُعد انتهاكاً واضحاً للدستور اليمني الذي يكفل حرية الرأي والتعبير والممارسة السياسية، ويمنع تقييد الحريات أو ملاحقة الأفراد بسبب انتماءاتهم السياسية. لكن مليشيا الحوثي، التي قامت على فكرة “الولاية السلالية”، لا تعترف بالدستور ولا بمبدأ التعددية الحزبية، بل ترى في أي نشاط سياسي مستقل تهديداً مباشراً لهيمنتها.
صمت دولي وتفاقم المعاناة
ورغم تزايد الانتهاكات الحوثية بحق السياسيين والنشطاء، إلا أن الصمت الدولي ما يزال مخيّماً على المشهد، وسط دعوات محلية متكررة لمجلس الأمن والمنظمات الأممية إلى التدخل لوقف هذه الممارسات التي تُهدد ما تبقى من الهامش الديمقراطي في اليمن.
وبحسب ناشطين، فإن استمرار المجتمع الدولي في غضّ الطرف عن جرائم الحوثيين شجع المليشيا على المضي في نهجها القمعي دون خوف من المساءلة، فيما تتزايد معاناة المختطفين في سجونها السرية التي تفتقر لأبسط معايير العدالة والإنسانية.
خاتمة: معركة بقاء بين مشروعين
ما يجري اليوم من اعتقالات وملاحقات لقيادات الأحزاب – وفي مقدمتهم غازي أحمد علي محسن – ليس سوى حلقة جديدة في معركة البقاء بين مشروعين متناقضين: مشروع جمهوري وطني يؤمن بالمواطنة والديمقراطية، ومشروع سلالي طائفي يسعى لإعادة حكم الكهنوت والاستبداد.
وبينما تحاول مليشيا الحوثي إخماد الأصوات الوطنية وتكميم الأفواه، يثبت اليمنيون مجدداً أن روح الجمهورية ما تزال حية، وأن القمع لا يمكن أن يطفئ شعلة الحرية في نفوسهم. فالإرهاب السياسي مهما طال أمده، لن يستطيع كسر إرادة شعبٍ آمن بأن الحرية أثمن من الخضوع، وأن اليمن ستبقى جمهورية مهما حاولت المليشيا فرض مشروعها بالقوة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news